الحكومة تؤهل السرايا بـ 2.860 مليون دولار!

رفع العلم اللبناني أمام السرايا الحكومية
رفع العلم اللبناني أمام السرايا الحكومية


3 أكشاك للحرس عند المدخل الرئيسي تكلّف اللبنانيين 21 ألف دولار..

رفع مجلس الإنماء والإعمار إلى مجلس الوزراء طلباً بالموافقة على أعمال تأهيل السرايا الحكومية، ويورد هذا الطلب تناقضات مريبة في احتساب أكلاف الأعمال بين تقريري المكتب الاستشاري نفسه، وبينهما من جهة والكلفة التي يطلبها مجلس الإنماء من جهة أخرى، للمباشرة بتنفيذ أعمال التأهيل!

وافق مجلس الوزراء على ترميم وتأهيل مبنى السرايا الحكومية ومرافقه، وقد طلب مجلس الإنماء والإعمار تمويل هذه الأشغال، بكلفة تقديرية إجمالية هي 2 مليون و860 ألف دولار، علماً أن الاستشاري عبد الواحد شهاب قدّر القيمة الإجمالية بـ2 مليون و854 ألف دولار، شاملةً كل الأتعاب والضريبة على القيمة المضافة، وكذلك احتياط بنسبة 10 في المئة، إلا أن الفارق لا يقتصر على 6 آلاف دولار، إذ كشف التقرير المقدّم إلى مجلس الوزراء عن الأعمال المطلوب إنجازها في مبنى السرايا تناقضات فاضحة في الأسعار، إضافةً إلى تضخيم في بعض الأكلاف الواردة في التقرير، وصولاً إلى فروق صارخة في الأسعار بين تقرير وآخر!

تصنيف الأشغال وكلفتها

أجرى مكتب عبد الواحد شهاب للهندسة والاستشارات مسحاً على عمليات إعادة تأهيل السرايا وكلفتها، وتبيّن معه في التقرير الأول في 26/12/2007 أن كلفة الأعمال التأهيلية هي مليون و452 ألف دولار من دون الضريبة على القيمة المضافة، إلا أن مجلس الإنماء والإعمار طلب من المكتب الاستشاري لشهاب تطوير التقرير الأوّل استناداً إلى ملاحظات قدمها الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، وعلى هذا الأساس أعد المكتب تقريراً ثانياً انتهى في 27 شباط 2008 بيّن أن كلفة الأعمال داخل السرايا هي 2 مليون و854 ألف دولار، إلّا أن مجلس الإنماء والإعمار رفع طلباً الى الأمين العام لمجلس الوزراء في 5 آذار 2008 أورد فيه أن كلفة أعمال تأهيل السرايا هي 2 مليون و860 ألف دولار!

وقد طلب مجلس الإنماء والإعمار في 22/1/2008 من الأمانة العامة لمجلس الوزراء تأمين مبلغ مليون و750 ألف دولار لتنفيذ هذا المشروع وفق نتائج المسح الأول للمكتب الاستشاري، الذي يقسّم الأعمال بين مستعجلة، وهي تتعلق بإصلاح أماكن منع النش ومعالجتها بكلفة 221990 دولاراً، وإعادة تأهيل الدهان والأباجور الخشبي للنوافذ الخشبية وإصلاحهما وكلفته 45750 دولاراً، أي ما مجموعه 267،740 دولاراً. أما الأعمال الضرورية، فهي بكلفة 450200 دولار، وذلك لتنفيذ أعمال الطرش والدهان وكلفة أعمال متفرقة في مبنى السرايا ومحيطه. أما الأعمال الاختيارية، فهي بقيمة 602500 دولار، وتتوزّع على فك وإعادة تركيب مادة العزل لمنع النش، ومعالجة الجوانات وبلاط البازلت في الساحات بكلفة 325000 دولار، إضافةً إلى معالجة الواجهات الحجر الرملي الخارجية لمنع النش بكلفة 277500 دولار.

تضخيم الأكلاف

إلا أن التقرير الثاني للمكتب الاستشاري رفع الكلفة إلى مليونين و854 دولاراً، وقد قسّم الأشغال إلى نوعين، الأول هو أشغال ضرورية ملحّة مطلوب تنفيذها، وهي عائدة بأغلبها إلى أعمال منع النش، والثانية هي أشغال مدنية ضرورية مطلوبة يجب تأمين ملفاتها في حال اعتماد تنفيذها. وتتضمن المجموعة الأولى من الأشغال الملحّة، أشغالاً لمنع تسرب مياه الأمطار، والعزل لحماية المبنى بكلفة مليون و250 ألف دولار، وأشغال صيانة للأبواب والأباجورات والدهان بكلفة 520 ألف دولار، وخرائط وفق نظام أتوكاد للمخططات المعمارية لجميع مساقط المبنى بكلفة 6 آلاف دولار، وتنظيف وتأهيل الساحة الغربية والشمالية للسرايا مع تصاوين بقيمة 66 ألف دولار، ليصبح مجموع هذه الأشغال ومن ضمنها بدلات أتعاب الاستشاري والضريبة على القيمة المضافة ومبلغ احتياطي بنسبة 10 في المئة هو مليون و842 ألف دولار.

أما كلفة المجموعة الثانية التقديرية، فهي مليون و10 آلاف دولار تقسم كالآتي: حاجز صد معدني ميكانيكي للحماية الأمنية عدد 2 بكلفة 185 ألف دولار، وتقديم وتركيب كاميرات للمراقبة الأمنية بكلفة 325 ألف دولار. وتقديم وتجهيز غرف الأرشيف والوثائق بمعدات متخصصة بكلفة 425 ألف دولار. وتقديم وتركيب أكشاك حرس عند المدخل الرئيسي عدد 3 بقيمة 30 ألف دولار. وتأهيل وترميم برج الساعة الخارجية بقيمة 45 ألف دولار.

عمليات حسابية غريبة!

ويشير أحد المكاتب الهندسية المتخصصة في أعمال البناء لـ «الأخبار»، إلى أن التقرير يفيد أن صيانة أسقف القرميد على كامل السطوح الأخيرة بتغيير كل المهشّم والمفقود وتلييس الجدران العلوية غير المليّسة ودهانها ومعالجة النهايات مع الجدران بمواد خاصة لمنع تسرب مياه الأمطار، تمتد على مساحة 8 آلاف متر مربع على أن يكلف المتر المربع الواحد 10 دولارات، ما يجعل الكلفة الاجمالية 80 ألف دولار، إلا أن تغيير القرميد بشكل كامل لا يكلّف أكثر من 9 دولارات كحد أقصى، فيما الصور المرفقة بالتقرير تشير الى أنهم لا يريدون صيانة كل السقوف القرميد، كما أنه ليس من المنطقي تلييس كامل هذه المساحة، وبالتالي، فإن تقدير السعر بـ80 ألف دولار مبالغ فيه، ويوحي أن قرميد السرايا بكامله تالف ويحتاج إلى صيانة، وهذا غير منظور في الصور. ويورد التقرير أنه سيجري تخشين أرضية السطوح المكشوفة ومد طبقة من الباطون الخفيف مع السرود اللازم إلى المصافي، وعمل اللياسة للجدران حيث يلزم ذلك مع إنشاء مصافٍ إضافية، وذلك على مساحة 3 آلاف متر مربع بكلفة 45 دولاراً على المتر، أي ما يكلف بشكل إجمالي 135 ألف دولار، ويشير المكتب الهندسي الى أن العملية الحسابية لهذه الأعمال غريبة، إذ إن صب الباطون على السقوف يُحتسب بالمتر المكعب، لا المربّع، وإذا جرى اعتبار أنهم سيمدّون الباطون على كامل مساحة 3 آلاف متر مكعب، فإن الباطون الخفيف لا يمكن أن يتعدى بسماكته سبعة سنتمترات، وبالتالي ينتج العملية الحسابية التالية: 3000 متر مكعب * 7 سنتم= 210 أمتار مكعبة، وإذا رفعت كلفة المتر المكعب إلى 250 دولاراً، فإن المجموع يجب ألّا يتعدى الـ52500 دولار، لا 135000 دولار!

أعلام بـ15 ألف دولار!

أما في ما يتعلق بمد طبقتين رولو عازل لتسرّب المياه على السطوح المكشوفة فوق طبقة الباطون الخفيف بسماكة 4 ملم لكل طبقة، إضافةً إلى النعلات والجدران حيث يلزم، على مساحة 4 آلاف متر مربع، فقد احتسبها التقرير على أساس 18 دولاراً لكل متر مربع، بكلفة إجمالية تصل إلى 72 ألف دولار، إلّا أن المكتب الهندسي يرى أن هذه الكلفة غير منطقية، إذ إن كلفة المتر المربع من هذه الأشغال لا تتعدّى في أقصى درجات البذخ الـ10 دولارات، وخصوصاً أنه كلما زادت المساحة انخفضت كلفة اليد العاملة التي تمثّل أساس هذه الكلفة. ويستغرب المكتب كيف يجري تخشين أرضية السطوح بمساحة 3 آلاف متر مربع، ومد رولو عازل على السطوح نفسها بمساحة 4 آلاف متر مربع، إذ إن المساحة يجب أن تكون متقاربة، ويجب ألّا تفرق ألف متر مربع!...

أمّا ما يثير دهشة المكتب الهندسي، فهو ما ورد في التقرير عن تركيب 3 أعلام في ثلاثة مواقع مع قواعدها عند السطح الأخير بشكل فني، وما يتطلبه ذلك من فتحات في السقف وهزل النش وتركيب القرميد بكلفة 15 ألف دولار، إذ يؤكد المكتب أن هذه العملية لا تستلزم أكثر من 6 آلاف دولار كحد أقصى، حتى لو تضمّن ذلك فك القرميد والعمليات الأخرى، على الرغم من أن كل الأشغال المرافقة لتركيب القواعد تدخل ضمن المشروع المتكامل للسقوف، وبالتالي، فإن احتساب كلفتها مرة أخرى يعني الحصول على أموال عن العملية ذاتها مرتين!

وتضخيم الأسعار في التقرير لا ينتهي، إلا أن المكتب لفت إلى وجود مصطلحات غير مفهومة في التقرير، فمثلاً يورد التقرير أن عدد الأبواب الخشبية وبعض السقوف «مقطوع» ويكلّف 80 ألف دولار، فيما يمكن تعداد الأبواب وإيراد عددها في التقرير. كما يشير إلى أن التقرير يورد أن كلفة تنظيف وتأهيل وزراعة الساحة الغربية والشمالية للسرايا هي 50 ألف دولار، فيما زراعة جزء كبير من حرش بيروت يمكن أن يُنجز بهذه الكلفة...

أما كلفة الصيانة العامة لبرج الساعة الخارجية، فقد حددها التقرير بـ35 ألف دولار، علماً بأن الأشغال المطلوبة هي إصلاح الباب ونوافذ ودهان داخلي وصيانة عامة للواجهات الخارجية، ويؤكد المكتب الهندسي أن هذه الكلفة ضخمة بالتأكيد، إذ إنه بهذا السعر يمكن إنشاء شقتين بمساحة 100 متر مربع لكل واحدة!

مجرد إشارة

خزائن واحدة بأكلاف متفاوتة!

تتعلق المفارقة الواضحة في التقرير بتجهيز الغرف بالخزائن، بحيث أنّه كلما زاد طول الخزانة انخفض سعرها!، إذ إن خزائن في غرفة لمحفوظات قرارات الجلسات بطول 539 م.ط. تكلّف 85 ألف دولار. وخزائن محفوظات القلم بطول 270 م. ط. تكلف 42 ألف دولار. فيما خزائن لمحفوظات الجريدة الرسمية القسم أ بطول 852 م.ط. تكلّف 81 ألف دولار، وخزائن للغرض نفسه في القسم باء بطول 410 م.ط. تكلّف 45 ألف دولار! ويشير المكتب الهندسي إلى أنه يمكن القول إن نوعية الخزائن قد تكون مختلفة بين غرفة وأخرى، إلا أن ذلك غير مذكور في أي مكان في التقرير، ما يغلّب احتمال أن تكون نوعية الخزائن هي ذاتها في جميع الغرف.

أما عن تقديم وتركيب 3 أكشاك للحرس عند المدخل الرئيسي للسرايا، فقد حدد التقرير كلفتها بـ 21 ألف دولار، فيما يؤكد المكتب الهندسي أن كلفة الكشك الواحد يجب ألّا تتعدى الـ3 آلاف دولار، إذا كان مصنوعاً من الستانلس، وألّا تتجاوز كلفته الألف دولار، إذا كان من الباطون.

تعليقات: