الاسراف والتفاخر.. مظاهر سلبية
زارني صديق بسبب وجودي في الخيام وأخذت بنا الأحاديث من الأوضاع العامة في لبنان والخاصة في الخيام ، حتى وصلنا الى الإنتخابات النيابية، ومن ثم الإطعام وقت العزاء عن روح المتوفى ، وفترة العزاء التي قد تمتد احياناً الى اسبوع ، ولامني انني توقفت عن مناشدة اعضاء المجلس البلدي والهيئات الثقافية والإجتماعية في هذا الخصوص .
عام 2014 تناولت هذا الموضوع في عدة مقالات ، ولكن لم نجد آذاناً صاغية من مجموع ما ناشدنا ، واليوم اعود وبناءً على وعدٍ لهذا الصديق اكتب في هذا الموضوع .
عادة تقديم الطعام كما سبق في المقالات ، هي عادة مستحدثة ، ابتدأت على ما أظن في بداية عام 1991 عندما قام اهل المتوفى بعد انتهاء مجلس العزاء لمضي اسبوع على وفاته ، بتقديم البرتقال والموز وبعض الأصناف من الفواكه ، ثم تطورت حتى اصبح تقديم الطعام " بوفيه مفتوح " اوتيل 5 نجوم ، وابتدأت المشكلة عند متوسطي الحال والأدنى ، عندما ارادو أن يجاروا هذا الوضع الجديد ، وأصبح أمراً واقعاً ، مخالف لأبسط تعاليم الأديان : لا تسرفوا ، إن الله لا يحب المسرفين .
اقترحنا يومها على من يرغب تخليداً لذكرى الفقيد التبرع بقدر المستطاع عن روحه الى صندوق ينشأ لمساعدة المحتاجين او لفتح مصانع خفيفة لا يتجاوز رأس مالها 100,000 دولار ، وهذا المبلغ قد يراه البعض كثيراً ، ولكن بحسبة بسيطة ، لو اتبعنا هذا الإسلوب لكان اليوم في الصندوق بالحد الأدنى 1،000,000 دولار .
من عام 2014 لنحتسب بأن الذين توفاهم الله 200 ومتوسط الإنفاق في كل عزاء 5,000 دولار لأصبح كما تقدم في الصندوق 1,000,000دولار بخلاف ناتج التشغيل ، والستر على عائلات كثيرة بإيجاد عمل للشباب والفتيات .
أقنعت احد الأيام اخ لمتوفى بأن يبادروا في هذا العمل " التبرعي " وعرض الأمر على اخوانه وأخواته ، فلاقى معارضة بسبب " اين سنؤدي بوجوهنا أمام أبناء البلد " ونفس الذين عارضوا أقاموا مجلس عزاء في بيروت لم يقدموا فيه اي شئ سوى فنجان القهوة .
وأمثال الأخوة كثيرٌ حددوا في بيروت ايام العزاء والتوقيت ، ولم يستطيعوا التحديد في الخيام ، اليس هذا قمة التناقض ؟ وأليس هذا من العجب العجاب ان يخافوا الناس ولا يخافوا الله في الإسراف ؟
والذين يأكلون عن روح الميت يذكرونه في الوقت نفسه ومن ثم يمضون الى حيث كل من يشاء ، ولكن التصدق بأموال الطعام ،صدقة جارية سيبقى الميت وأهله يُذكرون لسنين .
كونوا في الخيام كما أنتم في بيروت تحديد ايام العزاء وبدون تقديم الطعام واكتسبوا الآجر عند الله .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
تعليقات: