صندوق الزكاة صيدا، مقبرة صيدا الجديدة، سفر "والذكريات صدى السنين"، بالإضافة إلى ما تمتع به من خصال وفضائل•
اقترن اسمه بتاريخ المدينة، فصيداء وسماحته عنوان واحد لعراقة المدينة وتاريخها•••
أحبه الجميع لمبادئه السمحة ودماثه أخلاقه ونبل تعامله مع الناس•••
عرفته المقاصد مربياً فاضلاً (معلماً لمادة الحساب) في الثلاثينات ورئيساً ناشطاً وفعالاً لجمعيتـها ما بين الأعوام (1957 - 1963)•
كما عرفه القضاء قاضياً مجرداً ونزيهاً، همه إصلاح ذات البين بين المتخاصمين وليس الحكم والسلام•
أما دوره في الإفتاء، فحدّث ولا حرج، لقد كان علامة جمع بين فعاليات وأبناء المدينة، لقد حوّل دار الإفتاء إلى بيت جامع للمدينة، يتلاقى فيها الجميع، هذه الدار شهدت مئات الإجتماعات واللقاءات الجامعة، وصدر عنها مئات البيانات الموحدة والداعمة لكل القضايا المحقة والعادلة، وإذا أردنا أن نتحدث عن أهم مواقفه على أهميتها جميعاً، فوقوفه أبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان مع أبناء مدينته، والذي أعطى المدينة وأبناءَها جرعة أمل وصمود ومقاومة•••
ذكرياتي معه ذكريات العمر تكشف عن جوانب هامة من حياة هذا الإنسان وما أصدقها•••• وأبينها••• كنت تلميذاً في الصفوف الإبتدائية في مقاصد صيدا حين دخل علينا شيخ شاب معمم، فترك في نفسي إيماناً ركيزته، "إن النية في القلب"•
كثيرون هم الذين تحدثوا عن خصاله الحميدة، وما أكثرها، ولكني سأسمح لنفسي أن أتحدث عن انجازاته، ففي جلسةٍ خاصة قال لي سماحته: أحمد الله أنني حققت في حياتي حلمين هامّين، باتا حقيقة راسخة:
1- صندوق الزكاة في صيدا (تعود مرجعيته إلى دار الإفتاء)•
2- المقبرة الجديدة بعد ما حرر المقبرة القديمة التي ضاقت بأهلها•• وكان من المصادفة أن يكون أول من يدفن فيها نسيبه القاضي عبد المولى الصلح•
وأسمح لنفسي أن أزيد على انجازاته "السفر" الذي خطه بيده "والذكريات صدى السنين"•
ومن أجمل الذكريات وأكثرها دلالة أنه وبعد أن مُدِّد للمفتين الذين تجاوزوا السن القانونية "خمس سنوات" "كان هذا التمديد كما أشار إليه دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في جلسة المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى كرمى عين مفتي صيدا والجنوب الشيخ محمد سليم جلال الدين"•
وبعد مضي السنوات الخمس ومشارفة ولايته في الإفتاء على الإنتهاء سمعت منه وبكلام يشبه الهمس: "أنا لا يهمني موقعي في الإفتاء، بل صندوق الزكاة" وقد يكون هذا من أهم الأسباب التي حولت صندوق الزكاة إلى مؤسسة "سجلت وقفاً لدى محكمة صيدا الشرعية"•
رحمه الله كان محباً ومحبوباً من الجميع، منفتحاً على كل المذاهب والأديان نزيهاً وعادلاً وصادقاً، عالماً، مرجعاً علماً• لقد أحدث فراغاً من الصعب أن يسده غيره•••
عرفته الجمعيات الخيرية والإسلامية قائداً وموجهاً وناصحاً ومدبراً حكيماً، تلتف بعباءته لتكتسب المصداقية والدعم والتأييد•
رحم الله مفتينا الجليل وأدخله فسيح جنانه وألهم أهله الصبر والسلوان•
* رئيس "جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية" في صيدا•
تعليقات: