بدعوة من الهيئة الإستشارية لملتقى حوار وعطاء بلا حدود نظمت ندوة عن «واقع الفساد في لبنان والسبل الآيلة لمكافحته» وحاضر فيها القاضي مروان عبود ، والخبير الاقتصادي الدكتور حسن مقلد وذلك في مركز توفيق طبارة في بيروت، بحضور شخصيات وفاعليات ووجوه اجتماعية واقتصادية ومالية وتربوية، وادارها الكاتب الدكتور مخايل عوض.
وألقى منسّق الملتقى الدكتور طلال حمود كلمة " اكّد فيها على انّ الوضع اللبناني وصل إلى اقصى درجات الخطورة على كل النواحي السياسية والإجتماعية والبنيوية والإقتصادية والمعيشية ما يحتّم على الجميع تحمل مسؤولياتهم والتصدي لظاهرة الفساد التي تسلّلت إلى كل مؤسسات وإدارات الدولة اللبنانية ما ينذر بإنهيار سريع على كل المستويات وخاصة على مستوى الأمن الإجتماعي والإقتصادي .
ثم كانت مداخلة للقاضي عبود ركز فيها" على انّ ثقافة الفساد اصبحت منذ زمن بعيد ثقافة شعبية ويتقبلها الشعب والرأي العام في لبنان واصبحت في متجذرة في ضميره ووجدانه ولا يقدر ان ينبذها او الوقوف في وجهها . وأشار إلى انه لكي يتم تخلص منها يجب ان نتعود تدريجيا على ثقافة محاربة الفساد وهذا ما سوف يأخذ وقتاً طويلاً . وقال ان هناك الكثير والكثير من الثغرات القانونية التي يفلت منها الفاسدين ومنها على سبيل المثال كل الحصانات التي يتمتع بها الرؤساء والوزراء والنواب والمسؤولين ومستشاريهم الذي يفتحون الشركات والمؤسسات الوهمية بسرعة فائقة لعقد الصفقات في وزارتهم وجني الأرباح الغير مشروعة وبشكل يتعارض كلياً مع القانون . ولفت الى دور تجييش كل العصبيات الحزبية والطائفية التي تمنع في كثير من الأحيان من محاسبة اي فاسد نتيجة شد العصب الطائفي والمذهبي والمناطقي . كذلك اشار ايضا ً إلى الضياع والتعتيم الحاصل على ميزانية الدولة وغياب هذه الميزانية لفترات طويلة اصلاً وعدم السماح بدور جدي لكل مؤسسات الرقابة والتأديب التي لا تلعب الدور الذي كان مطلوباً منها عند تأسيسها في ايام الرئيس شهاب . اخيراً اكد على ان القانون يلعب احيانا دوراً مهما في حماية المفسدين لأنه يسمح بوجود طرق ملتوية وتخفيفية لا تسمح في الكثير من الأحيان بإعادة إسترجاع الأموال المسروقة.
اما مداخلة الدكتور حسن مقلد فقد تقسمت على ثلاث محاور ركز فيها على ان لبنان بحاجة الى عملية إصلاح سياسي -جراجي- تقضي على معظم الطبقة الحاكمة والمتحكمة بشؤون البلاد والعباد والتي تستغل معظم مقدراتها وتتقاسمها منذ اكثر من اربعين سنة او اكثر اي منذ سنة ١٩٨٢ او ما قبل تقريبا . حيث تم تغييب كل مؤسسات الرقابة وغابت كل السياسية الحكيمة التي اضاعت فرص الحلول لعدة مرات وذكر ان المحاولة الحقيقية للإصلاح كانت في عهد وزارة الرئيس عمر كرامي والوزير الياس سابا وهي اسست لبعض الإصلاحات التي اضاعتها الحكومات اللاحقة ولم تستمر على نهجها. ولكنه لم يقفل كلياً باب الحلول الممكنة حتى بإستمرار هذه الطبقة الحاكمة بشرط ان تخفف قليلاً من سرقتها ونهبها وهدرها للمقدرات الوطنية . وقد قدم د مقلد بعض مقترحات الحلول التي تحتاج بمجملها الى إرادة إصلاحية للسياسات الإقتصادية التي اصبحت ريعة بالكامل منذ فترة طويلة وهذا امر مستبعد جدا حالياً في ظل كل التجاذابات الحادة والخلافات العقيمة والعميقة بين اعضاء الطبقة الحاكمة . واشار ان الى ان المؤسسات الدولية تأمرت ايضا على لبنان وقدمت بعض المعلومات الإقتصادية والمالية الخطيرة الى حكومة كردستان والتي وصلت بدورها الى حكومة العدو والذي يستعملها بدوره للضغط المالي على لبنان دون اي تحرك يذكر للحكومة وللمجلس النيابي اللبناني. واشار الى ان هناك بعض الخطوات التي قد تنقذ الوضع وانه قد يمكن الإستفادة بشكل جدي من فرصة الإستفادة من المساهمة في إعمار سوريا والإستفادة بشكل جدي وسريع من الثروة النفطية اللبنانية وكذلك مثلاً من تشييد شبكة قطارات من الممكن ان تربط كل الموانئ اللبنانية فيما بينها ومع اهمه المدن السورية وعبرها إلى الخليج . لكن ما يحصل حتى اليوم لا يبشر بالخير لأن كل إصلاح حقيقي يحتاج إلى أن تتوفر الإرادة القوية لمكافحة الفساد والمحاصصة وهذا ما يتعارض حكما مع مصالح الطبقة الحاكمة. وقد تخلل الندوة مداخلات قيمة لكل الأصدقاء الحاضرين شددت في معظمها على ان الوضع مظلم ويجب إستكمال المواجهة مع هذا الخطر المهدد للكيان اللبناني ويجب ان يستتبع ذلك خطوات لاحقة سوف يتم نقاشها في ندوات ولقاءات قادمة.
تعليقات: