بعض النواب الحاضرين لم ينف الخلفية السياسية للنقاش، ومحاولة التعمية على الأمر (Getty)
طافت مجاريرالرملة البيضاء، فضاعت "الطاسة" في تحميل المسؤوليات. ويبدو أن الأمر قد التبس على نواب بيروت الـ14، وقد أخذهم الحرج مما حدث قبل أيام من فضيحة غرق بعض أحياء بيروت، وخصوصاً الرملة البيضاء بمياه المجارير، فعمدوا وفق قول أحدهم لـ"المدن"، إلى تدبير هذا الاجتماع يوم الإثنين، في ساحة النجمة، بعد سلسلة اتصالات فيما بينهم، واتفقوا على التنسيق بين بعضهم البعض.
نقاش وتسوية
ولأن جلّ الأمور تبدو كطوفان المجارير في هذا البلد، وتنفجر في لحظات ثم تعود إلى ما كانت عليه، فإن التسوية التي خرج بها الاجتماع، بعد نقاش استمر لمدة ثلاث ساعات، جاءت على الطريقة المعهودة "لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم"، فقد أستُبدل الإخبار الذي قُدم إلى النيابة العامة التمييزية، بعد تكليف المحامي محمد علي التل بذلك، من صيغة "ضد مجهول" إلى صيغة تشمل "كل المؤسسات والإدارات المعنية شراكة أو تقصيراً أو تواطؤاً وكل من يظهره التحقيق في جريمة سد مجارير الرملة البيضاء".
هذه التسوية جاءت بعد إصرار وتمسك من النائبين محمد خواجة وبولا يعقوبيان بضرورة تحديد الجهة أو الجهات المسؤولة طالما هي معلومة، فلا داعي والحال هذه أن يكون الإخبار "ضد مجهول". وقد ساهم في صياغة نص التسوية نائب حزب الله أمين شري.
ولكن لماذا طال النقاش في هذا الأمر وما هي الخلفية؟
صواب نديم الجميّل
بعض النواب الحاضرين لم ينف لـ"المدن" الخلفية السياسية للنقاش، من دون تحديد هوية النواب الذين حاولوا التعمية على الأمر، كما حاولوا الإبقاء على صيغة الإخبار "ضد مجهول"، فيما اندفع النائب خواجة مع مساندة من زميلته بولا يعقوبيان، في اعتراضه على صيغة "الإخبار ضد مجهول" طالما كل الأمور برأيهما واضحة ومعروفة: فالمشروع معروف ويمكن القول علناً أن الإخبار يجب أن يكون موجّهاً ضد صاحب مشروع الـ"إيدن باي" وكل الإدارات والوزارات والمؤسسات المعنية كالمحافظة والبلدية ومجلس الإنماء والإعمار، فلماذا التجهيل، طالما الكل مكشوف ومعروف، كما أن هذا الموضوع لن يُترَك، والقضية لن تتوقف هنا، لأن هناك عشرات المخالفات على الشاطىء، وهذه ليست سوى واحدة منها.
وإذا كانت النائبة رولا الطبش قد اعتبرت في حديث لـ"المدن" أن "النقاش كان حول وجهات نظر مختلفة، توصلاً إلى التسوية التي خلص إليها الاجتماع"، فإن النائب نديم الجميل أبلغ "المدن" أنه رفض التوقيع على الإخبار. فبرأيه: "هذا ليس دور المجلس النيابي، وإنطلاقاً من وجهة نظر قضائية بحتة نحن مع صيغة دعوة الوزارات والإدارات المعنية لمساءلتها، وهو ما سيجري يوم الإثنين المقبل. ولسنا في وارد التنازل عن مهامنا الرقابية، التي ليست في منزلة تقديم الإخبارات للنيابة العامة التمييزية".
الغائبون والمغيبون
الاجتماع النيابي - القضائي، إذا جاز التعبير، غاب أو غُيّب أو تغيّب عنه كل من الرئيسين سعد الحريري وتمام سلام والنائب نهاد المشنوق، من دون معرفة السبب. والثلاثة بالمناسبة هم من نواب بيروت أيضاً! كذلك تغيّب النائب فؤاد مخزومي بداعي السفر، وغُيب النائب عدنان طرابلسي، الذي أبلغ "المدن" بأنه لم يبلغ بالإجتماع، وهو مع أن تتحمل كل الإدارات والمؤسسات المعنية المسؤولية فيما جرى، وعندما علم بحضور زميليه النائبين أمين شري ومحمد خواجة اعتبر نفسه حاضراً، أما مخزومي فقد أكد مكتبه لـ"المدن" على موقفه الذي دعا فيه لجنة الأشغال والمجلس النيابي والتنفتيش المركزي إلى تشكيل هيئة للتحقيق بما جرى، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة التي أرتكبت بحق بيروت وأهلها .
وفي خلاصة الاجتماع، تم الإتفاق على دعوة كل من وزارة الداخلية والبلديات ووزارة الاشغال العامة والنقل ووزارة الطاقة والمياه، ووزارة العدل ووزارة البيئة، ومجلس الإنماء والإعمار، ومحافظ بيروت ورئيس بلدية بيروت ورئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية وبلدية الغبيري.. للاجتماع بهم نهار الإثنين المقبل، عند الساعة العاشرة صباحاً، في مبنى مكتبة مجلس النواب، وذلك للوقوف عند كافة المعطيات.
حتى النهاية؟!
وأعلن النائب نزيه نجم أن "الإخبار موجه إلى النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود، ضد كل من يظهره التحقيق بأنه على صلة في مسألة التعدي على الأملاك العامة، والإضرار بها، مشاركاً أو محرضاً"، مطالبا "بكل الخرائط حول مشروع الـ"إيدن باي" من المعنيين".
من جهته، قال النائب أمين شري:"ذاهبون إلى القضاء حتى النهاية ولا غطاء لأحد".
أما النائب بولا يعقوبيان فقالت :"هناك معلوم في هذه المسألة، وعلى رغم ذلك، قررت أن أوقع هذا الإخبار والأستاذ محمد خواجه أيضاً، على رغم أنه عملياً ضد مجهول، لنعلن إننا مجمعين لمرة واحدة على الأقل وسنتابع هذه القضية حتى النهاية".
ورداً على سؤال قالت:"اليوم إكتشفت أن وزارة الاشغال سمحت لصاحب الإيدن باي بانشاء مارينا. هذه أول مرة أسمعها في اللجنة، نعم، مارينا تابعة لإيدن باي".
على أي حال، يبدو أن النواب لم يحتملوا رائحة المجارير، فرموا حمل مسؤولية المساءلة والمحاسبة والمراقبة على كاهل المدعي العام. وهذا ربما يشي بمقدار قوة المرتكبين ونفوذهم الواسع وسع البحر وشاطئه.
تعليقات: