الوزير السابق علي حسن خليل
كشف النائب علي حسن خليل أنّ المعارضة تلقّت اقتراحات جديدة من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وتعاطت معها إيجابًا دون أن تدخل في التفاصيل بإنتظار معرفة موقف الطرف الاخر، متّهمًا الأكثرية بـ"محاولة ادخالنا في مسار جديد لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيدات على صعيد الوضع الداخلي ومزيد من الشرذمة والانفصال".
وقال خليل إنّ المعارضة "مرتاحة على وضعها ولا تعاني من عقدة الموقف" وهي لذلك لم ترسل وفدًا من قبلها لحضور اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة.
وتناول خليل في حديثه الموقف المصري منتقدًا موقف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الـ"منحاز وغير الواقعي" واصفًا إياه بأنّه "يُجافي الحقيقة ويُعقّد الأمور وهو ليس من مصلحة استمرار المبادرة العربية ونجاحها"، كما أكّد أنّ الموقف السعودي مؤثّر على الساحة الداخلية وبإستطاعته أن يلعب دورًا إيجابيًا على صعيد الحل.
كذلك أسهب خليل في حديثه لموقعنا بشرح أسباب التأزّم الذي شهدته البلاد مؤخّرًا منتقدًا الأكثرية "لتعطيلها الحل"، كما تحدّث عن بلبلة أصابت المعارضة في موضوع عودة وزرائها عن استقالاتهم، مؤكّدًا أنّ كلّ احتمالات الضّغط السياسي قائمة لكن تحت سقف عدم الانجرار إلى ما يهدّد السلم والاستقرار الأهلي في لبنان.
وفي ما يلي النصّ الكامل لحديث النائب علي حسن خليل،
شهدنا في اليومين الأخيرين مزيدًا من التأزّم وتبادل الاتهامات، فهل عدنا إلى نقطة الصفر في الخلاف؟
شعرنا وكأن السيناريو يتكرّر مع الأكثرية، هناك محاولة لإجهاض أي بارقة أمل تُفتح أمام اللبنانيين، إنّ كلّ ما حصل بالنسبة لنا هو أنّ أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى اتّصل بالرئيس نبيه بري مساء الإثنين وأعلمه بوجود أفكار جديدة يمكن أن تدفع في اتّجاه إيجاد تسوية، وهذه الأفكار تحتاج إلى المناقشة، سائلًا إذا كان هناك إمكانية لانتداب أحد إلى القاهرة لكي يستمع إلى هذه الأفكار الجديدة بغية مناقشتها، تمامًا كما سيفعل مع الفريق الآخر، فكان جواب الرئيس بري واضحًا أنّنا متمسكون بالمبادرة العربية كما هي وإذا كان هناك من أفكار جديدة فالمطلوب بالدرجة الأولى إنضاجها مع فريق الموالاة وخلق مناخ عربي ضامن لها، وعندها لا مانع من مناقشتها وإرسال موفد من قبلنا الى القاهرة.
هذا كل ما تم تناوله بين الرئيس نبيه بري والسيد عمرو موسى دون أن يكون هناك دخول في التفاصيل، كما حاول البعض مباشرة أو من خلال وسائل الإعلام الخاصة به الإيحاء بأنّ هناك إيعازًا سوريًا أو مبادرةً سورية تتضمّن أفكارًا لم تعط المعارضة رأيًا تفصيليًا فيها، موقفنا كان واضحًا وقد أوضحه الرئيس بري خلال اتصال موسى به، أمّا على المقلب الآخر فكانت هناك محاولة لوضع سقف للنقاش السياسي يحدّ من إمكانية الوصول إلى تفاهم، وبخاصة ما يتعلّق بالانقلاب على الموقف المعلن تاريخيًا من قبل جهات عديدة حول قانون الانتخاب ومحاولة ادخالنا في مسار جديد لن يؤدي إلّا إلى مزيد من التعقيدات على الوضع الداخلي وإلى مزيد من الشرذمة والانفصال.
كان عمرو موسى أوّل من أوحى بأنّ مصدر مقترحاته الجديدة هذه هي سوريا؟
نحن لا يعنينا مصدر هذه المقترحات، تلقّينا الفكرة من السيد عمرو موسى وتعاطينا معها إيجابًا دون الدّخول في التفاصيل بإنتظار معرفة موقف الطرف الآخر، ولكنّ موسى لم يتّصل مجدّدا ولم يعط جواب الطّرف الآخر، وقد وصلنا هذا الجواب بطرق غير مباشرة ومن خلال الهجوم المركّز الذي وصف هذه المبادرة بأنّها إنتاج دولة ما، تمامًا كما وصفت في السابق المبادرة العربية وتفسيرها المنطقي والواقعي القائم على صيغة الـ "عشرة-عشرة-عشرة" بأنها مبادرة سورية ، وهذا يُعطي انطباعًا بأنّ فريق الأكثرية أخذ قرارًا واضحًا بعدم تسهيل الحلّ السياسي في البلد وتحميل أية مبادرة أثقال التعقيدات الإقليمية والوضع العربي - العربي.
هذا في ما يخصّ المبادرة العربية، ولكن ما هي قصة قانون الانتخاب؟
نحن كـ"حركة أمل" لدينا قناعة ثابتة ومشروع يُشكّلان جزءًا من أدبياتنا السياسية يصلان إلى حدّ الثوابت في خطابنا السياسي على مدى العقود الماضية يقومان على أنّ من مصلحة لبنان للدّفع بإتجاه تطوير نظامه السياسي، أن يكون القانون الانتخابي قائمًا على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية، وهذا الامر يُشجّع على العمل الحزبيّ والسياسي ويؤمّن صحّة تمثيل لكلّ شرائح المجتمع اللبناني ويفتح الباب أمام عمل حزبي او كتلوي بعيدًا عن الاصطفافات المذهبية والطائفية وعن تأثيرات المال والعصبيات وغيرها في إنتاج المجلس النيابي اللبناني، لكن ومن خلال قراءة لواقع حقائق الأزمة الداخلية خلال الفترة الماضية ونظرًا لشعور بعض الناس بالقلق والغبن ولشعورنا بأنه يمكن مرحليًا أن نتجاوز هذه القناعة من أجل تعزيز منطق الشراكة الوطنية وإفساح المجال أمام الجميع للانخراط في عملية شراكة حقيقية قبلنا بالقضاء، وذلك بعد أن أعلنت البطريركية المارونية وبشكل واضح رغبتها بأن يُعتمد قانون الانتخاب على اساس القضاء، والثابت أن المتعارف عليه لتفسير هذا الامر هو قانون 1960 والذي هو القانون الوحيد الذي اعتُمد كقانون قائم على أساس القضاء. وللأسف عندما قبلنا وعندما تولّد مناخ عام في البلد يؤشّر إلى إمكانية تمرير مثل هذا القانون، بدأت بعض الأصوات المتضرّرة بالانقلاب على هذه الثابتة وجرى طرح صيغ تحاول أن تُقزّم الأقضية إلى مساحات جغرافية تقوم على المذهبية والطائفية وعلى المصالح الضيّقة، وصيغ يُطرح حولها علامات استفهام كبرى لأنّها ستؤدي في النتيجة إلى إنتاج انقسامات تولّد حروبًا ومصائب على البلد.
من هنا كان موقفنا الذي نشدّد عليه والذي عبّر عنه الرئيس نبيه بري في مقابلته الأخيرة. أمّا إذا كان هناك محاولة للعودة عن القضاء فالعودة ستكون في اتّجاه الدائرة الأوسع وإلّا فلنعد إلى القاعدة التاريخية التي قُسّم لبنان على أساسها جغرافيًا وهي المحافظات الخمس، وإذا أرادوها على قاعدة الأكثرية فليكن، وإذا أرادوها على قاعدة النسبية فليكن وهذا أقرب ما يكون إلى اتّفاق الطائف.
بعد أن كان الخلاف على توزيع الوزراء داخل الحكومة صار على قانون الانتخاب، وكأنّ الأمور تزداد تعقيدًا، لماذا؟
تحدّثت المبادرة العربية عن سلّة متكاملة أتى إقرارها في الجامعة العربية نتيجة تلخيص لطبيعة الأزمة السياسية من جهة، ولعناصر هذه الأزمة التي تتضمّن انتخاب رئيس وتشكيل حكومة واعتماد قانون انتخابات بالإضافة إلى اتّفاق على العناوين السياسية لهذه الحكومة، ونحن لا نريد أن نخرج عن هذه العناوين التي تضمنّتها مبادرة الجامعة العربية، وبالتالي فإنّ كلّ عنصر من هذه العناصر يكتسب أهمية خاصة، لكن ما لاحظناه خلال اللقاءات الرباعية والنقاشات الثنائية التي تمّت بطريقة غير مباشرة بواسطة الأمين العام للجامعة، أنّ جوهر المشكلة لدى زعيم الاكثرية هو قانون الانتخابات الذي يحرص على أن يتجاوز فيه قانون عام 1960، ليكون أقرب ما يكون إلى "قانون غازي كنعان" قانون العام 2000، وهذه مفارقة عجيبة تطرح الكثير من علامات الاستفهام، خصوصًا من قبل بعض القوى المسيحية في الأكثرية نظرًا لكون تجاوز تقسيم بيروت وفق القانون 1960 سيكون من شأنه إلغاء هذا الوجود المسيحي بعد أن همّشه طوال الفترات الماضية.
لماذا لم توفد المعارضة وفدًا إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، هل لاعتقادها بأنّ المبادرة العربية انتهت؟
المبادرة العربية لم تنته بالنسبة إلينا، ونحن نشدّد على أنّ المبادرة العربية لا زالت قائمة وقادرة على أن تُشكّل أساسًا وقاعدةً للتسوية السياسية والحل في البلد إذا ما عدنا إلى نصّ هذه المبادرة وروحها كسلّة متكاملة يجب الاتفاق على بنودها.
بالنسبة لنا لم نُرسل وفدًا إلى القاهرة لانّ الموقف أصبح واضحًا والمذكرة نفسها التي سلمناها في الاجتماع الماضي يمكن أن تكون مذكرةً صالحةً للوضع الحالي، ووفق اعتقادنا أنّ وزراء الخارجية العرب والجامعة العربية ككل أصبحت على اطّلاع دقيق على حقيقة مواقف كلّ الأطراف.
لكنّ الاكثرية أرسلت وفدًا؟
نحن مرتاحون على وضعنا وأعتقد أنّ الموقف الذي تمّ التعبير عنه خلال الاجتماع الرباعي بين الجنرال عون والنائب سعد الحريري بحضور موسى والمطالعة التي قدمها الرئيس بري والتي وضّحت الكثير من الحقائق، هي أمور كافية بالنسبة لنا وليس لدينا عقدة الموقف في هذا الإطار.
وسط هذا الجوّ هل يمكن القول أنّه بات من الصعب عقد جلسة انتخاب الرئيس في موعدها المقبل؟
لا نريد قول هذا، إنّما كما كنا نردّد دائمًا أنّ الفرصة قائمة في أيّ لحظة إذا ما عاد فريق الاكثرية عن تصلّبه وقبل بحقيقة المشاركة وسلّم بنصّ وروح المبادرة العربية وتجاوز منطق التشاطر واللّعب على الرأي العام من خلال شبكة العلاقات العربية والدولية التي يستغلّها لتمرير مكاسب ليست في مصلحة لبنان ولا استقراره.
هل تعتقد أنّ هناك عملية شدّ حبال تزداد كلّما اقترب موعد انعقاد القمة العربية؟
لا شكّ أنّ القمّة العربية تترك أثرًاعلى مواقف الأطراف وتحديدًا المواقف العربية المؤثّرة في واقع الداخل اللبناني، لكن بالنسبة لنا قلنا إنّ القمّة العربية يجب ان تكون عاملًا مساعدًا لحلّ الأزمة السياسية في لبنان وليس أن يتمّ تحميل لبنان أثقال أزمة العلاقات العربية - العربية.
للاسف هناك "عرب" يهربون من مشاكلهم الداخلية ومن مشاكل علاقاتهم مع بعضهم البعض ويرمونها على لبنان، وهذا خلاف المنطق لأنّ القمم العربية وجدت أساسًا من أجل أن تُشكّل فرصةً لحل أزمات الدول وأزمات الأقطار العربية مع بعضها البعض، وإذا ما حُلّت هذه المشاكل، ما هو مبرّر انعقاد القمة العربية بشكل دوري.
هل يمكن أن يؤثّر فشل القمة العربية على وضعنا في لبنان؟
لا أعطي الأمر هذا البعد على الإطلاق، المشهد اليوم في أسوء حالاته وإذا ما رأينا كيفية التعاطي العربي مع قضية غزة مثلًا، لرأينا أنّ هناك انهيارًا كبيرًا للنظام العربي وأنّ هناك سقوطًا لمفهوم العمل العربي المشترك ولمقاربة العرب للأزمات الكبرى والمركزية، لاسيما قضية فلسطين، وبالتالي فإنّ مشهد هذه القمة لن يكون استثنائيًا عن المشهد العربي المعروف.
ماذا إذا أفشل مستوى التمثيل القمة؟
المتعارف عليه أنّ التمثيل في القمم العربية يكون حسب الظروف والأوضاع، ومن الواضح أنّ النقاش حول حضور هذه القمة أخذ مدى أوسع من العادة، وهذا طبيعي في ظلّ تردّي الوضع العربي وتعقيداته، وعلينا هنا ألّا ننسى أنّ جزءًا من مهام "السيّد الأميركي" اليوم وممثلته في المنطقة (وزيرة الخارجية الأميركية) غونداليزا رايس هو تعميق هذا الانقسام العربي وفرز العرب بين محاور، وهذا سيخلق بالتأكيد مناخًا أكثر توترًا، وهو ما اعتدنا عليه أيضًا في كلّ مراحل التحرّك الأميركي في المنطقة.
كيف ستوجّه الدعوة لحضور القمة، وبمن سيتمثّل لبنان؟
الدّعوة يُسأل عنها الجانب السوري، لكن وفق تقديري فإنّ آليّة الدعوة يمكن أن تكون بواسطة الأمانة العامة للجامعة العربية، وكما هو معتاد في حالات انقطاع صلات الدولة المضيفة مع دول أخرى، تلعب الأمانة العامة للجامعة مثل هذا الدور، وحتى على مستوى القمة في سوريا فالأمانة العامة هي المعنية أو المسؤولة عن توجيه الدعوات لبعض الدول.
أمّا بالنسبة للحضور، فمن الطبيعيّ أن يحضر لبنان القمة العربية وأن يكون هناك رئيس للجمهورية يحضر هذه القمة وأن تبقى الخصوصيّة اللبنانية القائمة على أن يتمثّل لبنان برئيس مسيحي وماروني تحديدًا في القمة العربية.
ولنفترض أنّ رئيس الجمهورية لم يُنتخب في حينها، فمن يمثل لبنان؟
يُفترض أن يكون هناك رئيس للجمهورية.
أنت متفائل؟
ليست مسألة تفاؤل أو تشاؤم، موعد الانتخابات محدّد وأعتقد أنّ هناك فرصةً إضافية لموعد آخر في حال لم يتسنّ لنا الانتخاب في 11 الجاري، وهذا ما قصده الرئيس بري في تحديد موعد 11 آذار حتّى إذا كانت هناك مناخات مناسبة يتمّ الانتخاب وإلّا فتحديد موعد آخر لجلسة الانتخاب قبل القمة في 29 آذار.
في ضوء التطورات المتسارعة التي تحصل من حولنا، من الوضع في غزة إلى زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى العراق ودلالتها، هل لا زال لبنان أولوية دولية؟
على المستوى الدولي، وحين نرى الرئيس الاميركي ووزيرة خارجيته يتحدثان أربع مرات عن "حكومة فؤاد السنيورة" بالإسم، وكأنهم يختصرون لبنان بشخص، وهذا هو المشروع الأميركي في المنطقة إلغاء لبنان الدور والموقع والتميّز وحصره بشخص يُشكّل امتدادًا للمشروع الذي يمثلونه في المنطقة، وهذا هو أخطر ما يمكن أن نلمسه من توجّه السياسة الأميركية في المنطقة، ما يُعطي انطباعًا بأنّ لبنان لا زال في دائرة الاهتمام الأولى، لكن تبقى الوقائع تفرض نفسها، فمجازر غزّة اليوم، ومهما حاول العرب طمر رؤوسهم في الرمال، فرضت نفسها كواقع على أيّ قمة عربية وعلى أيّ حدث سياسي مرحلي، لكن بالنسبة للبنان فهو ما زال جزءًا من الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، ومستقبل لبنان وإدارته السياسية جزء من هذه الاستراتيجية، وسيبقى خلال المرحلة المقبلة في دائرة الاهتمام.
كيف تقرأ زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الى العراق؟
القراءة الأولى السريعة هي تكريس إيران دولة اقليمية ولاعب اساس في العراق، وعندما تكون إيران لاعبًا أساسيًا في العراق بوجود الاحتلال الاميركي الذي ترفضه، فمعناه أنّها أصبحت لاعبًا أكبرعلى مستوى المنطقة وهذا يخلق حقائق جديدة تفرض التعاطي معها بواقعية غير تصادمية بينها وبين العرب، وبالتالي يجب إرساء قواعد جديدة لعلاقات عربية - إيرانية تحفظ مصالح الطرفين، ونحن في لبنان من مصلحتنا كجزء من الأمة العربية وبالمحافظة على هذه الخصوصية العربية أن تكون هناك مثل هذه العلاقات.
ألا يشير ما يحصل حاليًا إلى أنّ مشروع تسوية أميركية - إيرانية ينضج في الأفق؟
الدول الكبرى والمؤثرة تتعاطى بواقعية وتبني مواقفها على أساس قراءة الوقائع والمصالح، وأعتقد أنّ من مصلحة الطرفين تنظيم علاقتهما في ما يتعلق بالملفّ العراقي، ومن هنا أتوقّع استئناف العلاقات والمباحثات الأميركية الإيرانية في ما يتعلّق بالملف العراقي.
تتّهمون الأكثرية بعرقلة الحل وهم بدورهم يقولون إنّ المعارضة هي التي تُعطّل مشاريع الحل؟
لا أريد أن أقول إنّهم يُعطّلون ومن ثمّ أتلقّى ردًّا على ذلك، ولكن ما أقوله هو أنّ هناك عرضًا للوقائع أجراه الرئيس نبيه بري شرح خلاله ظروف وتفاصيل كل المبادرات، ووضّح موقفنا الحاسم منها في لحظات كان القرار فيها صعبًا للغاية، و لكنّ الرئيس بري اتّخذه متحملًا مسؤلية فتح باب الحل وإقراره، ولكن شعرنا للأسف أنّ الفريق الآخر يتراجع كلّما اقترب وضع هذا الحل موضع التنفيذ، من مبادرة الرئيس بري في بعلبك وحتى اليوم، مرورًا بالمبادرة الفرنسية وبالحوارات الثنائية والمبادرة العربية ومراحلها التي قطعت حتى الآن.
نحن لا نرمي التّهم جزافًا، وفي كل الأحوال نحن مستعدّون الآن لترجمة المبادرة العربية وإقرار الحلّ على القاعدة التي اعترفوا بها ثم عادوا وتراجعواعنها، وهو الحلّ القائم على أساس ألّا يكون لأيّ طرف حقّ الترجيح أو الإسقاط من جهة، وأن يكون هناك اتفاق على العناوين السياسية وعلى قانون جديد للانتخابات النيابية، وهنا أنطلق من كوننا موافقين على انتخاب (قائد الجيش) العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية.
التعاطي العربي وليس فقط الدولي يُبنى على أساس وجود أكثرية وأقلّية، وقد سمعنا كلام وزير الخارجية المصري في هذا الصدد؟
نحن قلنا منذ اليوم الأوّل إنّنا لا نريد إلغاء الأكثرية، لكن يجب احترام نظامنا السياسي في لبنان القائم على الديمقراطية التوافقية وعلى مشاركة كلّ مكونات القرار السياسي، وموقف الوزير أبو الغيط هو موقف منحاز وغير واقعي ويجافي الحقيقة ويعقد الأمور، وهو موقف لا يصبّ في مصلحة استمرار المبادرة العربية ونجاحها، وكان من الأجدى انتظار تقرير الامين العام للجامعة للاستماع إلى كلّ وقائع المباحثات التي جرت، وإذا كان هناك من بعض الاستفسارات فيمكن حينها للوزير أبو الغيط وبواسطة سفيره في بيروت أن يتبيّن حقيقة بعض الأمور لكي يستطيع أن يبني موقفًا واضحًا مستندًا إلى حقائق وليس إلى ما يُنقل إليه من قبل بعض الأطراف أو القوى الداخلية في لبنان.
ما هو تقديركم للموقف السعودي من القضايا الداخلية؟
الموقف السعودي موقف مؤثّرعلى السّاحة الداخلية في لبنان، وله مكانته لدى شريحة واسعة من اللبنانيين وبالتالي بإستطاعته أن يلعب دورًا إيجابيًا على صعيد الحل.
من جهة نسمع تفويض المعارضة العماد ميشال عون للتفاوض باسمها، ومن جهة أخرى نرى أنّ حركة الموفدين تصبّ عند الرئيس نبيه بري للوقوف على رأي المعارضة، فهل هذا تضارب؟
إنّ موقف المعارضة هو موقف موحّد، وتفويضها للجنرال عون هو تفويض ثابت وأكيد ومستمر، ونحن مرتاحون لطريقة إدارة الجنرال عون للمفاوضات، وفي الجلسة الرباعية الأخيرة كان واضحًا في التعبير عن كلّ ما تمّ الاتفاق عليه بين قوى المعارضة، ولكن للأسف فإنّ الفريق الآخر حاول توزيع الأدوار خلال الجلسة الرباعية، وما نُشر لاحقًا يُثبت أنّ موقف المعارضة كان موقفًا موحدًا ومتماسكًا في مقابل موقف مرتبك ودفاعي من الطرف الآخر.
الرئيس نبيه بري يشدّد على مسألة التفويض في أيّ لقاء سياسي يعقده، لكنّ الرئيس بري في الوقت نفسه هو رئيس كتلة نيابية وحركة سياسية ورئيس للمجلس النيابي، وبحكم هذا الموقع يلتقي الكثير من القوى والأطراف ويناقش معها الموضوع السياسي، تمامًا كما حصل مع مسؤول العلاقات الخارجية في التحتاد الأوروبي خافيير سولانا، لكن عندما يكون هناك مفاوضات تتعلّق بمشروع للتسوية بين الموالاة والمعارضة، فالرئيس بري يحيل بالتأكيد الطرف المعنيّ على الجنرال عون المكلّف إدارة المفاوضات، لكنّ التكليف هذا لا يمنع على الإطلاق أن يكون الرئيس بري جزءًا من حركة الاتّصالات السياسية بحكم الموقع الذي تحدثت عنه، وهذا يحصل مع كلّ القوى والأطراف الأخرى.
ونحن على أبواب ذكرى عامين على الحوار، هل لدى الرئيس نبيه بري نيّة طرح صيغ جديدة مشابهة توصّلًا للحل؟
فكرة الحوار يجب أن تبقى هي الأساس بين اللبنانيين وهي المنظّم لعلاقاتهم الداخلية، ولكن نحن اليوم أمام جدول أعمال يفرض نفسه علينا كلبنانيين، وهو الخروج من المأزق الذي نعيشه لإطلاق نقاش لاحق حول العناوين السياسية الخلافية، لذا فإنّ التركيز حاليًا هو على انتخاب رئيس للجمهورية وعلى تشكيل الحكومة وفقًا للمبادرة العربية، والحوار حول هذه النقطة هو حوار مفتوح، واللقاء الرباعي وبحكم أنّه لقاء ضيق ممكن أن يُنتج أكثر مما ينتج حوار بجدول أعمال فضفاض وبحضور أوسع مما هو عليه اليوم، لكنّ هذا لا ينفي الحاجة لاحقًا إلى إطلاق ورشة حوار بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وبآليّات مختلفة تُطرح خلالها الإشكالات التي عشناها خلال الفترة الماضية والتي شكّلت مسًّا بركائز نظامنا السياسي، لاسيما المسائل الوفاقية التي اختُلف عليها، والتي تتعلّق بخيارات اللبنانيين تجاه القضايا الكبرى، ومنها ما يتعلّق بالإستراتيجية الدفاعية للبنان.
هل تراهن المعارضة بأنّ مع مرور الوقت ستكون التطوّرات لصالحها؟
نعرف أنّ الوقت ليس في صالح أحد، لا في الموالاة ولا في المعارضة، لذلك نحاول أن نُبدع صيغًا للحلول ولكن للأسف فإنّ الفريف الآخر في مرحلة من المراحل بدأ بمحاكمة الرئيس نبيه بري على تفاؤله وعلى طرحه لبعض صيغ الحلول، لكنّ الثابت في موقف المعارضة والذي يجب أن يفهمه الآخر هو أنّه ليس من باب الضعف أنّ "المعارضة الوطنية اللبنانية" و"حركة أمل" بشكل خاص تتّخذ قرارًا أكيدًا وثابتًا بعدم الانجرار، تحت أيّ ظرف ومهما بلغ التعقيد السياسي في البلد، إلى منطق الحرب الأهلية وإلى ما يُهدّد السّلم الأهلي والاستقرار، وبأن يبقى الجيش اللبناني المؤسسة الضّامنة لهذا الاستقرار وهو الحائز على ثقة الجميع والمدعوم بخياراته وممارسته من كلّ الفرقاء اللبنانيين، بمعنى آخر، كلّ احتمالات الضغط السياسي قائمة لكن تحت سقف عدم الانجرار إلى ما يهدّد السّلم والاستقرار الأهلي في لبنان.
ومن يضمن هذا الامر ؟
هذا أمر يتطلّب جهدًا كبيرًا ووعيًا من كلّ الأطراف وإرادة مشتركة، ولا يمكن بالتالي تحقيقه من طرف دون آخر، وعندما أقول مثل هذا الكلام فهذا يعني أنّنا نلمس الكثير من العناصر والحقائق التي ترفع مستوى المخاوف لدينا من أنّ هناك حركة تسلح وتدريب وتعبئة مذهبية وطائفية وتجييش سياسي، وهو ما يُشكّل خطرًا على هذا الاستقرار، لكن بإرادتنا الإيجابية سنعمل على تنفيس مثل هذا الاحتقان وعلى خلق ظروف ومناخات تُعطّل إمكانية التفجير التي وللاسف، يسعى إليها البعض في هذا البلد.
هل هناك اتصالات قائمة بين الرئيس نبيه بري والأكثرية؟
لا توجد اتصالات سياسية، لكن لا شيء يمنع لدى الرئيس بري من أن يكون هناك تواصل مع أيّ من القوى والأطراف السياسية في لبنان، ولذا يمكن أن نلحظ بين الحين والآخر تلقّيه اتصالات أو إجرائه اتصالات مع أيّ من الفرقاء.
الرئيس فؤاد السنيورة قال في إحدى مقابلاته إنّ محاولاته لم تتوقّف للاتصال بالرئيس بري الذي يعلم ذلك؟
الرئيس السنيورة موضوع آخر، هويُمثّل حكومةً غير شرعية وغير ميثاقية.
لكنّها حكومة الأمر الواقع كما يصفها الرئيس بري؟
الواقعية شيء والشرعية والميثاقية شيء آخر، وجود هذه الحكومة غير الدستورية واللاشرعية يُعطّل اجتماعات التشريع في المجلس النيابي ولا يُعطّل عمل المجلس النيابي الذي يدعو لانتخاب رئيس للجمهورية، وهو ما يعطّل أيضًا التواصل المباشر بين الرئيس بري والرئيس السنيورة، والرئيس بري كان حاسمًا عندما قال إنّه فور إعلان الرئيس السنيورة استقالته لا يعود هناك مانع من أن يلتقيه وأن يتواصل معه بأيّ شكل من الأشكال.
تقولون إنّ الحكومة غير شرعية ثم نجد أنّ وزراء المعارضة يعودون إلى عملهم الحكومي؟
بالنسبة لنا الأمر ليس محيّرًا، هذه الحكومة غير شرعية وغير ميثاقية، وكونه لم تتشكذل حكومة بديلة فإنّ الوزراء الموجودين يُصرّفون الأعمال وفق ما يؤمّن مصالح الناس، ولكن يجوز أنّه في لحظة من اللّحظات حصل إرباك لا نُخفيه في هذا الموضوع، لكنّه لا يغيّر لا في حقيقة وطبيعة الحكومة ولا في حقّ الوزراء في تصريف أعمالهم في وزاراتهم.
ختامًا، هل تتخوّف من الوضع الأمني قبل القمة وبعدها؟
المخاوف مشروعة، وهي موجودة اليوم لدى جميع المواطنين اللبنانيين، لكنّ تقديري أنّ الأمور ليست متّجهة إلى تفجير ذات طابع عسكري في البلد.
تعليقات: