النائب وليد جنبلاط
يكشف موقف النائب وليد جنبلاط، المنشور اخيرا في صحيفة الحزب التقدمي الاشتراكي"الانباء"، عن توجه خطير في التعاطي مع الفراغ المؤسساتي في لبنان. اذ طالب رئيس اللقاء الديموقراطي بـ""ضرورة اتخاذ جملة من الاجراءات التي تساهم في تعزيز الصمود السياسي والاقتصادي والمعيشي لمنع إنزلاق البلاد نحو الانهيار، بانتظار حلول الفصح السياسي المعطل بفعل الإرادة الإقليمية المتمثلة ببعض الأطراف المحلية التي ارتضت لنفسها قيادة مشروع التعطيل المؤسساتي والدستوري".
من موقعه كزعيم لحزب سياسي مشارك في السلطة، ورئيس لكتلة نيابية، يعرف النائب جنبلاط ان مجلس الوزراء الحالي مهمته تصريف الاعمال فقط، بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية، ورغم ايكال صلاحيات الرئيس الى المجلس مجتمعا، ليس من اختصاصه اتخاذ اي اجراءات تدخل في صلب العمل المؤسساتي المتكامل، بدءا من مجلس النواب ووصولا الى رئيس الجمهورية. وبالتالي تكون دعوة النائب وليد جنبلاط، وهو الذي يتمتع بقوة وزارية في مجلس الوزراء الحالي، اشارة الى استغلال الفراغ الحالي في تغيير جوهر النظام اللبناني، واعادة بناء المؤسسات على قواعد جديدة.
اذ رغم عدالة المطالب التي اوردها جنبلاط في مقالته، لجهة رفع الاجور، وحسم قضية الكهرباء، وغيرها من القضايا المطلبية المحقة، الا ان ذلك لا يلغي خطورة ان يقدم مجلس الوزراء على اي خطوة من هذا النوع، اذذاك سيكون الامر اشارة واضحة الى القبول بإلغاء رئاسة الجمهورية، وإلغاء دور مجلس النواب، والاكتفاء بالسلطة التنفيذية"العرجاء دستوريا" في تسيير امور البلاد.
وحتى ان غطى البطريرك صفير، الذي تحول الى مؤتمن على القرارات المتصلة بدور رئيس الجمهورية، منذ استشير للمرة الاولى بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود، فان هذا لا يعني دستورية وشرعية الاجراءات التي تتخذ في مجلس الوزراء، خارج نطاق تصريف الاعمال. ذلك لان البطريرك صفير بوصفه رأس الكنيسة المارونية التي ينتمي اليها رئيس الجمهورية لاصفة دستورية له في المؤسسات الدستورية، وهو في المحصلة مواطن لبناني، له سلطة روحية، وليس له سلطة دستورية، رغم اهمية دوره السياسي الكبير على الصعيد اللبناني.
وحتى إن غطت المرجعيات الروحية اللبنانية كافة قرارات مجلس الوزراء، لن يكون ذلك دستوريا، وبالتالي لن يكون ما يقرره هذا المجلس في مصلحة لبنان في المستقبل، ذلك لان الخلل الدستوري الذي ادى الى استمرار الفراغ كل هذه الاشهر سيمنح اي فريق ينفرد بالسلطة مستقبلا الصلاحية في يمارس ما يمارسه الفريق الوزاري الحالي، ويكون في الوضع الذي عليه هو عليه فريق الموالاة، الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط ، مايعني الاستمرار في افراغ مؤسسات الدولة من محتواها كما هي الحال الان مع الدستور المفرغ من محتواه.
كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، حق لا جدال فيه، لكن نتائجه باطل ايضا لا جدال فيه، فهل هذه هي الاجراءات التي تحدثت عنها الموالاة لمواجهة الفراغ الرئاسي والمؤسساتي في لبنان؟
اذا كان ذلك ما رمت اليه الموالاة فان الامر ينطوي على مصيبة كبيرة في لبنان، يمكن القول انها بداية للمضي لتمرير كل المخططات التي سبق وتحدث عنها اكثر من 99 في المئة من اقطاب الموالاة والمعارضة، فربما تبدأ القضية بزيادة الاجور وتنتهي بالتوطين، وبعدها ينظر في امر رئاسة الجمهورية... هذا اذا بقيت هناك جمهورية!
رئيس مجلس النواب نبيه بري اعلن في حديثه لاحدى القنوات اللبنانية اخيرا انه سيدعو الى حوار داخلي بعد الانتهاء من القمة العربية في دمشق، وهذا الحوار يمكن ان يكون كوة في جدار الانقسام، من المحتمل ان ينتهي الى اتفاق على سلة لبنانية تنهي الازمة، ورغم المحاذير العربية والدولية التي تحيط بلبنان والتي يمكن تعطل اي حل، يمكن تأجيل مطالب النائب وليد جنبلاط الى حين عقد الحوار، عندئذ تكون هذه المطالب قاعدة يؤسس عليها لاتفاق سياسي، اذ لا خلاف بين المعارضة على المطالب الحياتية للناس، والقاسم المشترك هذا يمكن ان يؤسس الى اتفاق. لكن ان تطلق هذه الدعوة الان، ومن دون ان الاخذ بطبيعة الوضع اللبناني المعقد، فان ذلك يعني دفع البلد نحو الانهيار، وليس "منع البلد من الانزلاق نحو الانهيار".
Hasana961@yahoo. com
تعليقات: