تحرّك لرفع سن الحضانة
تتحضّر ريتا شقير لتقديم شكوى ضد الشيخ علي حسن بيضون في #المجلس_الشيعي الأعلى ورفع دعوى أمام القضاء المدني المختص بتهمة التحرش أثناء تواصله معها عارضاً مساعدته لحل قضية حضانة طفلها العالقة لدى المحكمة الجعفرية، وفق روايتها. القضية التي أثارت جدلاً واسعاً وما زالت، لم تكن الأولى من نوعها فسيدة أخرى قبل نحو أسبوعٍ روت ما عرضه عليها أحد المشايخ في حالة مشابهة "بتتمتعي أو بتدفعي؟"، تلميحاً منه الى أن أي حل لقضيتها لن يكون الا من خلال هذين الخيارين. روايات تتناقلها النساء في جلساتهن عما تعرّضن له في أروقة المحكمة الجعفرية وخارجها، وإن كنا بالطبع لا نهدف الى الصاق تهم التحرّش والابتزاز برجال الدين كافة، إلا أن بعض "الحالات الفردية" كما يصنّفها الشيخ أحمد طالب قد تحصل.
في الآتي، نعرض لرأي معنيين من رجال دين وجمعيات، ونسأل عن طرق المعالجة؟ والبداية من رواية شقير.
محادثة هاتفية، صورة فعلاقة؟
نشرت ريتا على صفحتها في "فايسبوك" صوراً لمحادثة بينها وبين الشيخ علي حسن بيضون دارت بينهما على تطبيق "واتساب". على حد قول ريتا "بادر الشيخ الى الاتصال بي بعد أن حصل على رقم هاتفي من معدي برنامج اذاعي تحدثت خلاله عن قضية #حضانة ولدي آدم العالقة في المحكمة الجعفرية، وبعد محاولاته العديدة للتواصل معي، عرض عليّ خدماته الدينية بالمجان بهدف المساعدة، وخلال الحديث على "واتساب" كتابة وتسجيل لمّح الى إقامة علاقة معي مستغلاً ظروفي". في الصور التي نشرتها ريتا، يقول الشيخ ما حرفيته "معك تجاوزت حد المزح وحكيتك بموضوع علاقة (لمحتلك) بيني وبينك وأكيد حضرتك عملتي حالك ما فهمتي..."، طالباً منها محو الحديث برمته. اضافة الى صورة "سيلفي" نشرتها ريتا مؤكدة أنه أرسلها لها. في البداية، جاء رد الشيخ على شكل تعليق على أحد المنشورات يتبرأ من الصورة على اعتبار انها مزورة من خلال برنامج "فوتوشوب" ليعود في تعليق لاحق ويعترف انها صحيحة "الا انها أخذت في احد المستشفيات حيث كان يجري عملية جراحية". ريتا التي حظرت رقم الشيخ على تطبيق "واتساب" قبل عامٍ تقريباً، احتفظت بالمحادثة، وكانت قد "اطلعت القاضي الشرعي المتولي قضية حضانتها على مضمونها بعد أن حاول الشيخ بيضون التشهير بها لحرف سير القضية ضدها، وذلك كردة فعلٍ على عدم تجاوبها مع طلباته"، بحسب روايتها لـ"النهار".
فلماذا انتظرت كل تلك المدة قبل ان تخرج ما لديها الى العلن كما فعلت اليوم؟ تجيب ريتا "أردت حماية زينب، من الوقوع في فخ خدماته المجانيّة والمغريّة، اذ عرض عليها مساعدتها ودفع نفقة الطفل من جيبه الخاص لكي يستغلها مستقبلاً لإقامة علاقة معها مقابل خدماته، ولما رفضت راح يشوّش على قضيتها، لذلك اتخذت قرار فضحه ومحاكمته"، مضيفة "هدفي حماية أمهات أخريات من الوقوع ضحايا شهواته وجعله عبرة الى كل من يحاول استغلال قضية الأمومة والحضانة". تترك ريتا "مفاجآت كثيرة" ستكشف عنها في المحكمة، اضافة الى مجموعة من المحامين الّذين سيتقدمون بشكوى ضد الشيخ، كما أعلمتنا.
"النهار" حاولت الاتصال بالشيخ بيضون مرات عديدة ولم توفق، سننشر ما جاء في تعليقات الشيخ على "فايسبوك".
فتشوا عن أحكام الحضانة
في بلدنا حيث قوانين الأحوال الشخصية تتحكم بها الطوائف، تحدد هذه الأخيرة للأم المطلّقة سن حضانة تحتفظ خلاله بطفلها، وتبقى هذه السن الأدنى لدى الطائفة الشيعية (عامين للطفل الذكر وسبعة أعوام للأنثى). وهنا تربط زينة ابرهيم من "الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعية" بين مسلسل الصراع المرير للأمهات اللبنانيات مع المحاكم الدينية وازدياد قضايا الحضانة التي أظهرت التجارب غير المشجعة كيفية معالجتها من المحاكم الجعفرية، وبين الابتزاز الذي قد تتعرض له #المرأة، "طالما أن القانون ليس في مصلحة السيدة، وبما أنها تحتاج الى دعم أو مساعدة الشيخ أو القاضي الذي سيصدر الحكم فمن الطبيعي استغلال ذلك لمساومتها من بعض المشايخ الّذين تسوّل لهم أنفسهم بمثل تلك الممارسات". وتؤكد ابرهيم أن "الصيت طالع"، إلا أن بعض السيدات لا يتجرأن على التحدث بالعلن خوفاً من الاقتصاص منهنّ وعرقلة قضاياهن".
وتعمل الحملة مع السيدات بشكل شخصي، عبر توجيههن "الى عدم المساومة، من خلال تقديم شكاوى ضد من يتعرّض لهنّ أو فضحه" بعد أن أصبح الاعلام بشقيه التقليدي والحديث يشكّل مصدر خوفٍ نظراً لقدرته على تشكيل رأي عام يثير قضايا كانت حتى الماضي القريب تعتبر من المحرّمات "تابو". وبالعودة الى الحضانة، بيت القصيد، تدعو ابرهيم السيدات الى المشاركة في اعتصام ستنفّذه الحملة بالتزامن مع عيد الأم في 21 الشهر الحالي أمام المجلس الشيعي الأعلى الساعة العاشرة صباحاً بعنوان #غضب_الأمهات، للمطالبة برفع سنّ الحضانة.
بين هيئة التبليغ الديني و"الفضيحة"
لا ينكر مفتي صور وجبل عام الشيخ حسن عبدالله، تلك الحالات رغم "أعدادها النادرة" بحسب تقديره، على اعتبار أن "المشايخ بشر وقد يخطئون". وهنا يجمع كل من عبدالله والشيخ أحمد الطالب في حديثهما لـ"النهار"، على أن "المشاكل والثُغر موجودة في مسلكيات الناس أجمع إن كانوا شيوخاً أم محامين أم قضاة ام مهندسين...الخ، وحتى لو لم يكن لهم مكانة اجتماعية. الا أن ذلك لا يعفيهم من مسؤولية أكبر تقع على عاتقهم شأنهم شأن كل من يتصدّى للشأن العام، وعليه يفترض بهم أن يكونوا أكثر حرصاً ويتمتعوا بسلوكٍ اخلاقي متماسك".
وفي حين يطرح طالب «الاستفادة من المخارج المتوافرة ضمن أطر الشريعة لدى الطائفة الشيعية والتي تسمح بتعديل ورفع سن حضانة المرأة المطلقة لأطفالها، بهدف التخفيف من حالة التأزم الاجتماعي القائمة ولإقفال باب المساومة التي قد تتعرض له السيدة في ظل أحكام الحضانة الحالية»، يخالف عبدالله قائلاً "الشيخ غير السوي أخلاقياً سيمارس مسلكياته الخاطئة ولو عدّل ألف قانون"، رابطاً قضية الحضانة برأي الطائفة الشيعية في العالم أجمع، وليس فقط بالمجلس الاسلامي الشيعي في لبنان، "نحتاج الى رؤية موحدة تشكّل مخرجاً بعد نقاشٍ ودراسةٍ بحسب الأدلة الشرعية تعمل عليها أكثر من جهة".
أما عن طريقة مواجهة حالة "التحرش والابتزاز " التي روتها ريتا وربما تعرّضت لها سيدات أخريات، يجيب عبدالله "نتمنى عدم تحويل المشكلة الى رأي عام بل حلّها، وكما لدى كل جهاز دائرة خاصة بالمحاسبة في ما يتعلّق برجال الدين، على السيدة تقديم أدلّتها لدائرة التلبيغ الديني في المجلس الشيعي المكلّفة بالنظر في الأمور المسلكية للمشايخ وهي عممت في العام الماضي أسماء رجال دين اتخذت بحقهم اجراءات وصلت الى حد كف يدهم، بمعنى منع اعتماد الأوراق الصادرة عنهم في المحاكم الشرعية بما يتعلّق بعقود الزواج والطلاق". وبعد التأكد من عبدالله أن الاجراءات لم تكن على خلفية دعاوى تحرّش جنسي، نطرح السؤال الآتي: هل ستتخذ الدائرة الموقف عينه فيما لو قدّمت ريتا أدلّتها؟
من جانبه، الشيخ طالب يعتبر طرح المشكلة في الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، "ليس حلاً لتصحيح مسار خاطىء لدى المشايخ أو سواهم من عناوين المجتمع، انما هو الخطوة الأخيرة التي يتم اللجوء اليها، اذا لم تحلّ المشكلة أمام السلطة الدينية أو القضاء المدني"، مؤكدا أن "قداسة رجل الدين التي افترضتها الناس وتدينه على اساسها لا تجعله فوق المحاسبة".
تعليقات: