طرابلس:
بعد عطاء تربوي مديد، أنشأت فيه الأجيال المتعاقبة، قضت هند كرم - المعلمة الخمسينية - بسقطة ملتبسة في مدرسة ابن خلدون الرسمية الواقعة في بساتين أبي سمراء. الكل يردد أنها انتحرت. لكن موقع سقوطها بعيدا زهاء ثلاثة أمتار عن جدار المدرسة يشي بأن فرضية الانتحار غير قاطعة، لأن سقوط المنتحر يفترض أن تقع جثته عند أسفل الجدار الذي سقطت عنه بفعل الجاذبية، خاصة متى كان الجسم ممتلئاً وثقيلاً بعض الشيء على ما يبدو على جسم هند بحسب صورة التقطها لها نشطاء في المكان الذي سقطت فيه.
توضح الصورة أن الجسم وقع عند أسفل علبة مولد كهرباء ضخم تابع للمدرسة، ويشكل حاجزاً بين نقطة عبور الجسم لحظة سقوطه، والأرض، ولا بد من دفعة قوية توصل الجسم إلى نقطة بعيدة نوعاً ما عن الجدار.
لم تكن هند تعاني مشكلات عصبية، بحسب شقيقتها التي كانت تنتظر استلام جثمانها في مستشفى الشفاء في أبي سمراء، وتبين أنها مصابة بكسور مختلفة جراء السقوط. بل كانت هند شغوفة بعملها. هو كل ما لديها في الحياة، حيث بدأت التعليم في سن مبكرة من عمرها في مدرسة رسمية في زغرتا، مسقط رأسها، وكانت تحب طلابها الذين عوّضوا عليها عدم الإنجاب، فهي متزوجة من رجل من زغرتا منذ زهاء ١٨ سنة.
شقيقتها تستغرب الحديث عن انتحارها، وتقول إنه "لا مبرر لذلك بحسب ما نعرف عنها. هو أمر مستحيل".
الزوج لا يعمل، رغم ذلك، كانت راضية بحياتها معه لأن المجتمع التقليدي لا يحب الطلاق، وشروط الطلاق عند المسيحيين عامة صعبة، وهي شبه مستحيلة عند الموارنة الملتزمين بقول الانجيل: "ما يجمعه الله لا يفرقه إنسان".
صبيحة رحيلها، حضرت هند إلى مدرسة ابن خلدون للمشاركة في مراقبة الامتحانات الرسمية بحسب ما وزعت مهمتها وزارة التربية الوطنية. وبعد سقوطها كانت حافية القدمين، من دون معرفة السبب.
يشير أهل هند إلى أنها كانت تعاني بعض صعوبات اجتماعية عائلية، والبيت يقوم على أكتافها.
في الأوساط القريبة من المدرسة حيث قضت هند، لا أحد يعرف كيف سقطت بالتحديد. الكل يردد إنه انتحار. ويبقى للتحقيقات الجارية أن تكشف حقيقة وسبب رحيلها.
توضح الصورة أن الجسم وقع عند أسفل علبة مولد الكهرباء، ولا بد من دفعة قوية توصل الجسم إلى نقطة بعيدة نوعاً ما عن الجدار
تعليقات: