على الرغم من حملات التوعية المكثفة التي تقوم بها الجهات المعنية للحد من مخاطر الادمان وتعاطي المخدرات، إلاّ أن نسبة المتعاطين ترتفع عاما بعد عام لأسباب عدة تختلف بين اجتماعية ونفسية. سموم مميتة أحيانا تحوّل الناس وخصوصا الشباب منهم الى عبيد مادة تفقدهم وعيهم وتركيزهم وتسلبهم ارادتهم وتوصلهم الى طريق الهلاك والضياع. فما هي أسباب تفشّي هذه الظاهرة، ما هي عوارضها وكيف يمكن التخلص منها، وما هي آخر الاحصائيات في هذا الصدد? رئيسة تجمع أم النور منى اليازجي سلّطت الضوء على هذا الموضوع والحدث ان للأسباب الاجتماعية دورا أساسيا في جذب الشباب نحو الادمان، واعتبرت ان الأخطاء في التربية الناتجة عن مشاكل عائلية، وعدم مواكبة الأهل لتطور ونمو أولادهم اضافة الى عدم مساعدتهم على تحقيق ذاتهم تؤدي ايضا الى البحث عن طريق منحرفة كتعاطي المخدرات. ورأت ان عمر المراهقة خطر جدا، يمرّ خلاله الصبي أو الفتاة بمراحل غير مستقرة، ويصابان بخلل في الهوية الجنسية ويبحثان عن الحرية بطرق خاصة. وأوضحت اليازجي انه يمكن التنبّه الى تعاطي أولادنا المخدرات من خلال علامات تظهر عليهم منها: العدائية، التقلّب في المزاج، الانزواء والانفراد والهلع غير المبرر، الغياب عن المدرسة والجامعة وإهمال الدروس، فقدان الاهتمام بالهوايات والنشاطات المعتادة، اهمال المظهر الخارجي، ازدياد في المصروف والسرقة، هذا اضافة الى مشاكل جسدية على شكل ألم في الرأس والعضلات، حلقات سوداء حول العينين وشحوب وآثار وخز على اليدين، مع تغيير في انماط الأكل وفقدان الشهية، لأيام أو الاكثار من الأكل. وتؤكد اليازجي ان للأهل دورا مهمّاً في حماية أولادهم عبر تفهمهم واعطائهم الحرية اللازمة وفتح باب الحوار الدائم لمناقشة مشاكلهم ومحاولة ايجاد الحلول لها. وقد أصدر تجمع أم النور، جداول مفصّلة عن المواد الادمانية، وكيفية تعاطيها وتأثيرها على المتعاطين. وتشمل الدراسة التي قام بها تجمع أم النور أيضا بعض الاحصاءات عن عمر المتعاطي وعددهم بحسب السنوات اضافة الى الوضع الاجتماعي، المستوى التعليمي والمواد الادمانية المتعاطاة من قبل المدمنين، (الرسوم البيانية والجداول). وتجدر الاشارة الى ان الاحصائيات الجديدة للعام 2007 يتم التحضير لها وسيتم الاعلان عنها قريبا.
العلاج
والسؤال، في حال التعاطي، كيف تتصرّف المجتمعات العلاجية وما هي الوسائل المتبعة?
تأسست المجتمعات العلاجية لمعالجة مشاكل الادمان منذ حوالى أربعين عاما، وهي مجتمعات بيئية نظيفة، خالية من المخدرات تتبع نموذجا تراتبيا ومراحل علاجية متنوعة تعكس تنامي المستويات للمسؤولية الشخصية والاجتماعية لدى الفرد، حيث تتباين مكانة المقيم وفقا لدرجة تقدمه ويقاس ذلك، أي درجة ما يحرزه المرء من تقدّم، بمدى استعداده لتحمّل مسؤولية متزايدة وان يكشف عن قدرته على التحكم في ذاته، وكلما تقدم المرء في هذا السبيل على منح مكانة أكبر في هذا المجتمع.
تختلف المجتمعات العلاجية عن غيرها من الطرق العلاجية خصوصا في ارتكازها على حياة الجماعة، وهي تعتمد كعاملين أساسيين للتغيير على الفريق المعالج وعلى الأشخاص الذين هم في مرحلة استعادة التعافي، فأعضاء الجماعة يتفاعلون بشكل منظّم وتلقائي للتأثير على المواقف والمفهوم والسلوك المتعلق باستخدام المخدّر.
تتضمن اعادة التأهيل اعادة التعلم واعادة بناء لمجموعة جديدة من المهارات تسمح له بحياة أكثر انتاجية واعادة الاعتبار للقيم وإيلاء الأهمية للصحة الجسدية والعاطفية بالاضافة الى التركيز على حياة الجماعة كعامل أساسي مساعد على التغيير، يأتي المبدأ الأساسي الثاني المرتكز على المساعدة الذاتية، حيث يعتبر المدمن في المرحلة العلاجية، مشاركا أساسيا في عملية التغيير.
تعالج المجتمعات العلاجية الأشخاص ذوي المشاكل المختلفة المتعلقة بالادمان، فغالبا ما يعاني المعالجون من مشاكل حادة كالادمان على أنواع متعددة من المخدرات، التورّط مع النظام الجنائي القضائي، غياب الدعم الايجابي من المجتمع، مشاكل عقلية ونفسية كالانهيار العصبي، القلق النفسي، الاضطراب والضغط النفسي الناتج عن تأثير ما بعد الصدمة، الشخصية العدائية الاجتماعية وغيرها.
أما عن مدة العلاج، فتقول اليازجي: من ناحية المبدأ يتحسّن وضع الأفراد الذين يخضعون لعلاج الادمان على المخدرات بدرجات متفاوتة، لذا لا تحدّد مدة العلاج مسبقا، فالأشخاص الذين يتمّمون علاجهم حتى النهاية يتوصلون الى أفضل النتائج، أما الذين لا يتابعون فتكون الافادة بطيئة وغير مثمرة.
ويمكن القول ان فترة الاقامة تتراوح عادة بين 18 و24 شهرا، فيما ضعف التمويل أجبر العديد على تقصير مدة البقاء الى 12 شهرا.
تعليقات: