لبنان سبّاق في كل شيء. فهو من بين دول العالم قاطبة، الذي استقبل العام الجديد من دون حكومة، وهو من بين أكثر الدول، الذي يصل دينه الداخلي إلى عتبة التسعين مليار دولار مع ما يعنيه ذلك من تبعات يومية تؤثر سلبًا على إقتصاده وماليته ومستوى معيشة ابنائه، ومع ذلك تُقام الإحتفالات المدهشة ليلة رأس السنة في الوسط التجاري، الذي لم يعد إسمًا على مسمّى.
هذه النقابات ستلتزم بالإضراب العام غدا..
الأسمر حيّا المشاركين بالإضراب: لتشكيل حكومة أكفاء ونظيفي الكفّ
وقد يكون لبنان من بين دول العالم، الذي تُستنزف فيه الخزينة بما يقارب الميلياري دولار سنويًا تُصرف على شركة الكهرباء من أجل تزويد المواطنين بكهرباء، تغيب عن بعض المناطق لأكثر من 12 ساعة يوميًا، في الوقت الذي لم ينقطع التيار الكهربائي في سوريا يومًا واحدًا، على رغم الدمار الكبير الذي أصابها.
قد يجد بعض المسؤولين تبريرًا لهذا النقص الكبير في مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة إلى أبنائها، حتى ولو بكلفة عالية، كفاتورة الإشتراك بالخط الخلوي مثلًا، وغيرها من الأمور، التي تُعتبر من بين الأغلى كلفة في العالم كله.
ولكن ما لم يستوعبه الدبلوماسيون الغربيون العاملون في لبنان هو أن يدعو الإتحاد العمالي العام إلى إضراب شامل من أجل الضغط على المسؤولين اللبنانيين لتسريع تشكيل حكومة، في سابقة لم تحصل في تاريخ البشرية، إذ أن الإضرابات والتظاهرات تحصل عادة في كل أرجاء المعمورة إحتجاجًا على سياسات خاطئة للحكومات وهي تضغط في الشارع من أجل إسقاطها، وليس العكس، وهو أمر لم يكن فهمه سهلًا على الدبلوماسيين العاملين في "بلد العجايب والغرايب".
وبالعودة إلى "الإضراب الصوري"، الذي دعا إليه الإتحاد العمالي أمس، فإن أغلبية المعنيين بالأزمة الحكومية رأوا فيه خطوة ناقصة، بإعتبارها لم تؤدِ المطلوب منها، وهي لم تحرّك ساكنًا، ولم تسهم بالتالي في دفع المسؤولين إلى مضاعفة جهودهم من أجل تخطّي العقد غير المبررة التي تمنع قيام حكومة يُقال إنها "حكومة وحدة وطنية". وهذا ما يفسرّ طبيعة العراقيل، التي لا تزال تحول دون التفاهم الداخلي على ولادة حكومة إنقاذية اليوم قبل الغد، وهي عراقيل خارجية أكثر منها داخلية.
فكل ما حدث بالأمس أن العمال والموظفين أعتبروه يوم تعطيل، أو يوم"خليك بالبيت"، أنصرف فيه الجميع إلى أعمالهم الخاصة، التي لا علاقة لها بالمطلب الاساسي، والدليل أن هذه الخطوة لم تحرّك مياه التشكيلة الحكومية الراكدة، التي وصلت إلى حال آسنة، في بلد يعيش على "ما يدبر الله" وكل يوم بيومه، وكأن لسان حال المواطنين، الذين أعتادوا العيش في حالات الفراغ، يقول بأن "الشاطر بشطارتو"، وعلى كل واحد أن يقلّع شوكه بيديه العاريتين.
تعليقات: