الأجبان.. نوعية الحليب فيها تتكلم عن نفسها

يتزايد عدد الاشخاص الذين يقدرون الفرق بين منتجات الألبان
يتزايد عدد الاشخاص الذين يقدرون الفرق بين منتجات الألبان


ما علاقة الدسم بالنكهة والطعم؟

شعرت آن ساكلبي بالدهشة قبل سنوات عندما قادت سيارتها الى شمال ولاية نيويورك لتجربة نوع من الزبد التي تنتجها مزرعة ايفانز في مقاطعة تشينانغو. وقالت ساكلبي التي تملك محلا متخصصا لبيع الاجبان هو «ساكلبي تشيزمونغرز» في مانهاتن، ان كل الزبد التي تناولتها في حياتها لا تعني شيئا عندما تذوقت تلك الزبد.

ويشعر العديد من الناس عبر الولايات المتحدة بذلك الاحساس الذي شعرت به آن ساكلبي عندما يجدون منتجات ألبان بكميات قليلة منتجة في مزارع صغيرة ومصانع لمنتجات الالبان. وهذه الصناعة تحول حليب الابقار والماعز والاغنام الى مواد غذائية بسيطة مثل الزبد والكريمة والجيلاتي والكسترد. والزبادي والصلاتة المستخدم فيها الزبادي ومشروبات الزبادي. وكثير من هذه المزارع تبيع منتجات ألبان غير مبسترة وتتيح تذوق منتجات ألبان تقليدية.

تجدر الإشارة إلى أن هذا التقليد الجديد هو ناتج عن إحياء صناعة الألبان التي بدأت قبل ما يتراوح بين 15 الى 20 سنة وبعض تلك المصانع الصغيرة تنتج الأجبان الطازجة مثل الماسكاربوني والموتساريلا والريكوتا التي تجعل نوعية الحليب تتحدث عن نفسها.

ومعظم أصحاب مزارع الألبان لا يمكنها الاستمرار في العمل ببيع الحليب إلى شركات تصنيع الحليب الكبرى، ولذا يبحث الذين يحاولون الاستمرار عن بدائل. وفي الوقت ذاته يتزايد عدد الاشخاص الذين يقدرون الفرق بين منتجات الألبان ذات الإنتاج الجماعي ومنتجات المصانع الصغيرة التي تعلمت انتاج انواع من الزبدة او الزبادي او الجيلاتي بتصنيعها بطريقة كانت تصنع بها قبل الحرب العالمية الثانية، عندما كانت هناك معامل ألبان في كل بلدة.

وقد بدأت ناسي نيبلز ورشة بايك بليس في سياتل قبل 30 سنة، تبيع الحليب والزبد والكريمة لمساعدة مصانع الألبان المستقلة. ولكن تلك المصانع اختفت تدريجيا. وقالت نانسي في العام الماضي ظهرت مجموعة جديدة من مصانع الالبان المستقلة. وظهور مثل تلك المصانع الصغيرة المستقلة ينتشر عبر الولايات المتحدة كلها. ففي أوائل الشهر الماضي بدأت مزرعة «ميلك ثيسل فارم» في بيع حليب في بعض من أسواق نيويورك المتخصصة في بيع المنتجات التي لا تدخل فيها المخصبات الكيمياوية.

واذ بدأ المشروع قبل 30 سنة فقد تحول الى مشروع بقيمة ملايين الدولارات وفقا لما قاله جاك ليزر الذي يمتلك الحقل مع زوجته.

وقال ليزر «أردت أن أعود الى الأرض عندما كنت في «تافتس» خلال سنوات السبعينات»، مضيفا «اننا نعمل على فرن المطبخ ونقوم بكل شيء وننتقل من غرفة إلى أخرى»، وأخيرا نتجه تدريجيا نحو سوق المزارعين قبل أن نبيع في المحلات.

ولكن التحول الى ألبان الأسلوب القديم يمكن أن يكون صعبا على نحو مدهش. وعلى خلاف ليزر ما يزال باتريك لانغو وهو منتج ألبان من الجيل الرابع تمتلك عائلته مزرعة «وايت كاو ديري» في «أوتو» بولاية نيويورك قرب بوفالو، ما يزال يصارع. فقد كان هناك الكثير من العوائق غير المتوقعة من أجل تلبية هذا الطلب الجديد.

وقد أخذه إيجاد خبير يعرف كيفية الانتاج بالطريقة القديمة إلى إيطاليا. وهناك أيضا وجد معدات يحتاجها. وكان عليه من ثم أن يقنع دائرة الزراعة والأسواق في ولاية نيويورك بتعديل قواعدها حتى يمكن أن تنطبق على مشروع ألبان صغير.

وقال إنه «إما أن تتذمر كثيرا أو تستطيع أن تسأل نفسك عما يمكنك فعله بالحليب الذي هو سهل فعلا ويمكن أن يوفر المال الأوفر».

وقرر أن تحويل مزرعة العائلة إلى قرية لانتاج الألبان سيكون مبررا «لأنه غذاء يريده الناس ولا يمكنهم الحصول عليه».

ولا يفكر بأن الناس أدركوا، حتى قبل فترة تتراوح بين 10 الى 15 سنة، ما هو الغائب في هذا النوع من منتجات الألبان المبيعة في المحلات.

وقال الدكتور بول كندستيدت، أستاذ التغذية في جامعة فيرمونت والاختصاصي بالألبان «لقد دفعنا طريقة التكنولوجيا الى حد ابعد مما ينبغي في بعض الحالات، وما يجري هو حركة باتجاه الأغذية البديلة من جميع الأنواع».

ولا يتوقف لانغو عن التجريب ومن بين نتائج عمله هو الزبادي قليل الدسم الذي يمكن أن يضاف اليه العسل أو البرتقال، مما يعطيه مذاقا لذيذا. وفي نيويورك سيتي تحمل محلات «جبنة موريز» بعض منتجات «وايت كاو»، والا فإن عليك ان تعيش في بوفالو أو قريبا منها لكي تستمتع بتلك المنتجات.

وفي الوقت الحالي لا يحصل لانغو على المال. وقال «لم أتلق راتبا طيلة عشرين سنة»، ولكن في العام الحالي ستتحسن الأمور. وقال إنه يشعر بالضيق إزاء تراجع عدد المزارع. إذ ان ولايات مثل ويسكونسن وفيرمومنت ونيويورك تساعد أصحاب المزارع الصغيرة على استمرارية عملهم، إلا أن الحظ لا يكون دائما حليف أصحاب المزارع الجدد عند بداية عملهم. فقد كان بول ستيفن متلهفا لترك العمل في قطاع الفنادق والضيافة وشراء مزرعة عام 1999، وبدأ بالفعل في تأسيس مزرعته واشترى عددا من الأبقار وكان من المفترض أن يبدأ العمل في منتجات الألبان، إلا أن الوضع بدأ يتدهور بعد ذلك. ويقول ستيفن إنه كان ساذجا عندما ظن أن بوسعه تطويع كل شيء، غير أن بعض الصعوبات التي بدأت تظهر لاحقا اثبتت أن تصوراته للمشروع بكاملة لم تكن دقيقة. على سبيل المثال، اكتشف ستيفن أن الأبقار الأربع التي اشتراها لإنتاج الحليب لم تكن منتجة أصلا وبات يعتمد على بقرة أخرى في منتجات الألبان. باع ستيفن الأبقار الاربع في وقت لاحق وبات يشتري الحليب من مزرعة محلية، إلا أن إنتاج الموتساريلا كان هو الأفضل والسبب في ذلك هو حليب جيرزي، لكنه لا يحتوي على كمية الدسم التي تناسب ستيفن، الذي بدأ في الآونة الأخيرة يضيف المزيد من القشدة لتصبح الجبنة التي ينتجها من أفضل الأنواع. يبدو أن ستيفن لم ينس الأبقار التي اشتراها أصلا لإنتاج الحليب واكتشف في وقت لاحق أنها غير منتجة، لذا اشترى في وقت لاحق 15 بقرة صغيرة من شركة للأبقار كانت تنتج الموتساريلا حتى وقت قريب في فيرمونت. وكانت مجموعة إنتاج تعاوني لإنتاج الحليب الطازج Hudson Valley Fresh Milk قد بدأت عملها عام 2005 واستطاعت الوصول الى طريقة أفضل لضمان الاستمرار في العمل من خلال بيع كل مائة رطل من الحليب بمبلغ حده الأدنى 20 دولارا، على الرغم من أن السعر السائد حاليا هو 22 دولارا بسبب ارتفاع سعر الذرة.

*خدمة «نيويورك تايمز»

تعليقات: