كان ثلاثاءً حاراً في السابع عشر من تموز عام ١٩٥١. وكنت احرص على العودة للبيت ظهراً في الواحدة والربع. أولاً كي أراه، وثانياً حتى استمع معه لاخبار الظهيرة. وكان حريصاً على سماعها، وكنت اطرب لموسيقى رافيل موءذنةً بها. فرأيته كعادته مطرقاً رأسه بين يديه، ولكنه على غير عادته لم يرفعه ليراني. ولمّا رفعه رأيت عينيه تلمعان. ظهرت علامات الاستعجاب على وجهي لأعرف السبب، فقال لي بصوت متهدّج: رياض! راح رياض! كان يحرص على زيارته عندما يتوجّه لبيروت، وهذا كان يحصل مرّةً في السنة على الأكثر. يعود بعدها ليخبرنا قصصاً عنه.
مرّت السنون وهذا هي عيناي أيضاً تغرورقان على حبيب لم يعرفه، ماجد زوج ليلى صغرى كريماته. وبعدها على عليّا كبراهنّ، أميرة الأدب والبيان وسيدة عصرها. امّا ليلى، وطالما أعجبت بذكائها الحاد وإرادتها الصلبة وقدراتها التنظيمية وصفاتها القيادية، حتّى قيل عنها انَها سرّ ابيها. حاربت كي تكون رئيسة للصليب الأحمر، ترفعه من كبوته، مكمّلةً رسالة السيدة الأم فايزة الجابري الصلح، فلم افلح. وها هي الان تقود الموءسسة المعطاء وتنشر خيرها في ساير الإجراء، أرضاً وسماء. حتّى وصلت الى جنوب الجنوب، الى الخيام. فكان هذا الصرح الذي يشهد لها ولموءسستها كلّ زمان، ويدين لها و لرءيس الموءسسة سموّ الأمير الوليد ابن طلال بالفضل والعرفان.
الم يقل:
الخير في الناس مصنوع إذا جبروا
والشرّ في الناس لا يفنى وان قبروا
وأكثر الناس آلات تحرّكها
أصابع الدهر يوماً ثمّ تنكسر
فافضل الناس قطعان يسير بها
صوت الرعاة ومن لم يمش يندثر
ها هي معالي السيدة ليلى تردّ على شاعرنا الكبير، صانعةً للخير، ناءيةً بنفسها عن ساير القطعان.
* كلمة ألقاها الوزير كرم شكرالله كرم في الإحتفال الفني - الثقافي بعيد الاستقلال الذي أحياه نادي الخيام الثقافي برعايته ورعاية الوزيرة ليلى الصلح حمادة وممثل قائد الجيش ورئيس بلدية الخيام
تعليقات: