جسر عين عرب... مقطوعاً (أدوار عشي)
يكابد أهالي عين عرب، الماري، العباسية، وقرى السلامية، حلتا، الدحيرجات، وريحانة بري الحدودية، من مشقة التنقل على الطريق البديل الذي تولت فرقة سلاح الهندسة في الجيش اللبناني تأهيله، عوضاً عن الطريق المار بجسر عين عرب الأثري المبني من الحجر الأسود البازلتي، الذي شيده الفرنسيون في بداية انتدابهم على لبنان في العشرينيات من القرن الماضي، والذي دمّره الطيران الحربي الإسرائيلي، عشية عملية الغجر التي نفذتها المقاومة في الواحد والعشرين من تشرين الثاني 2005، والذي يربط بين بلدتي عين عرب والماري في قضاء مرجعيون، وقرى محور حاصبيا والعرقوب.
وطالب أهالي عين عرب والماري، وسائقو السيارات العابرة، بـ«استكمال بناء إنشاءات جسر عين عرب في أسرع وقت ممكن، بعد تفكيك الجسر الحديد، وتوقف الأشغال في بناء الجسر الجديد منذ نحو أربعة أشهر، دون تقديم أي عذر أو مبرر لهذا التوقف القسري، الذي يربطه البعض بعدم توفر السيولة، وغلاء أسعار الحديد والباطون، ولأن الأهالي يريدون الوصول إلى حقولهم ومزروعاتهم، وخصوصاً أن الجسر المدمر كان يشكل شرياناً حيوياً يربط عين عرب ببقية المناطق».
وفككت فرقة من فوج الهندسة في الجيش اللبناني، في الربع الأول من شهر كانون الأول ,2007 جسر عين عرب الذي ركبته فرقة من الجيش الروسي في العشرين من تشرين الأول ,2006 بعدما دمره الطيران الحربي الإسرائيلي في تشرين الثاني من العام 2005 كما أسلفنا، وأجهز عليه تماماً خلال عدوان تموز .2006 وباشر مجلس الجنوب إعادة إعمار الجسر المدمر، وهو الأكبر في قضاء حاصبيا إذ يبلغ طوله 63 متراً، ويربط قضاء مرجعيون بمنطقة العرقوب وقضاء حاصبيا.
وكان فريق من سلاح الهندسة في الجيش الروسي، في إطار اليونيفيل المعززة في الجنوب، تولى في التاسع من تشرين الأول من العام 2006 عقب حرب تموز، بمواكبة قوة من اللواء العاشر في الجيش اللبناني، أشغال وبناء وتركيب القسم الأكبر من الجسر الحديدي في عين عرب فوق مجرى نهر الحاصباني.
ولم يجد أهالي القرى الواقعة في محيط هذا الجسر، والذي تسلكه يومياً في ذهابها وإيابها من وإلى أشغالها، كما تلامذة المدارس والمزارعون والرعاة ومواشيهم، وآليات القوات الدولية والجيش اللبناني في تلك المنطقة الحدودية، سبباً مقنعاً لتجاهل استكمال أشغال جسر عين عرب فوق مجرى الحاصباني، وإعادة بنائه وترميمه، أسوة ببقية الجسور في مختلف المناطق اللبنانية، التي تم تدميرها من قبل الطيران الإسرائيلي خلال عدوان تموز.
وقد عبر الأهالي عن استيائهم واستغرابهم من اللامبالاة التي تواجههم بها الحكومة، وعدم اكتراثها للخطر المحدق بأبناء المناطق الحدودية النائية، أثناء سلوكهم الطريق البديل نظراً لضيقه ولشدة انحداره وصعوبة منعطفاته، وصم آذانها عن تلبية مطالبهم الحياتية والخدماتية، والذي يعبر عنه بالتقصير الفاضح حيال هذا الموضوع، وطالبوا الجهات المعنية بالإسراع في دفع عجلة الحركة لبناء الجسر ووضعه أمام حركة السير، قبل القيام بأي تحرك تصعيدي للضغط في سبيل إنجاز هذا الجسر الحيوي.
المواطن محمد الأحمد الذي يسكن على مقربة من الجسر المدمر، قال «لم نعرف حتى الساعة الأسباب التي حدت بالمتعهد لوقف الأشغال، وقيل لنا إن التوقف تارة لعدم توفر الأموال، وتارة أخرى بسبب فصل الشتاء والخشية من ارتفاع منسوب مياه النهر، لكن هذا الكلام غير جدي وغير مبرر، ومجرى النهر بعيد نسبياً عن ركائز الدعم الاسمنتية، ولم تبلغ السيول حدها المعتاد، نظراً لقلة سقوط الأمطار، وطقس الصحو الذي سيطر منذ وقف الأشغال. وهذه حجة واهية بالنسبة إليهم، ونطالبهم مجدداً بإعادة إعمار الجسر، وإلا فإن الأهالي سيتخذون موقفاً تصعيدياً أقله قطع الطريق أمام حركة المرور».
أحد باعة السمك المتجولين غسان منانا، رأى «أن إعادة بناء هذا الجسر يوفر علينا مشقة قطع مسافة لا تخلو من الخطر، فيما سلوك الجسر يختزل مسافة كيلومترين ببضعة أمتار، للتنقل بين منطقتي مرجعيون والعرقوب».
واعتبر أحد المزارعين من بلدة الماري من آل البطحيش ان «على الدولة الإسراع في معالجة هذه المسألة قبل حلول موسم إنتاج وتصريف المزروعات الذي يتم عبر هذا الجسر الحيوي. وكنا أفضل حالاً لو بقي جسر الحديد الروسي على حاله، لكن لم نعرف ماذا دهاهم، حتى يأمروا بتفكيك الجسر، ونصيح معلقين في الهواء، وهذه قصة تعودنا عليها في معالجة الأمور الخدماتية للمواطنين، ونأمل من المعنيين كما أشرنا الإسراع في حل هذه المعضلة وبناء الجسر، لأن هذه الطريق البديلة القائمة فوق عبارة يمكن أن تهوي في أي وقت، وهي لا تستوعب حركة المرور عليها لاسيما مع عبور الآليات الثقيلة».
ووقعت في الآونة الأخيرة، حوادث سير عدة في تلك المنطقة، كان آخرها بين سيارة مرسيدس وآلية عسكرية تابعة للكتيبة الإسبانية، من دون إصابات، علماً بأن وحدة من سلاح الهندسة في الكتيبة الإسبانية العاملة في إطار قوة حفظ السلام الدولية في الجنوب «اليونيفيل» المعززة، قامت أخيراً بتوسيع طريق عين عرب بمحاذاة مجرى نهر الحاصباني، وتعبيدها بالباطون، لتمكين آلياتها من المرور عليها خلال دورياتها العملانية على الخط الأزرق.
تعليقات: