الأمين العام لـ الحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب
عقد الأمين العام لـ الحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب مؤتمرا صحافيا، ظهر اليوم في مقر الحزب في بيروت، في حضور شخصيات نقابية وتربوية واعضاء المكتب السياسي في الحزب، تحدث فيه عن الازمة السياسية وتفاقم الاوضاع الاقتصادية - الاجتماعية.
وقال غريب: "الى الشارع .... للأنقاذ في مواجهة سياسة الأنهيار"، نداء من الحزب الشيوعي اللبناني. أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، أيتها الاعلاميات والاعلاميون، يواجه لبنان مرحلة من أخطر مراحل تاريخه، الخطر الأول هو الآتي من الخارج، من قبل عدو صهيوني يتربص به لشن حرب عدوانية عليه يحضر لها باطلاق التهديدات والاستفزازات انطلاقا مما يحكى عن وجود أنفاق في جنوبه، وهو العدو الذي يستبيح يوميا سيادة لبنان برا وبحرا وجوا. من هنا أمام هذا الخطر المحدق ندعو جميع الشيوعيين والوطنيين الى ان يكونوا على أهبة الاستعداد لحمل السلاح ومقاومة أي عدوان صهيوني محتمل على لبنان وجنبا الى جنب مع المقاومة والجيش اللبناني".
اضاف: "اما الخطر الثاني فهو الآتي من الداخل، من تفاقم أزمة النظام السياسي الطائفي وسلطته السياسية الفاسدة والعاجزة عن تشكيل حكومة. فسواء تشكلت حكومة أم لم تتشكل، فنحن اللبنانيات واللبنانيين ندفع الثمن في الحالتين معا. فهذه السلطة لا يعنيها من كل ما يجري الا الحفاظ على مصالحها، فهي تتآمر علينا وتستخدم كل أسلحتها: سلاح الافقار وسلاح التخويف والقلق وسلاح الطائفية والمذهبية والفتنة لتجديد سلطتها والتهرب من تحمل مسؤولياتها عن نتائج سياساتها التي أوصلت البلاد الى حافة الانهيار الاقتصادي - الاجتماعي محاولة بذلك تحميلنا نتائج سياساتها التي ستزداد اثقالها اذا ما نجحت بتنفيذ مقررات مؤتمر"سيدر".
وتابع: "سنوات وسنوات ونحن نحذر أطراف السلطة: ان لا أفق لنمط اقتصادكم الريعي، وانتم تتجاهلون وتكابرون، وها هو اليوم على ايديكم يتجه نحو السقوط الكبير، وحدنا نحن قادرون على إنقاذه، فكلنا معا وبقبضات مرفوعة وبأصوات مدوية، تعالوا نحاصرهم، ونستمر في محاصرتهم واينما كانوا: "فالى الشارع للانقاذ...في مواجهة سياسة الانهيار".
وأردف قائلا: "لقد أغدقوا علينا الوعود الوردية، فلم يتحقق أي شيء منها، بل ان ما تحقق هو استفحال الركود الاقتصادي والبطالة وسيطرة الاحتكارات وتزايد الهجرة والفقر والاقصاء الاجتماعي وعدم المساواة، وحيال هذه الحصيلة البائسة: عليهم ان يدفعوا الثمن، وحده الشارع سيطيح هذه السلطة الفاسدة: فالى الشارع، دعوناكم سابقا وندعوكم اليوم".
ورأى "ان السلطة روجت للترياق الآتي من مؤتمر "سيدر واحد"، فماذا فعلت؟ التزمت بخفض العجز بنسبة 1% من الناتج المحلي القائم سنويا، فازداد خلال النصف الأول من هذا العام متجاوزا كل الأرقام القياسية، بسبب زيادة نفقاتهم الجارية بنسبة 25%، في ظل تراجع الايرادات العامة بنسبة 6%، واستمرار التوظيف الزبائني لخمسة آلاف موظف. وفي مواجهة هذا العجز المتمادي وغير المبرر، ندعوكم بأعلى صوتنا: الى الشارع".
وقال: "ثلاثون عاما ونحن ندفع فواتير الكهرباء وديونها المتزايدة، التي بلغت أعباؤها اكثر من 45% من الدين العام المتراكم. وإلسبب صفقات الفيول والبواخر وعقود الصيانة والتوزيع وشبكات تجار العدادات ومشغليهم، والنتيجة كانت ان موضوع الكهرباء كان ولا يزال أكبر "دفرسوار" لنهب الشعب اللبناني. وفي مواجهة هذا النهب المنظم للبنانيين لا نجد من بديل سوى رفع الصوت عاليا وتكرارا: الى الشارع".
وأشار الى "ان السلطة تعهدت بضبط العجوزات في الحسابات الخارجية، فحصل العكس. فصادرات الميزان التجاري لم تغط أكثر من 12% من الواردات، وهو ما ينطبق أيضا على ميزان المدفوعات. وإذ إدعى مصرف لبنان معالجة هذا العجز عبر هندسات مالية، فالحقيقة انه قام بتحويل ما لا يقل عن 7 مليارات دولار من جيوب اللبنانيين الى حفنة صغيرة من المصارف الكبرى والمتمولين. وأمام سرقة موصوفة بهذا الحجم، نشدد أمام شعبنا بالقول الآن وفي كل آن : الى الشارع".
وتابع: "لقد باتت تدفقات العملات الأجنبية الخارجة من لبنان أعلى من تلك الداخلة اليه، ما يعني انخفاضا في معدل نمو الودائع المصرفية، وتراجعا في قدرة المصارف على تمويل عجز الخزينة، وبالتالي بدأ النموذج الاقتصادي الريعي يواجه مشكلة تمويله، وبناء عليه نقول للقوى الحاكمة: إن نموذجكم الاقتصادي الريعي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وقد وصلت "لعبة الطرابيش" التي تديرونها منذ أواسط التسعينيات الى خواتيمها غير الحميدة. وما من سبيل للانقاذ الا برفع الصوت: الى الشارع".
واضاف: "مؤشرات أزمة سياساتكم المدمرة واضحة عبر: ارتفاع تكاليف التعليم والاستشفاء والسكن على المواطنين من خلال اضعاف الجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي والمستشفيات الحكومية وعبر قانون الإيجارات ونهب القروض السكنية المخصصة للشباب وأصحاب الدخل المحدود، وعبر تهديداتكم الرعناء بزيادة خمسة آلاف ليرة على صفيحة البنزين وزيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 15%، وتخفيض التقاعد وحقوق المتقاعدين وتجميد سلسلة الرتب والرواتب، وصولا الى تأكيد وزير المال النضوب الكامل في إحتياط الخزينة، واعلان جمعية المصارف ومصرف لبنان عن عدم استعدادهما (وقدرتهما) لتمويل أي زيادة في اصدارات سندات الخزينة، واستخدام وزارة المال لإحتياط فرع تعويضات نهاية الخدمة (الضمان الاجتماعي) بغية استكمال ما تبقى من رصيد اكتتابات في الاصدار الأخير لسندات الخزينة، ناهيك عن إحجام الدولة للسنة الثانية عن تسديد ديونها الموثقة الى صندوق الضمان. هذا بالاضافة الى ما يردده المواطنون عن شروط متزايدة يواجهونها في تعاطيهم مع المصارف، كلما أرادوا تحويل مبالغ من الليرة الى الدولار أو من مصرف الى آخر أو من حسابهم في لبنان الى حسابات في الخارج".
وقال: "إن الحزب الشيوعي اللبناني يرفع الصوت عاليا محذرا اللبنانيين عموما والعمال والأجراء والفئات المتوسطة والفقيرة بشكل خاص، من الخطورة الاستثنائية للأزمة الراهنة التي يتحمل مسؤوليتها التحالف الحاكم ونظامه الطائفي وسياساته الاقتصادية - في بعديها الانفاقي والضريبي - المشبعة بالهدر والفساد وانعدام المسؤولية ووضوح الرؤية. فاقتصاد البلد لم يعد بعيدا عن انهيار وشيك، مع احتمال وصول الدولة الى وضع لا تعود قادرة فيه على تمويل إنفاقها على الأجور والتقديمات الصحية وخدمات التعليم الرسمي وغيرها، وكذلك على تسديد خدمة ديونها لا سيما الديون المحررة بالعملات الأجنبية، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر جمة على القطاع الخاص عينه وعلى فرص عمل اللبنانيين عموما ومعيشتهم".
وأعلن انه "استباقا لتداعيات أي انهيار محتمل، ومنعا للقوى المتنفذة التي أوصلت البلد الى هذا المصير الأسود من أن تتحكم هي نفسها بإدارة تبعات الانهيار وتجييره لمصالحها الزبائنية والتحاصصية الخاصة، فان الحزب الشيوعي يدعو الى قيام أوسع تكتل عمالي وشعبي عابر للطوائف - من قوى وأحزاب ونقابات وشخصيات وجمعيات وتيارات مدنية وديمقراطية ويسارية - كي يتصدى لمشاريع الطغمة المالية والزعامات الطائفية الحاكمة، دفاعا عن لقمة عيش العمال والفقراء واللبنانيين عموما وعن مستقبل شبابهم وأولادهم. ويرى الحزب الشيوعي أن هناك ضرورة لا تحتمل التأجيل كي يصار الى تجسيد هذا التكتل الشعبي قوة ضاغطة في الشارع من أجل فرض تحقيق الإجراءات الأساسية والأكثر الحاحا في الظرف الراهن وفي مقدمها:
- إصدار قانون يضمن الحماية الفورية لاحتياط تعويضات نهاية الخدمة العائدة الى مئات الآلاف من العمال والأجراء والموظفين المنتسبين الى الصندوق الوطني للضمان الأجتماعي، وذلك من خلال فرض "عملية تسنيد" لقيمة هذه التعويضات بما يوازيها بالدولار الأميركي على أساس سعر الصرف الراهن البالغ 1500 ل.ل. للدولار الواحد، بحيث لا تتأثر قيمة هذه التعويضات - وهي في الأساس متواضعة - بتبعات أي انهيار محتمل.
- التحرك بكل الوسائل المتاحة - عبر الاعتصامات والتظاهرات الشعبية في المناطق وحول مقرات الرئاسات الثلاث - من أجل فرض جدول زمني واضح ومحدد لأعمال تلزيم وتنفيذ مشاريع مصانع الكهرباء وإصلاح شبكات نقل الطاقة الكهربائية وتوزيعها وتقليص الهدر التقني وغير التقني عليها، وذلك ضمن مهلة لا تتعدى ثمانية عشر شهرا، مع إخضاع مجمل هذه الأعمال لأعلى درجات الشفافية والمساءلة أمام الرأي العام اللبناني.
- إصدار قانون شفاف وصريح يلزم الدولة بإجراء تصحيح للأجور في القطاعين العام والخاص (خصوصا الأجور المحررة بالليرة اللبنانية)، كلما ارتفع معدل التضخم الصادر عن إدارة الاحصاء المركزي عن نسبة خمسة في المئة، بما يضمن الحفاظ على القوة الشرائية للأجور وعلى لقمة عيش جزء كبير من اللبنانيين.
- ممارسة الضغط الشعبي المنظم - وعلى أعلى المستويات - من أجل التغطية الصحية الشاملة والمعالجة الفورية لملف استيراد وترخيص وتسعير الدواء، وصولا الى كسر احتكاره.
- تعديل بنية النظام الضريبي باتجاه اعتماد الضريبة التصاعدية من خلال زيادة معدلاتها على شركات الاموال ومن بينها القطاع المصرفي إلى مستوى لا يقل عن 30%، فضلا عن زيادة الضرائب على الفوائد وأرباح الشركات وفرض ضرائب على الربح العقاري وإخضاع أصحاب المدارس الخاصة والأوقاف العائدة للمؤسسات الدينية للضريبة، ووقف قنوات التهرب الضريبي عبر الشركات القابضة وغيرها. كما ينبغي إعادة النظر بالهندسات المالية الأخيرة، وذلك بهدف استعادة ما قدّمته الدولة (عبر مصرف لبنان) من دعم الى هذه المصارف، أو لتحويل هذا الدعم الى أسهم مملوكة من جانب الدولة.
- اعادة النظر في قانون السرية المصرفية الذي يشكل احد أبواب التهرب الضريبي، وفي هذا الصدد نتحدى جميع المسؤولين الذين تعاقبوا على السلطة وما زالوا ان يعلنوا طوعا للبنانيين عن رفع السرية المصرفية عن حساباتهم المالية في المصارف، فهل يجرأون؟ وفي مطلق الأحوال نحن عازمون على التحرك لمحاكمة المسؤولين الفاسدين الذين نهبوا المال العام واغرقوا البلاد بديون تجاوزت المئة مليار دولار، وهم على نهبهم مستمرون.
وقال: "لقد اوصلت السلطة الحاكمة الازمة الى ذروتها، وهي لا تزال تحاول احياء نموذج اقتصادي اعلن الجميع وفاته. هذه السلطة تقامر بنا كي تحافظ على امتيازاتها، وهي ليست قادرة على اعطاء اي جواب يتعلق بمستوى عيشنا ونوعيته، لا على صعيد العمل والوظائف ولا على صعيد الأجر والصحة والسكن والكهرباء والمياه النظيفة والبيئة... ليس لديها اي جواب على اي شيء، وتهددنا في كل شيء، وبالتالي ان الحلول لمشاكلنا الاقتصادية الاجتماعية هي حلول سياسية تكمن في تغيير هذه السياسات، أي تغيير هذه الدولة الفاشلة وسلطتها الفاسدة وإقامة دولة وطنية ديموقراطية قادرة على تأمين كل هذه الحقوق".
وأشار الى "ان الحزب الشيوعي اللبناني طرح بديله الاقتصادي، الذي يؤسس لاقتصاد منتج في خدمة المجتمع وليس العكس، قادر على منح اللبنانيين فرصة التقدم وتوفير فرص العمل والدخل بما يتناسب مع تطلعات القوى العاملة، ولا سيما الشباب".
وختم: "تحفيزا لقيام التكتل الشعبي المدافع عن مصالح العمال والطبقة الوسطى والفقراء، يعلن الحزب الشيوعي انه يخوض هذه المعركة، جنبا الى جنب مع جميع التقدميين والاحزاب والتيارات اليسارية والديمقراطية والحركات والاتحادات النقابية والهيئات الشبابية والنسائية والاجتماعية والقوى المدنية والأهلية المستقلة، دفاعا عن مصالح الاكثرية المهددة بالمزيد من الخسائر والأعباء. كما يعيد التأكيد على دعوته جميع المتضررين والساعين الى الطمأنينة والتغيير للنزول الى الشارع والمشاركة في التظاهرة الشعبية يوم الأحد الواقع في السادس عشر من كانون الأول الحالي الساعة الحادية عشرة صباحا من امام البنك المركزي باتجاه ساحة رياض الصلح، آملا أن تلقى هذه الدعوة الصدى الايجابي لدى كل من تعز عليه قضية حماية لبنان ولقمة عيش اللبنانيين ومستقبل أبنائهم".
تعليقات: