لا يُنتظر أن يخرج تيار المستقبل والقوّات اللبنانية من تحت تأثير صدمة خسارتهما انتخابات نقابة المهندسين في طرابلس، أول من أمس، في مهلة زمنية قصيرة. فالهزيمة التي لحقت بهما كانت مدوّية. هي أنهت سيطرة الطرفين على واحدة من أكبر النقابات الشمالية طيلة السنين الماضية، كما أنها تركت الكثير من التصدّعات والندوب في صفوف الطرفين، وهي سترخي بتأثيرها عليهما في الاستحقاقات المقبلة.
مقالات مرتبطة
«المستقبل» يستعد لـ«الفرعية»... بخسارة نقابة المهندسين ليا القزي
أسباب عديدة تقف وراء الخسارة الثقيلة التي تلقاها تيار المستقبل والقوات اللبنانية (حليفهما تيار المردة فاز مرشحه لاعتبارات سياسية وشخصية)، في نقابة اعتقدا أنها مطوّبة باسميهما، بعدما أحكما قبضتيهما عليها طيلة أكثر من عقدين، ولم يستطع أي تحالف انتخابي كسر احتكارهما لها، إلى أن حصل ذلك قبل يومين.
اطمئنان التيار والقوات للنتيجة سلفاً، جعلهما يقفلان النقاش على أي ملاحظات وجّهت إليهما قبل الانتخابات من قاعدتيهما الانتخابيتين العريضتين في نقابة المهندسين، وهي ملاحظات كشفت مصادر الطرفين لـ«الأخبار» أنها تتلخص في «الاعتراض على الأسماء التي جرى ترشيحها ولاقت اعتراضاً جرى تجاوزه، وأسلوب فرض المرشحين من فوق من دون العودة إلى القواعد النقابية في محاولة لإقناعها، وتراكم الممارسات السلبية خلال السنوات السابقة».
أما الطرف الآخر الفائز في الانتخابات، والذي ضمّ تحالفاً واسعاً أبرزه تيار العزم والتيار الوطني الحرّ وتجمع الإصلاح وتيار الكرامة والحزب السوري القومي الاجتماعي وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية ونقباء سابقين، فقد أعادت مصادره أسباب فوزه إلى «تماسك تحالفنا الذي استمد قوته من وجود التيار الوطني على رأس السلطة، واستياء قواعد واسعة من المهندسين، سواء القدامى منهم أم الجدد، من هدر وفساد ومن توظيف ومحاباة شركات تأمين محسوبة على تيار المستقبل والقوات اللبنانية، ومن تحوّل النقابة خلال السنوات الأخيرة إلى مركز سياسي وانتخابي لتيار المستقبل».
نتائج النقابة ستنعكس على معركة النقيب العام المقبل، وعلى فرعية طرابلس الأحد
وأظهرت نتائج الانتخابات التي شارك فيها قرابة 2900 مهندس منتسبين إلى النقابة، لانتخاب أربعة أعضاء في مجلس النقابة، فوز ثلاثة أعضاء من تحالف العزم ـــ التيار الوطني الحر، هم علي هرموش (العزم) عن فئة الموظفين، صفوان الشهال (تجمع الإصلاح) عن فئة المهندسين المدنيين، وائل الدبس (التيار الوطني الحر) عن فئة المهندسين المعماريين، مقابل فوز جيلبير مرعب (تيار المردة) من اللائحة المنافسة.
هذه النتيجة جعلت الطرف الخاسر يعترض على الفرز الإلكتروني للأصوات بشكل كاد يثير إشكالات، رغم أن هذا الفرز كان يعتمد سابقاً، وطالب بإعادة الفرز يدوياً. وتحقق له مطلبه، رغم الاعتراضات عليه. ومع ذلك فإن الفرز اليدوي الذي استمر حتى ساعات الفجر الأولى من يوم الإثنين، أكد نتائج الفرز الإلكتروني، التي أظهرت فارقاً كبيراً في الأصوات بين اللائحة الفائزة واللائحة الخاسرة.
هذه النتيجة ستترك تبعاتها بلا شك داخل نقابة المهندسين التي ستنتخب العام المقبل نقيباً جديداً لها خلفاً للنقيب الحالي بسام زيادة المحسوب على تيار المستقبل، وهي انتخابات بدأت حساباتها منذ الآن، لكن وفق المستجدات والقواعد الجديدة.
إلا أن التأثير السياسي الأكبر لنتائج انتخابات نقابة مهندسي طرابلس سيكون على التحالف الانتخابي المستجد بين تيار المستقبل وتيار العزم، الذي يخوض يوم الأحد المقبل امتحاناً صعباً يتمثل في الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس، لأنه بات يخشى على تحالفهما من الانهيار بعد الاتهامات المتبادلة بينهما على خلفية انتخابات نقابة المهندسين، وكان مختلف وسائل التواصل الاجتماعي مسرحاً بارزاً لها. وسيجعل هذا الخلاف حظوظ فوز مرشحة التيار الأزرق ديما جمالي تتراجع (على الأقل لجهة نسبة الاقتراع)، نظراً إلى أن التيارين يُعتبران الأكبر في المدينة، ومن شأن افتراقهما أن يخلط الكثير من الأوراق، ويفتح المجال أمام حسابات مختلفة.
تعليقات: