صدر حديثاً عن دار الأمير في بيروت مجموعة قصصية تحت عنوان «اِحكي يا شهرزاد» لمؤلفتها الدكتورة درّية فرحات.
المجموعة التي عرّفتها المُؤلِفة بالتالي:
"شهرزادُ سكتَتْ دهرًّا عن الكلامِ المباحِ عند الصّباح... فالكلامُ في الصباحِ مؤشرٌ لنهايتِها.
الكلامُ مباحٌ سرًّا ..أمّا في العلنِ فهو كلامٌ غير مباح.
هذا وقتُك يا شهرزادُ لتقولي عمّا في خاطركِ وعمّا في قلبكِ من شجونِ الحبِّ والألم ... منَ الانتماءِ إلى الوطنِ والإنسانيّة ... منْ أحاسيسِ الطّفولة.
في ثنايا هذا الكتابِ حكاياتٌ لشهرزادَ منْ هنَا ومنْ هناكَ... مواقفٌ من معاناتِها ومن أزمتِها في مجتمعِها بقالبٍ فنيّ سرديّ...
احكي يا شهرزاد في الصّباح والمساء... في الخفاءِ والعلنِ ...في ريعانِ شبابِكِ وفي أرذلِ العمر..
لأنّ حياتَك ملكُ يديكِ ..."
وكان قدّم للمجموعة القصصية الدكتور محمد حسين بزي ، وممّا جاء في تقديمه:
" أن تكتب عن الأدب؛ يعني أن تغتال كلماتك قبل شرفة الورق ..
يعني أن تنسى نفسك وتسافر عميقًا في روح النص الذي تتنفس .. أن تحياه طويلاً بروحك دون أن تلتفت وراءك؛ إلّا إذا ما انتبهت إلى دمك وقد ازداد ضخّه في عروقك على وقع الجمال.
وأن تعيش الأدب؛ يعني أن تسلبك الدهشة حتى حقك في النقد إلى حين .. هكذا بدأت رحلتي مع جماليّات نصوص العزيزة الدكتورة درّية فرحات في مجموعتها القصصّيّة "اِحكي يا شهرزاد" .
شهرزاد التي كانت يومًا آخر النساء في حياة الملك شهريار، الملك الذي اعتاد أن يتزوج كل ليلة بعذراء ثم يقتلها في الصباح انتقاماً من خيانة زوجته ..
شهرزاد هذه لم تكن مجرّد ابنة وزيره الجريئة؛ والتي تروي له القصص على مراحل مترابطة في "ألف ليلة وليلة" كي تضمن عدم قتلها في الصباح، بل كانت نقلة نوعية في أدب القصّة (الطويلة)، وكانت ذكيّة وفطّنة إلى حدّ أنّها استطاعت البقاء على قيد الأحياء في حياة شهريار، بل وأن تصبح حبيبته وملكته وآخر نسائه.
وكانت شهرزاد (فيما بعد) مصدر إلهام لكثير من الفنّانين، أشهرهم ريمسكي كورساكوف الذي ألّف سيمفونيته الخالدة باسم "شهرزاد".
هكذا غلبت سلطة القصّة (الأدب) سلطة السيف؛ وكانت شهرزاد التي نعرف.
أمّا "شهرزاد" التي تحكي الآن فأمرها مختلف تمامًا، فشهرزاد تلك كانت تحكي من تلقاء نفسها أو من قلق خوفها أو من شدّة حنكتها؛ قلْ ما شئت، لكنّها دون ريب كانت مهجوسة بالانتظار وما سيؤول إليه أمرها.. لكن "شهرزاد" هنا لم تنتظر بأية قصة، من "تعويض" حتى "منتدون"، وقد قاربت الشعر في أواخر قصصّها. ولم تنتظر أية مكافأة، وقد أدلت برأيها صراحًة أو إلماحًا حسب سياقات نصوصها.
"شهرزاد" هنا لم تناضل من أجل أن تبقى (هي) على قيد الحياة كجسد؛ بقدر ما ناضلت لتبقى الحياة على قيد الإنسان كمبدأ يشتعل بالعدل والكرامة، فضلاً عن الحبّ الذي هو أساس المُثل بتعبير الصّوفيّين.
"شهرزاد" هنا تناضل وتهتم بالورد والزرع والوطن والدمع والجمال والمرأة والرجل والحبّ والكبرياء والمجتمع والمحافل العلمية والأكاديمية والتكنولوجيا وتطوير المفاهيم، وأحيانًا تجنح للحفر الفكري لاستخراج المبادئ المؤسّسة للقيم الاجتماعية العليا، وكلّها بحبكة القصة القصيرة، وهنا كانت براعة دريّة فرحات وفرادتها ومائزتها عن شهرزاد الأولى. باختصار، "شهرزاد" هنا؛ أديبة رؤيوية حقَّ لها أن نحتفل بها.
تقع المجموعة في 136 صفحة من القطع المتوسط موزّعة على 34 قصة قصيرة
الدكتورة درّية فرحات
تعليقات: