أحدثت توقيفات الضباط «بالجملة» في قوى الأمن الداخلي خضةً كبيرة داخل المؤسسة الأمنية، لا تزال إرتداداتُها مستمرة مع الحديث عن ضباط وعسكريين لا تزال ملفاتُهم قيد الرصد والتحقيق. قبل ولادة الحكومة بدا إستحقاقُ المحاسبة مؤجّلاً حتى إشعار آخر، والبعض راهن على أنّ القرار بإعطاء القضاء الإذن بالتصرّف لن يصدر، لكنّ تفاهماتِ اللحظات الأخيرة التي سبقت الولادة شملت رفعَ الغطاء عن الضباط موضع الشبهات.
في موازاة حملة المحاسبة داخل المديرية العامة لقوى الامن الداخلي تبدو المؤسسة الأمنية مقبلة على إستحقاق أكثر حماوة عنوانه، ليس فقط التشكيلات العسكرية العامة بعد نحو 15 عاماً من تجميدها واستبدالها بأمر فصل للضباط (تشكيلات موقتة وليس بالأصالة) والتي لا تزال تنتظرها مداولات شاقة، كلمةُ الفصل فيها للمرجعيات السياسية الأساسية، بل «المشروع الباسيلي» الذي يطرح المناصفة في المراكز الأمنية بين الضباط المسيحيين والمسلمين، بسبب الخلل الطائفي في «توزيعة» هذه المراكز بين الطوائف.
والنقاش الذي بدأ حول هذا الملف قبل أشهر من ولادة الحكومة، ينطلق بزخم أكبر في الأيام المقبلة تحت مظلّة اللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في مقرّ حزب «التيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا الشالوحي الخميس الماضي.
وهذا اللقاء الذي حضره النائب أسعد درغام والقيادي في «التيار» جوزف صليبا ومهّد للقاء المصارحة بين عثمان والعميد جوزف كلاس، شكّل مساحةً لنقاش بلا قفازات بين الطرفين لم يتوانَ خلاله باسيل، على ما تقول أوساطه، عن التذكير بالمطالب العونية في شأن وقف منح التراخيص الاستثنائية لتشييد سقوف أو خيم حديد أو حفر آبار ارتوازية، وصولاً إلى «تشكيلات الضباط»، لكن هذه المرة من خلال تحقيق التوازن الطائفي في المراكز الأساسية في المديرية.
صلاحيّة منح الاستثناءات، تُعتبر ورقة سلطة ونفوذ في يد المدير العام، وأوساط المديرية تؤكّد أنها تحمل فعلاً معنى «الاستثنائية»، وتتعلّق بإعطاء الإذن لأعمال محدودة غالباً في مناطق تنعَدم فيها «مياه الدولة»، أو يكون منحُ الإذن لتشييد سقوف للضرورة ولعجز الوزارات المختصة عن تأمينها، كما أنّ «الموافقات» تعطى للأطراف السياسية بلا تمييز...
وتشير أوساط «التيار» الى أنّ البيان الوزاري تطرّق مباشرة الى هذا الموضوع من خلال الفصل الرابع تحت عنوان «إصلاحات هيكلية» عبر «حصر التراخيص بالوزارات والمجالس والهيئات المعنية بها وحظرها على أيّ جهة أخرى غير مختصة تحت أيِّ حجّة أو ذريعة».
وتقول الأوساط إنّ عثمان نفسه «ومن خلال المداولات معه يعتبر هذه الموافقات عبئاً ثقيلاً عليه، وإنّ اللجوء اليها لم يكن سوى لتسهيل أمور الناس»، مؤكّدة «أنّ هناك توافقاً سياسياً على وقف منح هذه الاستثناءات وإعادة هذه الصلاحية لأصحاب الاختصاص (التنظيم المدني، البلديات، الوزارات المختصة...) والتسليم بكون قوى الأمن وظيفتها الأمن وأنها جهازٌ رقابيّ على الأعمال المخالفة».
وتؤكد الأوساط أنّ «هذا الملف ليس محطَّ نزاع إطلاقاً مع عثمان، وهو يبدي كل إيجابية في شأنه، لكن يفترض أن يحصل التغيير على جرعات، وهذا الأمر يتمّ أساساً من خلال التوعية على صلاحيات البلديات والوزارات المختصة والتشدّد في تطبيق القوانين وتنفيذ البيان الوزاري».
أما لجهة مطلب المناصفة، فالمعلومات تؤكد أنّ هناك مسودات قد وُضعت بالتزامن مع البحث في تشكيلات الضباط سعياً إلى معالجة الخلل القائم، فيما يُفترض أن يتمّ تقليص الفوارق على مراحل وهي في وضعها الحالي 35% لمصلحة المسيحيين و65% لمصلحة المسلمين».
تعليقات: