خلال الأسبوع الأول من تشرين الأول من العام الماضي، أبلغ مصرف لبنان المصارف قراره بالتوقف عن منح القروض المدعومة بالليرة اللبنانية. وأعقب القرار تصريح لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مفاده أن رزمة العام 2017 المالية البالغة 1500 مليار ليرة لبنانية قد استنفدت، ترافق ذلك مع إعلانه عن آلية جديدة للقروض المدعومة، الامر الذي أحدث بلبلة واسعة النطاق.
وهكذا وبسحر ساحر توقفت قروض الاسكان في وجه كل شاب لبناني يبحث عن منزل ليأويه ويؤسس عائلة فيه ويكمل حياة طبيعية في بلد باتت كل الاوضاع فيه غير طبيعية، وكأنّ الامل الذي كان يلوح في الافق اغلق في وجهه، حتى اننا لم نعد نسمع سوى عبارات واسئلة "كيف بدي اتجوز وانا ما عندي بيت وحتى منافذ قروض الاسكان التي كنت اتأمل فيها خيرا سدّت في وجهي" و"الى متى نستمر ضحية مسؤولين لا يفكرون الا بمصالحهم الخاصة".. فهل يعود الوضع الى طبيعته وتستأنف القروض السكنية مسارها لتنتهي موجة القلق العارمة التي اصابت المواطنين لا سيما الطامحين الى امتلاك منزل عن طريق القروض المدعومة؟
يرى البروفيسور والخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن ليس مصرف لبنان من أوقف القروض، بل المصارف التجارية، فحاكم مصرف لبنان غيّر آلية التمويل، ولكنه في الوقت نفسه أخذ من موازنة العام 2019 بطلب من رئيس الجمهورية ليموّل المصارف كي تقفل الملفات التي حصلت على موافقة مسبقة للقرض الاسكاني، وبالتالي باتت الاشكالية عند المصارف التي عليها ان تتحمل المسؤولية مع العلم ان مصرف لبنان لم يتوقف عن دعم هذه المصارف وفتح تحقيقاً لمعرفة كيفية استخدام الأموال الخاصة بالقروض السكنية، سيما وان هناك أموالاً تهدر في هذا المجال. واذ يتوقع عجاقة في حديث عبر موقع الكلمة اونلاين عدم حصول أي تغيير قبل اجراء الاستحقاق النيابي وتشكيل الحكومة، يرى امكانية ان تسير الأمور بشكل أسرع في حال طالب رئيس الجمهورية من الحكومة والسلطات النقدية بحل هذه الأزمة، على عكس ما يروّج له البعض بان القروض ستتوقف لأكثر من سنة.
وعن انعكاس القطاع العقاري على القطاع الاقتصادي، يعتبر عجاقة انه حتى اليوم لا يوجد فعلاً عند الحكومة اللبنانية خطة اسكانية واضحة بالنسبة لهذا الأمر، فالقطاع العقاري يشكل بحدود الـ15% من الناتج المحلي الاجمالي، فيما نسبة القروض التي تقدمها المصارف للقطاع الخاص يوجد منها 17% للقطاع العقاري، وهذا يعني ان لها وزن ثقيل جدا على العملية الاقتصادية، واذا انهار هذا القطاع، سيكون هناك مشكلة جدية على الصعيد الاقتصادي مذكّرا بدراسة مكانزي الاقتصادية التي ينتظرها الجميع، وسائلا الحكومة أين أصبحت هذه الدراسة لعلّ الرؤية تتضح أكثر في المجال الاقتصادي اللبناني.
وفيما القروض السكنية بالليرة اللبنانية متوقفة في كل المصارف بما فيها المؤسسة العامة للاسكان، يؤكد المدير العام لمصرف الإسكان جوزيف ساسين ان مصرف الاسكان مستمر في تمويل القروض السكنية بالليرة اللبنانية لمدة عشرين عاما وبفائدة 3.75 بالمئة ولكن بوتيرة نسبيا اقل بالنسبة للعام 2017، مشيرا الى ان المصرف يستعمل امواله الخاصة لتمويل هذه القروض. واذ يشدد ساسين في حديث عبر موقع الكلمة اونلاين على ان وفي ظل الازمة الحالية وتعديل مصرف لبنان آلية تمويل القروض التي كان يمولها مباشرة بالليرة اللبنانية وبفائدة متدنية، من المفترض ان تستعمل المصارف اموالها الخاصة لافتا في هذا الاطار الى ان موضوع السياسة السكنية وقطاع السكن ليست مسؤولية مصرف لبنان، فمصرف لبنان مسؤول عن ضبط التضخم والحفاظ على سعر الليرة اللبنانية وليس تمويل القطاع السكني، انما هي من مسؤولية الدولة وحق المواطن على الدولة ولكن للاسف يضيف ساسين الدولة غائبة عن هذا الموضوع حتى في ظل الازمة الحالية غائبة والكل يصرخ سواء المواطنين الذي يريدون الاقتراض او اصحاب المشاريع المعروضة في السوق على امل ان تحل هذه الازمة بعد الانتخابات النيابية.
* المصدر: الكلمة اونلاين
تعليقات: