رواية «أعشقني» ملحمة إنسانيّة معاصرة ومستقبليّة


جاءتْ رواية «أعشقني» لتمثّلَ ملحمةً إنسانية معاصرة ومستقبليّة عندما طرقتْ باب فنتازيا الخيال العلمي لتبدو واقعيةً أكثر؛لأنّها اعتمدتْ على المحسوسات في الأشياء والانطباعات الحسيّة التي يظهر معناها على الفور دون إضاعة الوقت،ولأنّها أيضاً لن تخرجَ عن عالمها الأصليّ، وهي تسجّل عالمها الخاصّ،فتصنع سينوريوهات لإمكانية بناء إنسانٍ من نوعٍ جديد متحرر من قيود المجتمع..وأحياناً يأتي فيها الحلُّ مشفوعاً بالعاطفة وبجانبها مشكلاً صراعاً بين البيئةِ والعقل,فالبيئة تتمثّل في كلّ ما هو ماديّ وفطري،والعقل يتجلّى في الفلسفةِ والأدب والفن،وقد اختزنتْ الرّوائية د.سناء الشعلان رؤيتها بعناية فائقة؛تسمح بأن يستطيع القارئ أن يتزوّد بنفسه وذلك بمحاولتها تركيز الطاقة في ثماني فصول،مع الاحتفاظ بهذا الشّد العاطفيّ المتمثّل في الخيال العلميّ دون مضايقةٍ لأحد.

إنّ ما يميّز هذه الرواية – من جملة ما يميزها- أنها أنجزتْ العلاقة التّجريبية الموازنة بينها وبين البيئة، ووصلتْ الحبكةُ فيها إلى ذروتها، فكشفت الشخوص الإنسانية ونقاط الإثارة فيها المتمثلة بعناصر التوحيد الضرورية التي هي بمثابة الضّوء في نهاية النفق؛فالمغزى الإنسانيّ واضح،وقد يتجلّى في وحدتين؛ وحدة الشّعور ووحدة الفهم،وربما هناك وحدةٌ ثالثة لتمجيد الروح الإنسانية ,أمّا هيكلها ووظائفها ستبقى تنمو باطراد حتى تُنجزَ بالكامل وبالتّاريخ المحدد.

إذ ن المحتمل أنْ تحصل تغييرات في عمليتي الفراغ والشّد؛إنّ فصول الرّواية جاءت مركبة وخليطاً منتظماً يكمن في الحقيقة، وكلّ الأجزاء تنتظم لتسير نحو نقطة نهائية؛لندرك عندئذٍ أنّ ذلك الشّيء قد.

إنّ جوهر هذه الرواية يتمثّل بقدرة كاتبها على إيجاد تطوّر منطقيّ لشخصية الإنسان بدلاً من عيشهِ في فراغٍ يختفي تحت الأقدام يحكم فيه على نفسه بالعُزلةِ المفتعلة؛إذ قامتْ بإعطاء إجاباتٍ لكلّ الأسئلة المركّبة في حالة استحالته تحرير نفسها.

إن التّوحيد الميكانيكي للإنسان ليس جمعاً لشيئين غير متجانسين فحسب،وإنّما هو ولادةٌ لشيء ما ثالث قد يكون مخفيّاً لا يًرى،وهو أنّ يكفّ المجتمع عن عرقلته،لكنّ الأمور ليست بسيطة هكذا،فإنّ هذا الحاجزُ ليس سريع الزّوال كما ينبغي؛لذا فإنّ شخصيات الفقراء والمتعبين في هذه الرّواية ممتعة جداً ؛ فهذا الإنسان الذي يتوق للحرية، ويعلّق على صدره ميداليات الأمنيات ويطرّز قبعته بالنّجوم،إنّما لا يثيرُ شكّاً في أنّه فقيرٌ روحيّاً،ولكنّه يمتاز بصفاتٍ عديدة فيها أكبرُ ردّ اعتداليّ تجاه المجتمع؛فالتّصادم بين الانغلاق والانفتاح قد لا يبدو محاولةً لإعادة الارتباطات المتقطّعة بين النّاس وبيئاتهم،وكأنّه مفهومٌ غريب بالنّسبة للنّاس الذين يعيشون في إطار عدم الثقة تجاه الإنسان.

من أجل ذلك كلّه تؤكّد الأديبة د.سناء الشعلان أنّ عالم روايتها ليس خيّالياً،وإنما واقعياً بقدر ثقة القارئ بواقعيّة هذا العالم المليء بالأحداث؛فقد درست وبشكل علمي دقيق وفلسفي أيضاً شكل الإنسان بوصفه وحدة بنائيّة واحدة بعيدةً عن الصّور المغطاة بقطعٍ رماديةٍ فحسب.

* بقلم الناقد العراقي: م .عدنان علي /العراق












تعليقات: