أيها المعلّم في بلدي

ألى متى يستطيع المعلم أن يقف على رجليه؟
ألى متى يستطيع المعلم أن يقف على رجليه؟


«قُمْ للمعلّمِ وفِّهِ التبجيلا كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا».

لا أعلم إن كان قائل هذا الشعر قد وقف يوماً على حقيقة معاناة المعلّم في لبنان! المعلّم الذي يخرج كلّ يوم من بيته متّجهاً إلى المدرسة التي يدرّس فيها، مرتدياً البذلة اليوميّة نفسها، يسير بخطى متثاقلة ويمجّ سيجارته كأنه يستشيرها، ورأسه كأنه مركّب على كتفيه. همّ المعيشة يضغط على دماغه، يحسب المدخول والمصروف. مرّة يصل بحساباته إلى المعقول وأخرى تكون الفروق شاسعة. هذا الإنسان يربّي أولادنا.

أو هو يعرف عن الدكتور في الجامعة اللبنانية الذي بذل الكثير من الجهد لنيل شهادته وهو يمنّي النفس بالمستوى المعيشي المرموق. لكنه عبثاً يتعب، لأن الدولة المصون منذ أكثر من عشر سنوات لم تقم بتثبيت الأساتذة المدرّسين في جامعتها بمختلف فروعها وهم يتقاضون أجر تعاقد يقارب الحدّ الأدنى للأجور، وهم غير مضمونين صحيّاً ولا تعويض نهاية الخدمة ينتظرهم. والأكثر سخرية هو حسم بعض مستحقّاتهم كلّ سنة بحجّة أنّ الخزينة عاجزة. والأكثر إجحافاً هو الحصريّة التي تفرضها الجامعة اللبنانية على الأساتذة الجامعيين أي لا يمكنهم التعاقد مع جامعة أخرى حين يكونون مدرّسين في الجامعة اللبنانية.

المعلّم، مثله مثل أي إنسان لبناني بحاجة إلى الأمان وبحاجة إلى العيش الكريم وفسحة من التشجيع ليتمكن من إتقان أبحاثه ونشر كتبه بين أبنائنا ليفيدوا من عمله وخبرته. عيد المعلّم باحترام حقوقه، بإنهاضه من البؤس. والخوف من الغد الذي يلاحقنا منذ عقود. نتمنّى لك يا معلّم لبنان أن تلقى مَن يفهم حاجتك أكثر من التبجيل.

تعليقات: