هل إنّ القطاع العقاري الذي تباهى المستثمرون لفترات طويلة بمناعته ونموِّه المضطرد، يسير نحو مرحلةِ ركودٍ طويل؟
وكيف ستتمّ مواجهةُ هذا الوضع من قبل القطاع المصرفي الذي بلغ حجمُ قروضه الى القطاع العقاري 26,7 مليار دولار، أي 38,4 في المئة من القروض الممنوحة للقطاع الخاص؟
بعد الطفرة غير المسبوقة التي شهدها القطاع العقاري بين العامين 2008 و2011، والتي أدّت الى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، بدأ النشاط العقاري بالتراجع مع اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، لينعدمَ بشكل شبه كامل بعد توقف مصرف لبنان عن دعم القروض السكنية وتدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير في لبنان.
ورغم خفض أسعار الشقق السكنية بأكثر من 30 في المئة، لم يعد في إمكان المطوِّرين العقاريين تحمّل الأعباء والالتزام بتسديد ديونهم المصرفية، فلجأ البعض منهم الى وقف العمل بالمشاريع قيد الإنشاء، خصوصاً في بيروت، في حين عمد البعض الآخر الى التنازل عن شقق غير مباعة لصالح المصارف المُدينة، حيث وصل عدد الشقق السكنية الفارغة في بيروت الإدارية فقط، على سبيل المثال، الى نحو 3600 شقة، تقدَّر قيمتها بين 2,5 و 3,5 مليارات دولار.
ليست بيروت وحدها التي تعاني من ركود عقاري، بل إنّ الحركة في المحافظات كافة مماثلة، فقد تراجعت المبيعات العقارية في الجنوب، بنسبة 19,2 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي مقارنةً مع الفترة ذاتها من العام 2017. وفي محافظة الشمال، تراجعت المبيعات بنسبة 19,4 في المئة خلال الفترة ذاتها، وفق إحصاءات السجلّ العقاري.
فارس
في بارقةِ أمل، وكأحد الحلول الكثيرة المطلوبة لتفادي حصول انهيار عقاري، تمّ في تشرين الأول الماضي إطلاق منصّة للاستثمار العقاري بقيمة 325 مليون دولار في مرحلةٍ أولى، تهدف الى شراء عدد من الشقق التي تعثّر بيعُها.
واوضح أمين سرّ جمعية مطوِّري العقار ورئيس المنصة مسعد فارس لـ «الجمهورية» «أننا اليوم في مرحلة جمع الأموال من مستثمرين عدّة في مقابل رصد وتحديد الشقق التي سيتمّ التسويقُ لها وبيعُها سواءٌ في لبنان أو الخارج.
وقال فارس إنّ الشقق المستهدَفة تقع في مناطق مختلفة، في اليرزة، سن الفيل مروراً بكل مناطق بيروت الإدارية.
ولفت الى أنّ عدد الشقق الفارغة في لبنان غيرُ محدَّد، والأرقام الصادرة في هذا الشأن غيرُ دقيقة، وبالتالي، لا يمكن تحديد النسبة التي ستستهدفها المنصة، «إلّا أنّ المؤكد أننا نهدف الى بيع ما بين 200 الى 250 شقة في الأسواق الخارجية، لكن لا يمكن أن نقيّم تأثير ذلك على السوق. يمكن أن تكون نقطة في بحر، أو أن تكون البحصة التي ستسند الخابية».
ولفت فارس الى أنّ أحد أبرز أسباب تراجع السوق العقارية في لبنان هو تدهور اقتصادات دول الخليج بسبب تراجع أسعار النفط، ما ساهم في إحجام المغتربين اللبنانيين في تلك الدول والمواطنين الخليجيين، عن شراء الشقق في لبنان، بالإضافة الى الأزمة السورية وعوامل محلية مثل توقف القروض السكنية المدعومة وتراجع الوضع الاقتصادي في لبنان أدّت الى تباطؤ القطاع العقاري.
وبالتالي أصبح من الضروري اليوم، استهداف أسواق جديدة ومشترين محتملين في دول لا تعاني اقتصاداتُها من انكماش وتراجع، على غرار أميركا اللاتينية وأميركا الشمالية وأستراليا وأوروبا، التي تضمّ عدداً كبيراً من المغتربين اللبنانيين المستعدّين للاستثمار في لبنان لكنهم يفتقدون عاملَ الثقة ويحتاجون لمَن يوجّههم نحو الاستثمار الآمن.
أما عن الوضع الحالي للقطاع العقاري وما يشاع عن فرضية انهياره، فأكد فارس أنّ السوق العقاري اللبناني سوقٌ صحّي ومنيع، قائلاً: «منذ العام 2011 ونحن نسمع بانهيار محتمل للقطاع العقاري، إلّا أننا لم نرَ لغاية اليوم أيّ انهيارات أو إفلاسات أو فضائح عقارية في سوق يبلغ حجمه 9 مليارات دولار سنوياً».
أضاف: كلّ ما في الامر أنّ القطاع يواجه كغيره من القطاعات بعض الصعوبات نتيجة تراجع الوضع الاقتصادي في لبنان والمنطقة.
ولكنّ الحقيقة واحدة هي أنّ القطاع العقاري في لبنان يتميّز ويرتكز على الندرة في الأراضي، وبالتالي فإنّ أسعار الأراضي لم ولن تنخفض. قد تنخفض أسعار الشقق بسبب تراجع حجم المبيعات ولكن لن تنهار الأسعار، وبالتالي فإنّ الوقت اليوم مناسب للشراء للاستفادة من تلك التخفيضات.
مواضيع ذات صلة:
عقارات مفرزة، صغيرة في وسط الخيام، معروضة للبيع
أرض 1350 م² معروضة للبيع في الخيام
تعليقات: