الكاتب أحمد حسّان: يليق بالخيام وأهلها أن يكون لهم ساحة عامة نفتخر برونقها وجمالها ودورها الحضاري والعصري المتقدم
لطالما كانت ساحات القرى والبلدات واسطة العقد بين أهلها، والتعبير الصادق والحقيقي عن نسيجهم الإجتماعي وتآلفهم ووحدتهم، والحاضنة الدافئة لأفراحهم وأحزانهم وجلسات الأنس والمسامرة والمناكفة المحببة بينهم، وهي الميدان المفتوح الذي يصحى على أصوات الباعة الجوالين والوافدين من القرى المجاورة والبعيدة، وينام على وقع أقدام الشباب والصبايا في حلقات الدبكة في الأعراس وليالي السهر الصيفية.
لقد احتلت الساحات المكان البارز في التراث الإجتماعي والثقافي والفني للقرى والبلدات اللبنانيّة، والجنوبيّة تحديداً، وكانت الفناء الرحب الذي تحل فيه الخلافات وتعقد المصالحات وتناقش فيه المسائل والمواضيع الجدية والخطيرة التي كانت تواجه الناس وتهدد استقرارهم وثباتهم في ارضهم.
حسناً فعلت بلدية الخيام في تنفيذ مشروع الإستملاكات وسط البلدة، ومسارعتها للإعلان عن توسيع الساحة العامة فيها، والطلب من المهندسين المعماريين من أبناء الخيام إلى لقاء عام بتاريخ 3/10/2018 للتدارس في موضوع تصميم الساحة واطلاق مسابقة لأفضل تصميم "لساحة تراثية" يراعى فيها تاريخ الخيام، والبنية العمرانية الداخلية لها، والمحافظة على بيئتها القروية، مع تحديث هذه الساحة وتطوير دورها بما يتناسب مع متطلبات العصر وطموحات الشباب.
من الجميل أن تجرى مسابقة أيضاً لاختيار أفضل أسم يطلق على الساحة، لكن لو تسنى لي تسمية هذه الساحة لسميتها باسم "ساحة شهداء الخيام" وصنعت لها نصباً يخلد ذكراهم ويحمل أسماءهم، منذ أول شهيد خيامي سقط بعد نكبة فلسطين في العام 1948 ولغاية آخر قافلة الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الأرض والعرض وحماية منعة الوطن واستقلاله وسيادته وعزّته وحريته، ولجعلت هذه الساحة مكاناً للإحتفال بالمناسبات والأعياد الوطنية والدينية، وليس أبهى من أن نحتفل في عيد الإستقلال القادم بوضع أكليل غار على قاعدة هذا النصب تكريماً للأبطال الحقيقيين الذين صنعوا التحرير بدمائهم وتضحياتهم وجراحهم وحجارة بيوتهم وعذابات أسرهم...
كان يمكن أن تسمّى هذه الساحة باسم أحد قائدين ساهما بشكل كبير في إنجاز التحرير، أو كليهما معاً، أقصد بهما دولة الرئيس نبيه بري والأمين العام السيد حسن نصرالله، لكن وبما أن لهذين القائدين رمزية وطنيّة وإقليمية كبيرة، فهما أكبر من أن تحمل إسميهما ساحة عامة، حتى ولو كانت هذه الساحة هي ساحة الخيام، بل يليق باسميهما ساحات العواصم ومرافئها ومطاراتها ومستشفياتها وجامعاتها الوطنية، فهما أجدر من كثير غيرهم ممن أطلقت أسماؤهم على معالم وجادّات ومرافق وصروح وجامعات وطنيّة رئيسية...
يليق بالخيام وأهلها أن يكون لهم ساحة عامة نفتخر برونقها وجمالها ودورها الحضاري والعصري المتقدم، وبهذه المناسبة لا يسعنا إلا تقديم الشكر سلفاً لرئيس وأعضاء المجلس البلدي الذين أعادوا إحياء هذا المشروع من جديد، ولكل ما ساهم وسيساهم في وجودها كلوحة فنية راقية تزين وسط الخيام...
تعليقات: