جار الزمن والبشر على اسماعيل.. ضُرب وسُحل وذنبه الوحيد أنه فقير!


تخلت عنه الحياة، فوجد نفسه منذ صغره معيلاً لعائلته، لم يعش طفولته ومراهقته كما غيره من ابناء جيله، فبدلاً من ان تحضنه مقاعد الدراسة تفتّحت عيناه على باقة ورد اجبر على حضنها بين ذراعيه والتنقل بها بين المارة، عارضاً الحب عليهم وفي قلبه وجع العمر، ومع هذا لم يرحمه البعض فكان الضرب والشتم من نصيبه... هو اسماعيل درويش ابن الـ 16 ربيعاً بائع الورد في صور "الذي تعرض للضرب المبرح مرات عدة آخرها كان في الأمس على يدي عناصر من شرطة البلدية"، بحسب ما قالته والدته لـ"النهار".

لم يُرحم

جار الزمن والبشر على اسماعيل، هو الذي هرب مع عائلته من الموت بحثاً عن امان بعيداً من نهر الدم في سوريا، فإذا بدمه يسيل على قارعة الطريق لا لذنب ارتكبه الا لكونه يبحث عن قوته وقوت اشقائه الستة ووالديه، "فوالده عاطل عن العمل، وايجار المنزل 300$ شهرياً لم ندفعه منذ 4 اشهر" بحسب ما قالته والدته لـ"النهار"، مضيفة: "ليس لنا معيل غيره وشقيقه، يومياً يحمل باقة الورد ويتوجه باحثاً عن رزقه، ساعات يمضيها واقفاً على قدميه متنقلاً من مكان إلى آخر من اجل 20 الف ليرة يجمعها آخر الليل، ومع هذا لم يرحمه اربعة عناصر من شرطة البلدية الذين اعتادوا ضربه، لكن في الامس ابرحوه ضربا وسحلوه على شاطئ الرمل، الامر الذي دفع الناس الى الاتصال بالصليب الاحمر حيث تم نقله الى المستشفى اللبناني الايطالي".

"بأي ذنب ضرب"؟!

بعدما اجبر اسماعيل على التخلي عن طريق المدرسة واستبداله بشوارع وسط المدينة، ها هو اليوم يخشى العودة الى الطريق وبيع الورد من جديد، لا بل كما قالت والدته: "يرفض الكلام، لكن عينيه تروي حكايات الوجع والمرارة والذل التي هدّت كيانه، مضيفةً سنين الى عمره لم يعشها بعد". ولفتت الى انه "خرج من المستشفى بعد ان عاينه الأطباء وظهر ان الضربات خارجية، لكن الجرح النفسي عميق، من الصعب ان يلتئم مع السنين، فأي خطأ ارتكبه كي يضرب ويهان على مرأى من الناس"؟!

استنكار وإنكار

موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" ضجّ بخبر ضرب اسماعيل وصوره، حالة من الرفض والاستنكار عبّر عنها الناشطون، واشارت الوالدة الى ان" احد موظفي البلدية استنكر الحادث وعبّر عن حزنه الشديد على اسماعيل، واحتراماً له لم ارفع دعوى على المعتدين". "النهار" حاولت التواصل مع رئيس البلدية حسن دبوق، لكن هاتفه كان خارج الخدمة، وفي اتصال مع نائبه صلاح صبرواي أنكر الحادث قائلا: "هذا الكلام غير صحيح، اشاعات تطلق على البلدية والصور قديمة"، وعند الاستفسار عما قالته والدة اسماعيل من انها ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها للضرب على يد عناصر شرطة البلدية، تعجّب صبرواي طالباً منا التواصل مع رئيس البلدية.

لن يحمل اسماعيل الورد اليوم ويتوجه لبيعه كعادته، ومن قال للذين اعتدوا عليه بالضرب انه فرح بعمله وحرمانه من مقاعد دراسته، هو الان قابع في منزله وكله امل ان تتغير حياته ويعيش براءته!




تعليقات: