استنفار على الخط الأزرق وأهالي العبّاسية يمنعون من جني محاصيلهم

الأهالي امام القوة الاسبانية في منطقة العباسية (إدوار عشي)
الأهالي امام القوة الاسبانية في منطقة العباسية (إدوار عشي)


العباسية :

احتج أهالي العباسية عصر امس على منعهم من قبل القوة الإسبانية العاملة في إطار قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب «اليونيفيل» المعززة، والمتمركزة في الطرف الجنوبي للقرية الواقعة عند تخوم السياج الشائك في أقصى الشمال لسهل الحولة، من استغلال مواسمهم الزراعية وقطاف محصولهم، بحجة أن الأرض تقع ضمن الخط الأزرق.

ولهذه الغاية استنفرت القوات الدولية لدى تجمع الأهالي، ورابطت ثلاث عربات مصفحة عند مدخل القرية الشمالي وإلى الغرب على الطريق المؤدية إلى الشطر الشمالي المحتل من قرية الغجر، وعند نقطة التفتيش المؤدية إلى إلى موقعها في تل الشيخ شهاب، المشرف على قرية الغجر، والذي يبعد أمتاراً قليلة عن السياج الحدودي الشائك مع اسرائيل، كما انتشر عدد من عناصر هذه القوة بمؤازرة الآليات العسكرية، فيما خف الجيش اللبناني لاستطلاع الأمر، من موقعه القريب الكائن على الطريق من مثلث الماري ـ المجيدية وقرية العباسية، كذلك حضر فريق المراقبين الدوليين الذي سجل شكوى الأهالي الذين طالبوا بإبعاد الخط الأزرق الذي يلامس بعض البيوت التي شيدت حديثاً إلى مسافة المترين، وحال دون دخولهم إلى أراضيهم المحيطة بهذه المنازل واستغلالها، والتي تفوق مساحتها العشرة آلاف دونم، فيما لا يزال أكثر من مئة وخمسين دونماً من أراضي القرية خاضعاً للاحتلال الإسرائيلي، خلف السياج الشائك، حيث تحركت آليتان عسكريتان من طراز هامر، من موقع الضهرة الواقع إلى الغرب من العباسية، وراقب عناصرهما بواسطة المناظير ما يجري في الجانب اللبناني.

قائد الموقع الإسباني الذي تدخل لاستجلاء الأمر، اكد أن القوة الإسبانية لا تمنع الأهالي من زراعة أرضهم واستغلال محصولها، لكن كل ما يعنيها هو سلامتهم، وعدم تعرضهم لأذى في حال خرقوا الخط الأزرق. ولدى سؤالنا، هل تلقوا تحذيراً من الإسرائيليين بهذا الخصوص، أجاب، «بالطبع هناك تنبيه بعدم تجاوز نقاط الاعتلام الحدودية، أو ما يعرف بالخط الأزرق وذلك لضمان سلامتهم وعدم تعرضهم لنيران الإسرائيليين، وأساس مهمتنا هو الحفاظ على الأهالي».

في هذه الأثناء، حذر الجنود الإسبان أكثر من مرة من التقاط الصور، فيما بادرت إحدى المجندات بطريقة غاضبة، تحت أنظار رفاقها الجنود، إلى التقاط صورنا عنوةً بمؤازرة رفيق لها، كرد استفزازي على محاولاتنا المتكررة التقاط مشاهد هذه التحركات التي فؤجنا بها كما الأهالي، فيما طلب أفراد الجيش اللبناني عدم الاقتراب من الخط الأزرق والتقاط الصور.

وأثارت هذه الإجراءات حفيظة الأهالي الذين عبروا عن استيائهم من قرار المنع من قبل القوة الدولية، وطالبوا بإبعاد الخط الأزرق من محيط المنازل، والسماح لهم بالدخول إلى أراضيهم الزراعية وجني المحاصيل. وقد تحدث باسمهم كل من الشيخ إبراهيم الإبراهيم ومحمد شهاب، اللذين طالبا القوات الدولية والدولة اللبنانية والأجهزة المختصة والجيش اللبناني، الذي كانت له اليد الطولى بتنظيف حقولهم وأراضيهم من القنابل العنقودية والقذائف غير المنفجرة، وبذل الدماء من أجل سلامة الأهالي، أن يعملوا جميعاً من أجل إعادة النظر في الخط الأزرق الذي يولد القلق في نفوسهم لقربه من حدود البيوت وشرفات المنازل، بحيث يستحيل عليهم اجتيازه نظراً للخطر المحدق، الذي قد يجعلهم طعماً لنيران الإسرائيليين، أو هدفاً لاستفزازاتهم، ويحول دون إقامتهم بشكلٍ دائم في القرية المشطورة نصفين: قسم محرر مهدد لا يسعهم التحرك فيه بحرية، وآخر قابع تحت الاحتلال يذكرهم في كل حين بالخطر الداهم.

وسأل محمد شهاب «بأي حقٍ نمنع من دخول أرضنا، وكيف يمكن لنا أن نميز حدود بيوتنا من الحدود الوهمية التي يرسمها الخط الأزرق، ولماذا لا يكون الخط الأزرق في الجهة المقابلة من الحدود، فنحن من يلزمه الحماية وليس هم».

وتابع: «بالأمس زرعنا آلاف الدونمات بأنواع الخضار والحبوب كالفول والبازيللا وما شابه، ووضعنا قفران النحل لاستخراج العسل، ولما حاولنا جني المحصول، هب الجنود الإسبان ومنعونا من دخول هذه الأراضي التي تقدر بعشرة آلاف دونم، بذريعة أن الخط الأزرق يقتطع معظمها، واجتيازه يعرضنا للخطر، وسلامتنا كما يبدو، تقضي بالتفرج على محصول ما زرعناه، أو ما انتظرناه من قفران النحل من بعيد وهي تذوي وتذبل أمام أعيننا دون الاستفادة منها أو استغلالها، وهذا الأمر خلف استياءً عارماً لدى الأهالي الذين يعتاشون من الماشية والزراعة».

وأشار شهاب إلى شجرة يابسة شك في وسطها العلم اللبناني، هي بمثابة الحد الفاصل للخط الأزرق، فيما تبدو «الأرض الممنوعة» مزروعة بعناية وقفران النحل موزعة في جنباتها، وحانت منه التفاتة إلى الجهة المقابلة خلف الحدود حيث تسرح قطعان من البقر بحرية دونما رقيب أو «خط أزرق» يحد من بحثها عن الكلأ في تلك الأرض المعشوشبة التي تعود ملكيتها للقرية، حيث كانت تقوم المدرسة وبعض المنازل التي حولها العدو إلى حطام وركام. وقال بحسرة، «يبدو أنهم أفضل منا حالاً».

إلى ذلك، ما زال الوضع في الغجر على حاله، حيث قوات الاحتلال الإسرائيلي شددت من إجراءاتها الأمنية داخل الشطر الشمالي من قرية الغجر المحتلة، وسيّرت دوريات مؤللة وراجلة في الأحياء الداخلية وبمحاذاة السياج الشائك الذي يحيط بمنازل البلدة.

تعليقات: