كرّست حياتها لتربية الاجيال، لتفارق الحياة في آخر يوم عمل لها، وهي في طريق عودتها من مدرسة المقاصد في عرسال الى منزلها في بلدة القرعون... داخل باص لنقل الركاب اصيبت المعلمة ازدهار عبد الحليم بأزمة قلبية يوم الاثنين الماضي، لفظت على اثرها آخر انفاسها على الفور.
مشقة ومقاومة
ثلاثون سنة وازدهار تدرس تلاميذ مرحلة الابتدائي اللغة العربية، كانت كما قال شقيقها عطا لـ"النهار": "معلمة في مدرسة المقاصد في بلدة لالا، الا انه وبعد اقفالها تم نقلها الى عرسال، لم تنفع كل الوساطات التي قمت واياها بها مع المسؤولين السياسيين والمقاصديين ورجال الدين لنقلها الى مدرسة قريبة افتتحت في البقاع وتبعد 20 كلم عن منزلها، فبقيت على مدى سنة تنتقل يومياً مسافة 150 كلم ذهاباً واياباً، في عز البرد والثلج، تخرج من بيتها عند الساعة الخامسة لتعود اليه بعد 12 ساعة".
قاومت ابنة بلدة القرعون، كما قال عطا: "كل الضغوط التي مورست عليها من اجل تقديم استقالتها، بقيت مواظبة على تعليم تلاميذها، وعلى الرغم من حاجتها إلى فحوصات طبية، الا انها أجّلتها الى عطلة الميلاد حينها كي لا تتغيب عن عملها، مع العلم انه كان باستطاعتها تقديم اجازة مرضية، لكن للاسف لم تلق جهودها التقدير من قبل المسؤولين المقاصديين، وأنا أنوي رفع دعوى على أشخاص محددين منهم، لان الأزمة القلبية التي اصيبت بها شقيقتي كانت نتيجة ما عانته من ضغطهم النفسي عليها".
رحلت ازدهار (54 سنة) قبل موعد زفاف ابنتها في شهر ايلول المقبل "رحلت وهي تفكر في كيفية عثورها على وظيفة جديدة لتساعد زوجها في تأمين مصروف المنزل، لاسيما وان لديها ابناً يبلغ من العمر 19 سنة وامامه سنوات دراسية طويلة"، قال عطا ثم اضاف: "خسارتنا كبيرة، تعبت شقيقتي كثيراً في حياتها، لنشر القيم والمبادئ والاخلاق الحميدة، ادت رسالتها بأمانة، مقاومة كل العثرات التي وضعت في طريقها، على رأسها القرار التعسفي بنقلها الى مدرسة تبعد مئات الكيلومترات عن منزلها".
في يوم عملها الاخير، ودعت ازدهار زملاءها ورحلت الى البعيد، لكنها ستبقى في قلوب الجميع، لاسيما تلاميذها الذين تخرجوا وسيتخرجون من الجامعات حاملين شهادات في الطب والهندسة والمحاماة وغيرها الكثير!
تعليقات: