أهالي المنطقة الحدودية لم يشعروا بفرحة عيد الفصح فكانت أقل من عادية

حركة في السوق الشعبي في منطقة مرجعيون
حركة في السوق الشعبي في منطقة مرجعيون


المأساة تنخر جسم المواطن وتهدد أمنه الإجتماعي وتصل إلى مرحلة خطيرة

الأهالي والتجار يطالبون بلجم الإرتفاع الجنوبي لأسعار المواد الغذائية

مرجعيون:

لاتبدو في الأفق القريب بوادر حلول فعلية للأزمة المعيشية القديمة - الجديدة، فالإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الضرورية وحتى الكمالية، وكذلك الغلاء الفاحش في المحروقات وغيرها، بدأ يدق ناقوس خطر حقيقي لأصحاب الدخل المحدود والفقراء وحتى المجتمعات المتوسطة، ويبشر بانهيار الطبقات الفقيرة في أكثرية البلدات المرجعيونية، التي تعتاش من الزراعة، وهي حالياً تعيش في حالة جمود وموت حقيقي·

هذه المأساة التي طال عمرها، وهي تنخر بجسم المواطنين منذ مدة طويلة وباتت تهدد أمنهم الاجتماعي، بدأت تتفاقم وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم منذ بداية العام الجاري، حتى وصلت إلى مرحلة خطيرة جداً وتنذر بكوارث اجتماعية لا تحمد عقباها، إذا لم تعالج بسرعة ويوضع حد لها، فإننا أمام انهيار فعلي للمجتمعات وللمؤسسات·

هذه الصورة القاتمة للوضع الإقتصادي والاجتماعي في منطقة مرجعيون، تعززت خلال فترة عيد الفصح المجيد حيث كانت المناسبة هذا العام أقل من عادية، ولم يشعر الأهالي بفرحة العيد، ومرت أيام الأعياد وكأن شيئاً لم يكن·

ومما زاد في الطين بلة، الوضع السياسي المتأزم، فمع استمرار الفراغ الرئاسي، وتواصل الصراعات السياسية بين القيادات والأحزاب، تنعدم فرصة المواطن بالعيش في أمانٍ واستقرار نفسي واجتماعي واقتصادي·

>لـــواء صيدا والجنوب< قام بجولة استطلاعية في منطقة مرجعيون خلال الأعياد، واستمع إلى آراء بعض التجار وأصحاب المحال التجارية والأهالي، الذين عبّروا عن استيائهم من تفاقم الأزمة المعيشية وغياب المعالجات الفورية، وانعدام فرص تحسن الأوضاع السياسية·

حركة بيع ضعيفة جداً، التجار وأصحاب المحلات التجارية الصغيرة يعملون من دون بركة، ويأسفون على الأيام الماضية، ويصرخون من أوجاعهم المعيشية، وكذلك الأهالي الذين يمرون بأيام عصيبة لم يعرفوا مثيلاً لها من قبل، فغالبيتهم يصارعون الموت منذ بداية العام 2008، جراء ارتفاع الأسعار بشكل جنوني ودون رقيب أو حسيب·

أما العائلات المكونة من أطفال فهي تعيش من قلة الموت، فرب العائلة لا يستطيع تأمين الحليب لأولاده، والمريض لا قدرة لديه على شراء الأدوية والمواطن العادي بالكاد يستطيع تأمين، المحروقات الضرورية لمنزلة سواء الغاز أو المازوت أو مادة البنزين·

مع اطلالة العام الحالي بدأت أسعار المواد الغذائية والألبسة والمحروقات وغيرها ترتفع بطريقة عشوائية في منطقة مرجعيون، وهي اليوم تجاوزت الخط الأحمر لمستوى المعيشة والرواتب المنخفضة والمتدنية جداً، وهذا الوضع الإقتصادي انعكس سلباً على حياة الأهالي الذين لم يتمكنوا خلال فترة الأعياد من شراء حاجات أبنائهم الضرورية منها والكمالية حتى بات يوم العيد مثل بقية الأيام· هذا الوضع المتأزم طال أيضاً أصحاب المهن الحرة والمحلات التجارية والتجار الذين ينتقلون يومياً إلى كافة القرى لعرض بضائعهم ومنتوجاتهم في الأسواق الشعبية التي تقام أسبوعياً في البلدات المرجعيونية·

انتهت أيام العز { التاجر حكمت عباس (ابن الستين عاماً يترحم على الأيام الماضية) ويقول >انتهى وقت العز والسعادة، ونعيش في زمن الغضب والكفر والمجاعة، والناس ستأكل بعضها لأن الجوع كافر، وسنصل إليه في وقت قريب إذا ما استمر الوضع على حاله·

وأضاف: كنت سابقاً أبيع يومياً ما يمكّنني من العيش بسلام وأمان مع عائلتي، لكن اليوم اختلفت الأمور وبالكاد نبيع 2% من البضائع، فحركة الشراء معدومة >الأهالي غير قادين على تأمين حاجاتهم من المواد الغذائية، ونحن بالتالي سنعاني من ضائقة بسبب توقف البيع والحركة التجارية والإقتصادية<·

وطالب عباس >الدولة بالعمل على حل الأزمة ومنع انهيار المجتمعات الفقيرة والمؤسسات المساعدة<·

{ من جهته أشار التاجر ربيع الساحلي (من بلدة طلوسة)، الذي يشارك في الأسواق الشعبية في المناطق إلى >أن العام الحالي هو أسوأ الأعوام التي عرفها فمنذ بدايته، توقف العمل وحركة البيع والشراء انعدمت كلياً، وبتنا نشكل عبئاً على عائلتنا<·

وأضاف: كنا نبيع كثيراً خلال الأعوام السابقة، واليوم أصبحنا بدون عمل ولم نعد منتجين، وغير قادرين على تأمين المستلزمات المعيشية لأطفالنا·

وتابع: شعرنا بخطورة الوضع هذا العيد، ولم تصل مبيعاتنا إلى حدود الـ 5% مما كان سابقاً، وهذا مصدر خوف وقلق لدى كل التجار، ونتمنى من المعنيين معالجة الوضع المتجه نحو الافلاس والتدهور الخطير·

كفى لعباً بأرواح الناس { المواطن زهير ماجد (من بلدة المارية) قال: كفى لعباً بأرواح الناس ونحن من بينهم، والإرتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية وغيرها يزهق المواطن، ويحد من حركة البيع والشراء، ولم تعد مصالحنا تكفي لتأمين مستلزمات عائلتنا، فهل يعقل أن تصل صفيحة البنزين إلى 30 ألف ليرة، وكيلو الحليب إلى 15 ألف ليرة، فأين العدل والرحمة؟ وأين الدولة والمؤسسات الاجتماعية؟ وأضاف: نحن بالتأكيد وصلنا إلى نقطة الخطر الإجتماعي الحقيقي، والأيام المقبلة تنذر بمخاطر كبيرة تهدد وجودنا وحياتنا وتقضي على آمال شبابنا·

{ المواطن (م·ن) قال: أنا متزوج ولدي 3 أولاد وأعمل في الزراعة منذ مدة طويلة، وكنت سابقاً قادراً على تأمين مستلزمات العيش، أما اليوم فمن المستحيل توفير الحليب لأطفالي من عملي، فكيف سنؤمن بقية الحاجات من مأكل وملبس وغيرهما·

وأضاف: الحالة المعيشية أصبحت عبئاً ثقيلاً على المواطنين، الله وحده يعرف المستقبل إذا بقي الوضع واستمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع·

وطالب >الدولة بالتدخل والعمل على مساعدة الفقراء وتأمين حياة لائقة لهم<·

{ زينب (من بلدة دبين) قالت: زوجي يتقاضى راتباً من عمله لا يكفي لتأمين مستلزمات ولد واحد، وبالكاد يصل إلى نهاية الشهر، فكيف نستطيع تلبية حاجات العائلة المكونة من خمس أولاد، الله وحده يعرف كيف نعيش، لقد وصلنا إلى حافة الجوع، ومع ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش الذي شمل جميع متطلبات الحياة، فإن المأساة واقعة لا محالة، وعلى المعنيين أن يعوا خطورة الوضع، ويحسوا ويشعروا بما نتألم منه·

وأملت >في وضع حد لارتفاع الأسعار، واتخاذ تدابير واجراءات لحماية الأهالي والمجتمع والوطن بأسره<·

·· أين حدود الأزمة إلى أين ذاهبون، أسئلة مستحيلة في ظل الأوضاع السياسية الراهنة؟

المواطن لا يريد سوى الإطمئنان إلى مستقبل وجوده وكيانه، والعيش بأمان وسلام، واستقرار نفسي واجتماعي واقتصادي، لا يتحقق ذلك إلا بوجود الدولة القوية القادرة على حماية شعبها من كافة الأزمات، فهل تصل الدولة وتقوم بدورها الفعلي أم نحن أمام دويلات؟

وحده المستقبل كفيل بالرد على هواجس الأهالي، لكن هناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق المسؤولين، وعليهم أن يتحملوها سواء أكانوا من هذا الفريق أو ذاك، وإلا فاننا متجهون نحو طريق مجهولة لا أحد يعرف نهايتها.

تعليقات: