عندما كان الحريق يتصاعد من المكب ملوثاً أجواء المنطقة
البيئة والمياه والسياحة مهددة بإعادة فتح مكب مزرعة المنصورة..
النبطية:
يتساءل كثيرون من أهالي بلدتي كفرتبنيت وأرنون، ومعهم عشاق البيئة والطبيعة الجميلة والعابرون على طريق عام كفرتبنيت ـ مرجعيون، عن الأسباب التي دفعت باتحاد بلديات الشقيف الى إعادة رمي النفايات في مكب مزرعة المنصورة، منذ أشهر عديدة، بعد إقفاله مطلع العام الفائت. لا سيما وان إعادة فتحه أتت بشكل مفاجئ، حيث عادت سحب الدخان الكثيفة تتصاعد منه و«تعبق» في الأجواء المحيطة وتلوثها على مدار الساعة، مع ما يرافق ذلك من روائح كريهة تنتشر لمسافات بعيدة. كما عاد المكب مرتعاً لمختلف أنواع الحشرات الطائرة والزاحفة والحيوانات المفترسة والقوارض، فضلاً عن تشويهه لطبيعة المنطقة وإساءته إلى جمالها، إضافة إلى تهديده تلويث مياه نهر زريقون، الذي يجري تحته على بعد مئات الأمتار، قبل أن تصب مياهه في نهر الليطاني. وفي محاولة لإيجاد حلّ مؤقت لمشكلة النفايات التي يعاني منها اتحاد بلديات الشقيف، ريثما يتم تأمين البديل، لم ينفِ رئيس بلدية كفرتبنيت أدهم طباجة، «تطنيش» البلدية عن هذا المكب في الوقت الحاضر، نظراً لمكانه المناسب والبعيد عن الأماكن السكنية، بحسب رأيه، في ظل عدم توفر مكبّ مشترك مناسب، مشيراً إلى أن القضاء على هذه المشكلة يتمثل في إيجاد معمل للنفايات في المنطقة، وهذا يتطلب تكاتف جهود المسؤولين السياسييين والمعنيين في اتحاد البلديات، للعمل على تحقيق هذا المشروع في أسرع وقت.
ورداً على شكوى أهالي الحي الشرقي لبلدة كفرتبنيت القريب من المكب من غزو الذباب الأسود والبرغش والبعوض لمنازلهم، لفت طباجة إلى أن البلدية كلفت إحدى الشركات المختصة برش المبيدات في المنطقة المحيطة بالحي المذكور، آملاً التخلص من هذه المشكلة خلال الأيام القليلة المقبلة.
في المقابل يعرب نائب رئيس بلدية أرنون المحامي رفيق حمدان، باسم أهالي البلدة عن تجديد رفضهم للمكب القابع على حدود بلدتهم العقارية، متمنيا على اتحاد بلديات الشقيف والشركة المتعهدة نقل النفايات منه والعمل على إقفاله في أسرع وقت، نظراً للعواقب الصحية والبيئية الوخيمة الناجمة عنه. لا سيما وان البلدة تتمتع بطبيعة هادئة وجميلة ولها مقومات سياحية مستقبلية، وتعتبر المتنفس الوحيد لأهالي بلدتي كفرتبنيت وأرنون، وهي لا تبعد عن المناطق السكنية أكثر من نصف كيلومتر، مطالباً اتحاد البلديات والشركة المتعهدة، البحث عن مكان بديل لرمي النفايات فيه.
ويقدر رئيس اتحاد بلديات الشقيف سميح حلال موقف أهالي بلدتي أرنون وكفرتبنيت الرافض لوجود المكب الحالي في نطاقهم العقاري، لكنه يتساءل في الوقت عينه عن مصير النفايات في المنطقة في حال إقفال المكب البديل الذي لا بدّ وانه وضع حدّا لاستشراء المكبات العشوائية في الحقول والتلال وعلى جوانب الطرقات. كما انه جنّب البلديات المحيطة جمع نفاياتها بنفسها ورميها في مكبات خاصة بها على نفقتها الخاصة، مع ما يعنيه ذلك من تفاقم للأزمة، وما سينتج عنه من تلوث وأضرار صحية وبيئية خطيرة، في ظل استمرار تعثر إنشاء معمل لمعالجة النفايات في المنطقة على الرغم من إنجاز كافة معاملاته الإدارية والهندسية، وتأمين الأموال اللازمة له من قبل الاتحاد الأوروبي والمقدرة بمبلغ مليون وتسعين ألف يورو. وهنا تجدر الإشارة الى أن كلا من البلديات رفضت وجوده في خراجها، ما سيؤدي الى إلغاء الأموال الأوروبية وتحويلها الى مناطق أخرى.
لم يراعَ عند استحداث مكب كفرتبنيت أي شرط من شروط المعايير الصحية والبيئية، لكونه يلوث مساحات واسعة من أجواء مداخل أقضية النبطية وجزين ومرجعيون وعدد من القرى والبلدات في هذه المناطق على حدٍ سواء، ناهيك عن خطره الداهم على نهري الليطاني وزريقون اللذين يجريان تحته على بعد مئات الأمتار، كما يقول أمين سر جمعية أمواج البيئة المهندس مالك غندور. وهو يلفت إلى أن الاستحداث العشوائي لمكب كفرتبنيت والمكبات المتفرقة قبله يتعارض مع العقد الموقع مع شركة النفايات واتحاد البلديات، والذي ينص على عدم استحداث الشركة أي مكب للنفايات في نطاق قرى وبلدات الاتحاد، تحت طائلة الإخلال بالعقد المذكور وتحميل المسؤولية للشركة المتعهدة، في الوقت الذي «يطنش» الاتحاد والبلديات المعنية طويلاً عن هذا الأمر بحجة أن مكب كفرتبنيت كما غيره، هي مكبات مؤقتة إلى حين إيجاد المكب البديل للاتحاد.
من جهته يؤكد مدير «الشركة المتحدة للمقاولات» المتعهدة جمع نفايات اتحاد بلديات الشقيف قاسم حرقوص أن الشركة بذلت كل ما في وسعها في وقتٍ سابق، وما زالت حتى الآن تجهد لإيجاد المكب المناسب لنفايات الاتحاد، لكنها اصطدمت برفض بلديات المنطقة وجود هذا المكب في خراجها بشكل قاطع بحجة آثاره الصحية والبيئية، وذلك بالرغم من الإغراءات المادية «الدسمة» التي ستقدمها الشركة لمساعدة أي بلدية توافق على ذلك، والتي كان آخرها بلدية الشرقية التي وافقت على إقامة المكب في خراجها وعادت وتراجعت عن ذلك، ما اضطرها إلى إعادة استعمال مكب نفايات كفرتبنيت ـ أرنون.
لا يفهم الكثيرون من أهالي بلدة كفرتبنيت المبررات التي تسوقها البلدية دفاعاً عن وجود مكب نفايات اتحاد بلديات الشقيف في خراجها الشرقي، والتبرع بإيجاد حل لمشكلة النفايات في المنطقة على حسابهم، وقد ضاقوا ذرعاً بانعكاساته السلبية على صحتهم وهوائهم وبيئتهم منذ استحداثه بشكل غير قانوني قبل أكثر من خمس سنوات. وهم يرفعون أصواتهم مطالبين المسؤولين في البلدية وفي محافظة النبطية واتحاد بلديات الشقيف ووزارتي الصحة والبيئة، العمل على إقفال هذا المكب مطالبين بإيجاد حل جذري لمشكلة النفايات في المنطقة من خلال تأمين معمل لمعالجة النفايات، أو التفتيش عن مكب يتمتع بكافة المواصفات الصحية والبيئية والرقابية المطلوبة، مهددين باتخاذ الاجراءات السلبية للحؤول دون الاستمرار في استعمال المكب المذكور.
تعليقات: