الشيخ محمد قانصو: اقتربوا من الناس، ضعاف الناس، فقرائهم، أيتامهم، عجائزهم، مرضاهم
.. من المؤسف أنّ كثيراً من الظلاميين والانعزاليين وأصحاب الرؤى الضيقة والأفق المحدود ما زالوا يجترون أحاجيجهم القديمة الحديثة المقنعة بقناع الدفاع عن الإسلام والحفاظ على العقيدة والمغلفة بغلاف التوحيد ومحاربة الشرك وغيرها من العناوين التي تستثير حمية الجمهور وتلهب نار غيرته وتشحذ عزيمة عصبيته..
ما زلنا نقرأ أو نسمع من متنبيّ هذا الزمان أو إذا شئت وكلاء الله الحصريين في الأرض نعيقاً وتعريضاً وربما تكفيراً لكلّ دعوة للانفتاح ولكلّ داعٍ لقبول الآخر المختلف في الدين أو الفكر أو السياسة ..
حجة هؤلاء أو قناعهم هو الدفاع عن العقيدة والمبادئ والأصول، ولكنّ الحقيقة وراء ذلك تماما، فهؤلاء زيادة على عقدة النقص التي يحملونها في جيناتهم، فإنّ لديهم من فائض الحسد والغيرة والعدائية لكلّ نجاح أو تفوّق أو توفيق ما يكفيهم لتوجيه سهام التجريح والتجني الذي يبتعد عن قواعد النقد البناء والتوجيه الهادف لينحدر إلى مستوى الشتيمة والتعريض، ما يكشف طبيعة صاحبه ويبرز هشاشة حقيقته ..
ولنا أن نسأل ماذا قدّم هؤلاء للإسلام على وجه الخصوص؟ وإلى أين أوصلت أفكارهم و سياستهم وممارستهم القائمة على رهاب الآخر والتحذير من المساس به ومحاورته أو الحكم بنجاسته؟
هل ساعدت سياسة التكفير و الانغلاق والتقوقع في الغرف المقفلة والتجمد عند الفهم الخاطئ للنصوص في انتشار الإسلام واقبال الناس عليه ؟!
تواضعوا قليلاً يرحمكم الله وافتحوا نوافذ عقولكم وراجعوا حساباتكم وانظروا إلى الواقع بواقعية ودعكم من النرجسية واليمامية واعترفوا أن تحجّركم وغروركم وازدراءكم بغيركم جعلكم في آخر قائمة الأمم تحضراً وتطوراً وتأنسناً !..
وفروا مجهودكم الذهني و مخزونكم الزمني لإنتاج فكر خلاق يعمر جنة الأرض ويمهد لجنات السماء، ودعوا عنكم محاكمة الآخرين فلستم قضاة الأرض ولا ملاك مفاتيح الجنان !..
عودوا إلى القرآن الكريم وادعوا الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، بالكلمة السواء، بالحوار بالتي هي أحسن !..
إدعوا إلى الله بالأمل، بالفرح، بالحب، بالسلام، وليس بالخوف، بالرعب، بالصراخ، بالحزن، باليأس، بالعويل والبكاء !..
اقتربوا من الناس، ضعاف الناس، فقرائهم، أيتامهم، عجائزهم، مرضاهم، واعلموا أنّ أقربكم إلى الله أقربكم إلى الناس.
دعوا الأطفال يأتون إليكم واحملوا إليهم مع الهدايا الفرح ليكون الدين مدخلاً للفرح وموئلاً للسعادة ..
خلوا عنكم اجترار التاريخ وتخلوا عن نقاشاتكم العقيمة والتحقوا بدورة الزمن، وتنبهوا فإنّ ما أنتم فيه وعليه سيأخذ بيد الجيل إلى الردة التي ستسألون عنها وتحاسبون عليها يوم الوقوف بين يديّ ديّان السماوات والأرض !..
* الشيخ محمد أسعد قانصو
٦/ ١ / ٢٠١٩
تعليقات: