بالجرم المشهود... يقطعان صنوبرة معمرة
حاصبيا :
اتخذت الجهات المعنية بحماية الثروة الحرجية وبعد طول انتظار، تدابير بدت ملحة وإن كانت متأخرة، للحفاظ على ما تبقى من اشجار برية في احراج حاصبيا والعرقوب، كانت عرضة على مدى الأشهر القليلة الماضية، لعملية إبادة على ايدي مئات الحطابين الذين عملوا ليل نهار على قطعها، بمناشيرهم اليدوية او الآلية وفؤوسهم الحادة، في ظل غياب شبه تام وعدم اكتراث للجهات المسؤولة.
قائقمام حاصبيا وليد الغفير وبعد تفاقم هذه المشكلة، وجه بالتنسيق مع مكتب وزارة الزراعة تعميما الى القوى الأمنية والبلديات والمخاتير في كافة القرى، يمنع بموجبه قطع كافة انواع الأشجار من الأملاك العامة والخاصة مهما كانت الأسباب الا بإذن رسمي، مع ضرورة التشدد في مراقبة وملاحقة الحطابين، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحقهم. ووزع هذا التعميم في القرى عبر مكبرات الصوت.
وأكد الغفير انه ليس من المسموح بعد اليوم التساهل مع أي مخالف لهذا التعميم، مشيرا الى ان الجهات المعنية سوف تتشدد في العقاب حسب القوانين المرعية.
الهجمة الشرسة الساحقة على الأحراج جاءت تحت عنوان مواجهة البرد وتأمين وقود النار، خاصة بعد ارتفاع ثمن المحروقات، في ظل ازمة اقتصادية خانقة تعصف بالجميع كما يشير ابو عامر من حاصبيا. يرى ابو عامر هذا خيار «حلق» الأحراج هو الوحيد الذي يوفر قوت النار لعائلتي، ويقاوم برد الشتاء على مدى حوالى 7 اشهر. نحن نعرف التشويه اللاحق بالأحراج والانعكاس السلبي على الوضع البيئي العام الذي ستخلفه ايادينا، لكن ما هو البديل لمواجهة موسم الصقيع؟».
إحصاء اولي اجرته بعض الجمعيات المعنية بالبيئة في حاصبيا، اشار الى ان الأحراج الممتدة من الأطراف الغربية الى حدود مزارع شبعا المحتلة، خاصة احراج بسطرة وشانوح وحلتا، وصولاً الى احراج عين قنيا والدبغي والكفير وميمس، مروراً بأحراج راشيا الفخار وكفرحمام حتى برغز وعلي الطاهر والقطراني والعيشية، كانت تشهد يومياً ما يشبه ورش تتناوب على قطع اشجار السنديان والملول والبطم والزعرور، لتخسر الآلاف من هذه الأشجار المعمرة. ويصل حجم القطع الى درجة أنه وكل 24 ساعة، تحمل حوالى 50 شاحنة صغيرة وحوالى 150 حمل دابة، بحيث بدت في هذه الأحراج فسح وفجوات ذابلة تيبس بهدوء، تتناوب عليها لاحقا قطعان الماشية لتفتك من جديد بما تبقى من الأغصان والورق فتكبر الكارثة وتزداد تفاقماً.
يفتقر مكتب وزارة الزراعة في حاصبيا، وحسب احد مسؤوليه، إلى مراقبي الأحراج، بحيث يقتصر عددهم على ثلاثة مراقبين فقط، همهم حماية الثروة الحرجية وفي مهمات بدت متشعبة وصعبة. لا يكفي العدد لمراقبة المساحات الحرجية الواسعة والمتباعدة. من هنا تبدو الحاجة ملحة، وفق المسؤول الزراعي، لتفعيل دور المراقبة وتكثيفها، من خلال دعم هذا المركز الوحيد في المنطقة، ورفع عدد مراقبي الأحراج الى 15 مراقبا. يعيق عملية المراقبة ويحد منها وجود بعض الأحراج الكبيرة منها على خطوط التماس في مزارع شبعا المحتلة، حيث تتعرض بين فترة واخرى للإعتداءات الإسرائيلية من رشقات رشاشة وقذائف مدفعية، كذلك لا تزال احراج اخرى خارج عملية نزع الألغام والقذائف، بحيث تبين بأن مساحات كبيرة منها مزروعة بالقـــنابل العنقودية الصغيرة الحجم، والتي كانت الطائرات الإسرائيلية تــلقيها وبكثافة على مدى حوالى 20 عاماً وآخرها في عدوان تموز الماضي.
اختفت القنابل العنقودية جراء العوامل الطبيعية وباتت خطراً دائماً داخل هذه الأحراج. وحمل المراقب البلديات مسؤولية كبيرة في هذا المجال، لانه عليها تعيين نواطير محليين بالتنسيق مع القائمقامية، فناطور البلدية يمكنه القيام بواجب المراقبة الدقيقة لأحراج بلدته بالتنسيق والتعاون مع مكتب وزارة الزراعة وقوى الأمن الداخلي.
تتحاشى البلديات، كما ذكر العديد من مسؤوليها، تعيين النواطير لعدم توفر الميزانية، في حين كان ناطور الضيعة في الماضي محط ثقة ابناء البلدة في الحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة، وكان في كل بلدة ناطور وهذا العرف بات من الماضي والتراث.
مسؤولة وحدة ميمس في جمعية الثروة الحرجية والتنمية فيروز ابو العز، اشارت الى أن الجمعية وفي محاولة للتعويض ما امكن عن الخسائر التي تعرضت لها الأحراج، نتيجة هجمة الحطابين، التي تضاف الى ما خلفته حرائق العام الماضي في هذه الثروة، وعبر مشروع «الحرقة بالقلب» والذي نظمته الجمعية بالتعاون والتنسيق مع الحكومة اللبنانية، باشرت وبتمويل من وكالة الدعم الإيطالية بزراعة مساحات بور ستصل الى حدود 3500 دونم، بأشجار الصنوبر والزيتون ومختلف انواع الفاكهة، وذلك في خراج قرى الكفيرـ الفرديس ـ الهبارية ـ كفرحمام ـ كفرشوبا ـ وراشيا الفخار. ويشمل المشروع تأهيل احراج الصنوبر لحمايتها من الحرائق عبر شق طرقات وإقامة مراكز مراقبة، وكانت الجمعية قد دشنت الصيف الماضي مشتلاً حرجياً في بلدة ميمس بإمكانه تأمين خمسين الف غرسة صنوبر وزيتون سنوياً.
تعليقات: