لم يتراجع الاهتمام الرسمي بملف النازحين السوريين لكن منسوب التوتر الذي كان قائماً حوله بعد تشكيل الحكومة انخفض مؤخراً إلى حدّ كبير لتتصدّر الموازنة والإضرابات واجهة الاهتمام.
فملف النازحين هو الأكثر دقّة وحساسية مع ارتفاع كلفة النزوح الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع اللبناني ومع زيادة إعداد النازحين ليلامس سقف المليونين وأكثر(لا يوجد أرقام دقيقة) وتزايد عدد الولادات وعدم تسجيلها وقد وصلت أعباء النزوح على مؤسسة الكهرباء إلى 330 مليون دولار سنوياً من الهدر في الطاقة.
وعليه فإن مشهد إزالة خيم النازحين في منطقة البترون والمواجهات بين أهالي عرسال والنازحين السوريين التي وصلت إلى حدّ إقفال مؤسسات ومحال للسوريين في منطقة عرسال قبل فترة ليست المشهد الأخير في ملف النزوح السوري المستمر منذ سبع سنوات ومسلسل التوتر يتّخذ أشكالاً مختلفة بين النازحين والبيئة اللبنانية المضيفة التي تئن من ضغوطات النزوح.
ووفق المعلومات هناك توجّه رسميّ تمّ تأجيله سابقاً لمعالجة جديّة ومشتركة بين لبنان وسوريا وعدم التعويل أبداً على المبادرات الدولية، وصار ثابتاً أن المجتمع الدولي لا يرغب في عودتهم ويسعى إلى توفير ظروف بقائهم في لبنان وأن المبادرة الروسية دونها عقبات وتحتاج إلى التمويل والظروف الدولية غير المتوفرة.
التوجّه اللبناني هو ذو شقيّن سياسي وإجرائي داخلي لتحقيق العودة، سياسياً فإن الأجواء الرسمية تؤشّر بعد الانتهاء من صخب الموازنة وتسييل خطط وأموال "سيدر" لحصول مبادرات منها عدد من الخطوات تجاه الجانب السوري لتفعيل العودة وتتضمّن المبادرة إقامة مناطق إيواء آمنة على الأراضي السورية بالتنسيق بين وزارتَي الخارجية والنازحين. وتتوقّع أوساط معنيّة بالملف احتمال حصول زيارة مشتركة لوزيرَي الخارجية والنازحين إلى دمشق من ضمن هذا التوجّه.
وفي المعلومات أن وزارة النازحين أنهت وضع خطتها للعودة ولكن تتحفّظ على تفاصيلها بانتظار التوقيت المناسب لإعلانها، وحيث تطلق قريباً ورشة عمل لمناقشة الخطّة لتطويرها والأخذ بالملاحظات حولها.
ومن جهة الإجراءات فإن التوجّه اللبناني سيكون لتقديم حوافز للعائدين ومساعدتهم وخلق فرص لهم في دولتهم كما أن هناك نية بالتشدّد في تطبيق قوانين العمالة الأجنبية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والبلديات وتشمل تطبيق قوانين الإقامة والعمل ومراقبة عمل المؤسسات التي أنشأها السوريون في لبنان على ألا يشمل هذا الإجراء السوريين العاملين في قطاعات البناء والزراعة بل الفئات التي تنافس اللبنانيين على لقمة عيشهم..
التوجّه اللبناني سيكون برعاية رئيس الجمهورية ووزارتَي الخارجية والنازحين وهو إجراء دفاعي عن النازحين أولاً وعن البيئة اللبنانية التي تعاني من تضخّم رقم النازحين قياساً بالمساحة الجغرافية والموازين البيئية.
قضية النازحين تتداخل مع الاصلاحات في الموازنة لجهة التقشّف والإصلاح الاقتصادي والمالي لكن الأساس هو توسيع مروحة التفاهمات بين السياسيين أولاً حول المسألة وإبعاد الملف عن التجاذب السياسي ليصار إلى تطبيق خطة العودة التي يُمكن أن تتضمّن حوافز للعودة وإغراءات معيّنة للعائدين إلى بلادهم وبالضغط على المجتمعات الدولية للانتقال إلى خطة بديلة للخطة الدولية لبقائهم في البلدان المضيفة والتحضير لما يُعرف بصفقة القرن.
تعليقات: