شارل أيوب
منذ ان اقتربت قمة دمشق العربية الدولية حتى انطلقت الادارة الاميركية بحرب شعواء ضد هذه القمة تحت مبررات عديدة لم تفعل مثلها واشنطن يوم قررت احتلال العراق، بل هي سعت عشية احتلال العراق الى قمة عربية في شرم الشيخ لتغطية احتلالها للعراق. يومها كانت واشنطن بأمس الحاجة لتغطية عربية، فضغطت لجمع العرب في شرم الشيخ لاخذ موافقتهم على احتلال العراق، واما اليوم فلا تجد سبباً لانعقاد القمة العربية في دمشق الا للمشكلة اللبنانية، مع العلم ان احتلال العراق هو سبب اكبر لدى العرب كي يختلفوا وكي لا يعقدوا قمة يومها، الا ان المشكلة هي ان اميركا تحتل سياسياً ثلثي العالم العربي، وتهيمن على اكثرية انظمته. قمة دمشق هي بامتياز قمة التضامن العربي، وهي قمة دمشق قلب العروبة النابض، وهي قمة الرئيس بشار الاسد بامتياز، لانه القائد العربي الذي وقف دائماً ممانعاً ومقاوماً للهيمنة الاسرائيلية، وفي ذات الوقت ملتزماِ بالقرارات الدولية، وفي ذات الوقت ايضاً ملتزماً بالمبادرة العربية التي طرحتها السعودية، رغم قناعته الداخلية بأن اعطاء العدو الاسرائيلي اوراقاً مسبقة دون ضمانات هو سياسة خاطئة، لكن بشار الاسد من اجل التضامن العربي سار في المبادرة العربية وهو يعرف ان العدو الاسرائيلي سيسقطها وهذا ما حصل.
ما ان انعقد مؤتمر وزراء الخارجية العرب حتى جاءت غوندوليزا رايس الى القاهرة لتفرض هيمنتها على المؤتمر المنعقد في القاهرة واثر تحديد موعد القمة جاءت البوارج الاميركية للضغط والتهويل وما ان اقتربت القمة العربية حتى جاء نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الى المنطقة ليهندس القرارات وليدعو للتصلب ومقاطعة القمة العربية في دمشق، وهي سياسة أميركية الهدف منها ضرب قوى الممانعة في وجه الشرق الاوسط الجديد، وابرز امثاله العراق المقسم والمدمر.
اخذت منا الصهيونية واميركا فلسطين بالقوة واحتلت اميركا العراق ودمرته، والوقاحة الاميركية انها جاءت تطالبنا بتوقيع صكوك التنازل عن فلسطين والعراق، وان من يعارضها هو ارهابي، والوقاحة الاكبر ان انظمة عربية خاضعة لاميركا تعلن ذلك بوضوح وتجاري الركب الاميركي في السيطرة على العالم العربي.
ثلثا نفط العالم موجود في العالم العربي واميركا بامس الحاجة لهذه الطاقة، ومع ذلك لا يأخذ العرب دورهم في العالم، فالعولمة على حسابهم، ورساميلهم تستثمر في نيويورك وتبلعها البورصات هناك، ومداخيل الضرائب على النفط التي تحصل عليها دول اوروبا واميركا اكثر من سعر النفط ومداخيل الدول العربية، مع العلم ان العرب يستطيعون التفاوض مع اميركا على ذلك رغم حاجة اميركا الماسة للنفط.
عالم عربي غني بطاقاته البشرية، بثرواته الطبيعية وبموقعه الجغرافي، ومع ذلك نخضع بتبعية عمياء لاميركا، وتديره رايس مع تشيني، ويقرران حرباً على قمة بشار الاسد في دمشق التي لا يريدها الا قمة تضامن عربي، ولان التضامن العربي بنظر اميركا جريمة منظمة ضد مخططها وضد مخطط الشرق الاوسط الجديد فالحرب على القمة العربية دائرة رحاها. قبل كل شيء ستعقد القمة العربية وستعقد في موعدها ومكانها، وهي اول هزيمة لاميركا، ثم ان العرب مطالبون بالحد الادنى من التضامن في ما بينهم بدل الخضوع الاعمى لواشنطن. الشعوب العربية تنتظر ذلك من قياداتها وقمة دمشق ستخرج منتصرة، وكما انهزمت واشنطن في العراق وتنهزم كل يوم ستجد نفسها مهزومة امام قمة دمشق.
تعليقات: