الطفلة لين صفي الدين
من عليائها ... من مكانها في جنان الخلود .... راقبت لين علي صفي الدين بعينين تنبضان فرحاً وحباً وشوقاً والدها علي يلاعب شقيقتها الصغرى التي تحمل اسمها ايضاً ... لين الصغرى التي ولدت بعد استشهادها بسنة ونيف ...
عندما غادرتنا لين الكبرى في ذاك اليوم الاسود 16 تموز 2006 ذرفت دمعة على فراق والديها اللذان لم تنعم بدفء حنانهما اكثر من سنة وبضعة اشهر وهما احباها كثيراً وسهرا الليالي على رعايتها واحتضانها ، الفراق كان ارادة العلي القدير الذي اختار هذه الطفلة البريئة مع الشهداء الابرار الذين اصطفاهم الى جانبه ... وفي لحظة علت ثغر لين ابتسامة رضا وفرح برضوان ربها وبجنان الخلد حيث جعلها عصفورةً من عصافير الجنة ترفرف في ارجائها بجناحين من نور وإتسعت ابتسامتها عندما اتى ملاك نوراني لينبئها ان الله الكريم سيعوض صبر والديها وايمانهم واحتسابهم طفلة ثانية اسمها لين كإسم شقيقتها الشهيدة ...
من عليائها نظرت الشهيدة لين الى والدها علي وشقيقتها لين ... كانا على الكورنيش الجنوبي لمدينة صور يلعبان ويمرحان بفرح وسرور ويستمتعان بدفء شمس آذار ... كم تمنت ان تكون معهما ... تلاعبهما ... تحادثهما .... تلاطفهما ... تضحك لضحكهما ... تركض واياهما ثم يعودون جميعهم الى منزلهم سوياً حيث تنتظرهم الوالدة ندين بحنانها وشوقها ، ولكنه القدر ومشيئة الله ....
هي استمرارية الحياة وهو الايمان الكبير والارادة الصلبة والتصميم العظيم الذي يتمتع به الجنوبيون ... اولئك الذين قدموا شهدائهم قوافل نورانية ضمت في ركابها الاطفال والرجال والنساء والشيوخ والمجاهدين .. كلهم بذلوا دمائهم ليصونوا للوطن كرامته ويحفظوا للانسان عزته وشرفه ....
علي صفي الدين هو احد هؤلاء ... قدم ابنته الوحيدة شهيدة في حرب تموز واصيبت زوجته ندين السمرا بجروح خطيرة كما اصيب هو ايضاً بجروح وكسور ... لم يرفع راية الاستسلام ولم يعلن عجزه ويأسه .. امتلك تصميماً كبيراً على متابعة الطريق والاستمرار في الحياة في نوع فريد من انواع التحدي والمقاومة ... وبعد رحلة علاج طويلة ومنهكة لزوجته ندين في لبنان وخارجه عاد الله وانعم على الزوجين بطفلة جديدة اسمياها لين على اسم شقيقتها الشهيدة البريئة وهي الآن تبلغ من العمر أشهراً .. تنظر الى عينيها فتشعر بفرح النصر وعشق الحياة العزيزة الكريمة ... شعور لا يعرفه معظم اولئك الخانعون القانطون المستسلمون الذي يطلقون على انفسهم تسمية ... المعتدلون .!!!
لهذه الاسرة الصورية الجنوبية التي بذلت دماءها في تموز 2006 فأزهر مع دماء باقي الشهداء نصراً عزيزاً مؤزراً نقول ... ما أعظمكم وما اشرفكم وما اسمى تضحياتكم .. نخجل منكم ونفخر بكم ... انتم عنوان النصر ونبع البطولة والكرامة والعزة والعنفوان .
الطفلة الشهيدة لين صفي الدين
علي صفي الدين يمرح مع ابنته لين
تعليقات: