«هآرتس» ـــ
تشكّل شهادات المسؤولين الثلاثة الكبار أمام لجنة فينوغراد وثيقة مثيرة، وهي من أهم ما نشر حتى الآن عن النظام الإسرائيلي. حتى بعد الخضوع للرقابة المشددة، فإن الكلام الذي نُشر يُقرأ بانشداد ويبدو كأنه استراق للنظر إلى غرفة نوم الأهل، إذ إنه من النادر أن ينكشف زعماء الدولة أمام الجمهور من دون قناع الخطابات المعدّة مسبقاً والبيانات المختلفة للصحافة ومقابلات نظمت بدقة.
الشعور الأساسي الذي يظهر من الشهادات هو أن الدولة تدار كعمل جانبي. رئيس الحكومة يعتقد أنهم عرضوا عليه خططاً عسكرية، لكنها لم تُبلور خارج النظرية العامة. في زيارته إلى هيئة الأركان قبل الحرب، أبلغه حالوتس وأودي آدم، أنه يمكن الاعتماد على الجيش. جلسة الحكومة الليلية التي تقرر فيها الخروج إلى الحرب، هي في الواقع سباق خطابات فارغة. الوزراء ثرثروا عن «ضربة قاسية» و«رد شديد»، من دون أن يعلموا على ماذا يصوتون بشكل عام. وفي جميع المناقشات والاستشارات نُسي سؤال واحد وبسيط هو: كيف تنجح الخطة العسكرية في تحقيق أهدافها الطموحة التي قدمها أولمرت، وكم يتطلب الأمر من وقت؟ العمل الجانبي استمر حتى في الحرب؛ فلم يعتقد أي شخص أنها ستستمر 33 يوماً، ومن الصعب أن نفهم من الشهادات لماذا حصل ذلك. فقد تعهد أولمرت بالقتال «حتى يعود الجنود المخطوفون»، ويوضح بعد ذلك أن «هناك أموراً نقولها لأنها يجب أن تقال». هناك موقف لأولمرت يرفض احتلال الأراضي وراء الحدود والاحتفاظ بها لوقت طويل. لكنه وجد صعوبة في عرض استراتيجية بديلة للجنة، باستثناء كلام عمومي عن المساعي العسكرية والسياسية المشتركة.
إلى ذلك، يظهر في الشهادات فشل خطير في عمل اللجنة، فقد تجاهلت بالمطلق الجانب الأخلاقي للحرب. لا يوجد أيّ سؤال واحد يلمح إلى قرار المسّ بالمدنيين اللبنانيين. كل تطرّق لضرب البنية التحتية والقرى اللبنانية جرى بمصطلحات عقيمة كالكلفة والمنفعة. مثل، هل هذا يقرب من تحقيق الهدف؟ هل إن هذا الأمر يثير غضباً دولياً؟ من المحزن أن نكتشف أن حياة اللبنانيين غير مهمة في نظر اللجنة، حتى أيضاً في نظر البروفيسورة روت غبيزون، التي ترأست ذات مرة جمعية حقوق الإنسان.
تجاهل استهداف المدنيين أفضى إلى فشل آخر في التحقيق. أولمرت وحالوتس قالا إن استهداف قرية قانا في التاسع والعشرين من شهر تموز كان نقطة تحول سيئة بالنسبة إلى إسرائيل في الحرب. حسب روايتهم، الخطأ في التنفيذ، الذي سبب مقتل عشرات اللبنانيين، حصل في اللحظة التي كان ممكناً فيها تحقيق اتفاق سياسي مريح وإنهاء الحرب من دون الانجرار والتورط براً. اللجنة لم تتعمق في الموضوع، لكن الخطأ في قانا لم يكن كارثة طبيعية. لقد كان نتيجة قرار بضرب منازل في القرية اللبنانية التي أطلق منها كاتيوشا. ومن اتخذ قرار الإغارة هناك، قرر تحمل مخاطرة قتل عدد كبير من المدنيين. إلى جانب المشكلة الأخلاقية، هناك أيضاً المقامرة الفاشلة التي عملت على تمديد الحرب. من الأجدر أن تتطرق اللجنة إلى قضية قانا في التقرير النهائي.
تعليقات: