هذا مصير العاملة الإثيوبية هاوي


ضربت وعذبت قبل أن يتم رميها على الطريق مضرجة بدمائها، مصابة بنزيف في وجهها، ليتم نقلها الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي، ويفتح مخفر "رأس بيروت" تحقيقاً بالقضية... هي العاملة الاثيوبية هاوي التي تداول ناشطون فيديو لها في ابشع لحظات حياتها، ممددة على الارض في منطقة الروشة والدماء تسيل منها، ما يطرح السؤال عن مصيرها اليوم، ومصير العشرات، لا بل المئات من العاملات الاجنبيات اللواتي يتعرضن لعنف جسدي ومعنوي على يد ربات عملهن؟

"ضرب بآلات حادة"!

مساء الثالث من الشهر الجاري تلقت "كاريتاس لبنان" اتصالاً من مخفر "رأس بيروت" لإيواء العاملة الاثيوبية هاوي. وبحسب ما شرحته مسؤولة قسم العمال الأجانب في "كاريتاس لبنان" حُسْن صيّاح لـ"النهار": "ضربت هاوي بطريقه فظيعة بآلات حادة، قبل ان تضرب كفيلتها رأسها بالباب، ما أدى الى إصابتها بنزيف، وبدلاً من اسعافها ونقلها الى احد المستشفيات، جرى رميها على الطريق". وأضاف :"قبل تسعة أشهر بدأت هاوي العمل في منزل الكفيل الذي لم نتعرف إلى هويته حتى اللحظة، إذ لم نأخذ صورة عن التحقيق الذي انتقل من المخفر الى التحري، ننتظر ان يتم تحديد جلسة لمعرفة باقي التفاصيل، مع العلم ان صاحبة العمل عندما علمت بفتح تحقيق بالقضية سارعت الى رفع دعوى سرقة ضد هاوي ما سيصعّب الامر علينا أكثر".

أمل رغم الألم

اليوم هاوي تقيم في مركز ايواء تابع لـ"كاريتاس لبنان". تتلقى دروساً في الكومبيوتر، بانتظار ان تحل قضيتها وتتمكن من العودة الى بلدها، وعما ان كانت تفكر بالرجوع الى لبنان أجابت: "كلا بالتأكيد". ولفتت الى حال اهلها عندما شاهدوا مقطع الفيديو الذي جرى تداوله على فايسبوك واذاعة الخبر في الإعلام الاثيوبي، قائلة: "تمكنت بفضل "كاريتاس لبنان" من الاتصال بهم وطمأنتهم على وضعي، وهم الآن بانتظار وصولي وإكمال حياتي معهم". كما تطرقت الى ضربها من قبل ربة عملها بعد شهرين من بدء العمل لديها، من دون معرفة السبب "كانت تضربني بشكل يومي، انظري الى آثار الجرح الكبير في صدري".

"ماذا كان سيحل بهاوي لو لم نؤويها"؟ سؤال طرحته صيّاح، قبل أن تشرح: "لدينا اربعة مراكز ايواء، تضم 200 عاملة اجنبية وضع بعضهن الصحي لاسيما النفسي في الحضيض، لا بل منهن من هو قابع في مستشفى الأمراض العقلية، كما نتابع حالات عدة خارج هذه المراكز، مع العلم ان تكلفة متابعة الحالة الواحدة قد تصل الى 10 آلاف دولار، بين ايجار المراكز، والطبابة، واللباس، ومواد النظافة الشخصية، وبطاقة السفر اذا لم يدفعها الكفيل وغيره. أما تمويلنا فمن اربعة مصادر هي: الاتحاد الأوروبي، كاريتاس ألمانيا، كاريتاس النمسا، والدولة الغيطالية عبر جمعية ايطاليه تدعى CELIM".

متابعة متعددة الاتجاهات

منذ سنة 1994 تعمل "كاريتاس لبنان" مع العمال الاجانب واللاجئين، وهي كما قالت صيّاح: "نحن المرجع الوحيد المخول بالتحرك مع الدولة اللبنانية لحماية حقوق العمال الاجانب، لدينا مراكز في كافة المناطق اللبنانية، ومشاريع وبرامج تتعلق بالعمال واللاجئين مباشرة، كما اننا نعمل مع الشركاء خارج لبنان قبل وصول العاملات المحتمل مجيئهن، حيث نخضعهن الى دورات توعية على حقوقهن وواجباتهن، وقد قمنا وما زلنا بتدريبات مع الامن العام لاستقبالهن بشكل لائق، كما اننا نحمي العاملات في الخدمة المنزلية ضمن اتفاقيات مع هذا الجهاز الأمني". لافتة الى ان "لدينا دليل لغوي يستفيد منه العامل الاجنبي وصاحب العمل اللبناني على حد سواء، اضافة الى دليل عن حقوق العاملات وواجباتهن، وخطوط ساخنه لاستقبال الحالات التي تتراوح بين الضرب والايذاء والاغتصاب والاتجار بالبشر وعدم التواصل مع العالم الخارجي وإطعام العاملات والإجبار على تجديد عقد العمل وغيره".

كما تقوم "كاريتاس لبنان" بدورات تدريبية في المدراس والجامعات للتوعية على الأمر نفسه. وأضافت صيّاح: "نعمل مع كافة الاجهزة الامنية والوزارات للبحث عن حلول لمشاكل العمال الاجانب، وقد تم انشاء لجنة التسيير الوطنية لمتابعة كل ما يتعلق بهم برئاسة وزارة العمل وعضوية وزارات عدة، حيث نجتمع مرة في الشهر". وما تلحّ عليه صيّاح: "شد العصب من قبل الضابطة العدلية والقضاة لتسريع الاجراءات المتعلقة بالعمال الاجانب، لاسيما حالات ضحايا الإتجار بالبشر، وإجبار الكفيل على تحمل مسؤوليته تجاه الضحية"... إلا أن اهم ما تقدمه "كاريتاس لبنان": "زرع روح الامل عند المعنّفات لمتابعة حياتهن وعدم التوقف عند الجراح".


تعليقات: