بدعة فؤاد السنيورة ... في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية

حسن احمد عبدالله
حسن احمد عبدالله


ترددت في الايام القليلة الماضية في لبنان بعض العبارات التي يستشف منها انها لمجرد النكاية السياسية ،اذا جاز لنا التعبير، ومنها "ان غياب لبنان عن القمة العربية التي عقدت في دمشق اخيرا كان اكثر دويا من حضوره". ربما يحتاج بعض السياسيين اللبنانيين الى قراءة الدستور مرة اخرى، والتمعن فيه،قبل اطلاق اي تصريح على صلة مباشرة بصلاحيات رئيس الجمهورية،الموكولة موقتا الى مجلس الوزراء مجتمعا.

في الوقت ذاته ،يتداول في الشارع اللبناني موضوع توسيع الحكومة،اي تعيين وزراء بدلا من الوزراء الذين خلت مقاعدهم، في الوقت الذي لم يبت فيه باستقالة الوزراء الستة،علما ان ليس من صلاحيات مجلس الوزراء البت في هذا الامر،كما ان ليس من صلاحياته تعيين وزراء جددا،اذ ان هذا المجلس لتصريف الاعمال،وذلك وفقا للنصوص الدستورية، وبخاصة المادة 62 ،التي اوكلت اليه بموجبها صلاحيات رئيس الجمهورية،موقتا،وطالما ان مجلس النواب في حال انعقاد دائم كهيئة ناخبة،فان الحكومة باتت بحكم المستقيلة بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية، وتكليف رئيس مجلس وزراء اخر تشكيل الحكومة، وبهذه الحال ليس من حق مجلس الوزراء تمثيل لبنان في الخارج، لا مجتمعا ، ولا غير مجتمعا.

اما في ما يتعلق بالكلمة التي القاها فؤاد السنيورة،رئيس مجلس الوزراء،فانها تعتبر تعديا على صلاحيات رئيس الجهمورية، لان من حق الاخير وحده، تمثيل لبنان في الاجتماعات على مستوى القمة ،الا اذا رأى ان يوفد ممثلا عنه الى هذه الاجتماعات ساعتذاك يطلب الى مجلس الوزراء تنسيق هذا الامر.

اضافة الى ذلك ،ان ما تضمنته كلمة السنيورة بشأن العلاقات مع سورية، ورغم انها مطالب محقة بين دولتين ذات سيادة،الا انها تحتاج الى موافقة رئيس الجمهورية اولا ، والاتفاق مع السلطة التشريعية ثانيا،وهذا لم يحدث حين اختار فؤاد السنيورة القاء الكلمة تلك،مخالفا بذلك النصوص الدستورية،وبخاصة المادة 62،اذ في حال كان من حقه الحديث فكان من الطبيعي ان يطلب اليه مجلس الوزراء القاء هذه الكلمة،بشرط ان يكون كل الوزراء الى جانبه( بمعنى اوضح ان يكون هؤلاء في اطار الصورة).

اما في ما يتعلق بتعيين الوزراء فقد اوفى الدكتور محفوظ سكينة في مقالته المنشورة في جريدة "السفير" في عددها الصادر يوم الاحد 30 اذار(مارس) 2008 حق تفنيد هذه البدعة الجديدة التي يراد لها ان تذهب بلبنان الى مجاهل لا يعلم الا الله ما ستكون نتيجتها.

ما لم يدرك في لبنان حتى اللحظة ان الدولة برمتها ذاهبة الى الذوبان في حال استمرت الحال على ماهي عليه اكثر من ذلك،فالقمةالتي اختتمت في دمشق لم تفتح كوة في جدار الازمة، ومنذ اللحظة سيكون لبنان احدى ساحات مفاعيلها ،خصوصا ان الانقسام العربي وصل الى ذروته، اضافة الى الرؤوس اللبنانية الحامية لا تزال تغلي وتحتاج الى تنفيس احتقانها بتفيذ تهديداتها، وبخاصة تلك التي اطلقها بعضهم من خلف البحار حين كان يتبختر في بلاد العم سام، فهل يدرك من يجب ان يدرك ان لبنان لم يعد يحتمل حتى مشاجرة بين اثنين من المواطنين العاديين في حادث سير بسيط؟ هل تعلم اللبنانيون الدرس؟

تعليقات: