زيت زيتون سوري بسعر زهيد، لكنه "قاتل"، "مسمّم"، وفقا لما جاء في رسالة صوتية. إيّاكم شراءَه او تناولَه، لان من شأنه ان "يتلف الجهاز الهضمي ويؤدي الى الوفاة". تحذير ينتشر خصوصا عبر "الواتساب"، من دون معرفة هوية مرسله، ومن دون ان يذكر مصدره... ما حقيقة هذا التحذير؟ هل هو جدي ام مجرد شائعة؟ وماذا تقول الجهات الامنية والرسمية اللبنانية المعنية بهذا الشأن؟
النتيجة: بدأ تداول هذا التحذير قبل نحو 4 اشهر، بموجب "وثيقة امنية سورية" بهذا الخصوص، ويعني أوّلا "الساحل السوري". وتؤكد المديرية العامة للجمارك لـ"النهار" "انها لم تضبط لغاية اليوم زيت زيتون مهربا موضوع هذه المعلومات. كذلك لم يردنا أي خبر او معلومات عن ضبط الاجهزة الامنية هذه المادة". كذلك، تلفت وزارة الزراعة الى انتشار هذه المعلومات "قبل نحو 5 اشهر مع بدء موسم عصر الزيتون"، مؤكدة "انها تكشف دوريا على معاصر الزيتون للتأكد من التزامها معايير سلامة الغذاء. كذلك، استيراد زيت الزيتون ممنوع".
الوقائع: تسجيلان صوتيان يتم تناقلهما، خصوصا على "الواتساب"، ويحذران من الأمر نفسه: زيت زيتون سوري "زهيد الثمن"، "قاتل"، اذ من شأنه "تلف الجهاز الهضمي ويؤدي الى الوفاة".
في التسجيل الاول، ينبّه المتكلم الى ان "تعميما" بلغه عن "بيع زيت زهيد الثمن من سوريا في لبنان". "اوعا حدا يشتريه. هيدا الزيت بيفوت ع المعدة، وبيهريها... وما في شهر او شهرين... بيضرب الجهاز الهضمي، وبيتلف المعدة والكبد... وتودي للوفاة دغري"... و"خبّر الكلّ".
في التسجيل الثاني، تتوجه امرأة الى "كل الاخوة والاخوات في لبنان وسوريا. تم ادخال 4 آلاف عبوة من زيت الزيتون الى الساحل السوري، وهي مصنعة في ادلب، وتحتوي على مادة شديدة الاكسدة، وتؤدي الى تلف الجهاز الهضمي، ومن ثم الى الوفاة. وسيتم بيعها باسعار زهيدة. نرجو أخذ العلم، خصوصا كل الاخوة والاخوات اللبنانيين. كثر منهم يذهبون الى سوريا، حيث يجدون اسعارا رخيصة لتنكة الزيت، فيشترونها. يرجى الانتباه، والرجاء تعميم الرسالة على اوسع نطاق".
التدقيق:
-المعلومات عن زيت زيتون سوري "مسمم"، "قاتل"، "أُعدَّ في إدلب السورية"، بدأ تناقلها قبل نحو 4 اشهر. في 29 ايلول 2018، نشرت جريدة "اللواء" اللبنانية مقالة عن "عمل ارهابي جديد عبر عبوات زيت زيتون سامة وقاتلة"، وضمّنتها "وثيقة أمنية وصلت الى إحدى الأجهزة اللبنانية من السلطات السورية، وفيها ورود معلومات عن إدخال 4 آلاف عبوة زيت زيتون إلى الساحل السوري، وهي مصنعة في إدلب، وتحوي مواد سامة (مؤكسدة) تؤدي إلى تلف الجهاز الهضمي، ومن ثم الوفاة. وكشفت الوثيقة أن هذه العبوات سيتم بيعها بأسعار زهيدة، ما يؤشر إلى وجود رغبة من مصنّعيها لانتشارها في شكل اسرع". ونقلت الصحيفة عن "مصدر امني لبناني" ان "هناك خطورة في وصول هذه العبوات التي تحوي مواد سامة وقاتلة الى الاراضي اللبنانية عبر عدة طرق...".
-يشار ايضا الى ان مواقع اخبارية سورية عدة نشرت في 7 ت1 2018 نفيا لهذه المعلومات بعد انتشارها. ونقلت عن معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس جمال شعيب نفيه "وجود زيت زيتون مغشوش في أسواقنا المحلية، لا سيما المنطقة الساحلية التي شهدت حالة من الخوف من جراء صدور شائعات من مصادر مختلفة عن دخول كميات كبيرة من زيت الزيتون تقدر بأكثر من 4 آلاف عبوة تؤكد المصادر أنها صنعت في محافظة إدلب، وتحوي مواد مؤكسدة شديدة الضرر تؤدي إلى تلف الجهاز الهضمي ثم وفاة المستهلك".
-المتكلمان في التسجيلين الصوتيّين المتناقلين يستخدمان التعابير نفسها الواردة في "الوثيقة الامنية السورية" المزعومة: زيت زيتون سوري، 4 آلاف عبوة مصنعة في إدلب، تحوي مواد سامة، تلف الجهاز الهضمي والوفاة. البيع بأسعار زهيدة...
ولكن ماذا تقول السلطات الامنية والرسمية اللبنانية بهذا الخصوص؟
-ردا على سؤال "النهار"، تفيد غرفة العمليات في المديرية العامة للجمارك ان "استيراد زيت الزيتون يخضع لشروط دقيقة، ويتم ادخاله الى لبنان بعد موافقة وزارة الزراعة، وبعد اجراء فحوص مخبرية دقيقة، ضمن اجراءات تنطبق على المواد الغذائية". اما عن احتمال تهريب هذه المادة الى لبنان، فتؤكد الغرفة انها "لم تضبط لغاية اليوم زيت زيتون مهربا موضوع المعلومات لديكم. كذلك لم يردنا أي خبر او معلومات عن ضبط الاجهزة الامنية هذه المادة".
وتشير الى "اننا بلغنا جميع مراكز الضابطة الجمركية بالمعلومات الواردة، من اجل اخذ الحيطة والحذر واتخاذ الاجراءات اللازمة عند ضبط زيت زيتون، خصوصا على الحدود".
-كذلك، سألت "النهار" وزارة الزراعة التي ردّت كالآتي: "تتمنى الوزارة على جميع المواطنين عدم تداول الاخبار والصور والفيديوات المتناقلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التي لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني، وتؤدي الى هلع لدى المواطنين، الا اذا كانت صادرة عن مراجع رسمية.
اما في ما يخص موضوع سؤالكم، والذي سبق ان اثير منذ اكثر من خمسة اشهر مع بدء موسم عصر الزيتون، تهمنا الاشارة الى ان وزارة الزراعة تكشف دوريا على معاصر الزيتون للتأكد من التزامها معايير سلامة الغذاء. كذلك، استيراد زيت الزيتون ممنوع. ووزارة الزراعة لن تتوانى عن اعلام المواطنين واتخاذ كل الإجراءات اللازمة عند الضرورة، مؤكدين ان غالبية الاخبار المتناقلة تهدف الى البلبلة".
-ردا على استيضاح "النهار"، يؤكد بدوره رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو "عدم ورود اي معلومات للجمعية عن هذا الزيت. ولو كان ذلك صحيحا، لعلمنا بإصابات حصلت من جرائه. لكننا لم نسمع شيئا من هذا القبيل". ولم يستبعد ان تكون هذه التحذيرات "شائعات لاغراض تجارية".
النتيجة: المعلومات عن زيت زيتون سوري "قاتل" قديمة، بحيث ترجع الى نحو 4 اشهر. وتؤكد الجمارك "انها لم تضبط لغاية اليوم زيت زيتون مهربا موضوع هذه المعلومات. كذلك لم يرد اليها أي خبر او معلومات عن ضبط الاجهزة الامنية هذه المادة". من جهتها، تعتبر وزارة الزراعة ان "غالبية الاخبار المتناقلة تهدف الى البلبلة"، مؤكدة ان "استيراد زيت الزيتون الى لبنان ممنوع".
تعليقات: