كانت تلعب أمام منزل جدّتها حين سقطت على مضخّة خزان المياه، لتصعقها الكهرباء في ذقنها، نقلت إلى المستشفى جسداً بلا روح، لتحلّ الكارثة على عائلتها... هي الطفلة مرام عكاري ابنة السنتين التي برحيلها سلّطت الضوء على الخطر الذي يكون قريباً منّا من دون أن نشعر به قبل انقضاضه علينا، فندفع فاتورة باهظة بخسارة أرواح تعزّ علينا.
أسباب عدة للكارثة
عند الساعة العاشرة والنصف من صباح أمس الاثنين، انقلبت حياة عائلة مرام رأساً على عقب. وبحسب ما شرحه أحمد الحموي خال والدة الضحية لـ"النهار" أن "مرام تعيش مع والدتها سمارة (24 سنة) وشقيقها البالغ من العمر سنة في منزل جدتها، أي شقيقتي، في منطقة المنكوبين، وذلك بسبب إشكالات عائلية خلفيتها تدخين زوج سمارة لسجائر الحشيش، وهو موقوف منذ فترة لدى القوى الأمنية، ولأن منزل شقيقتي صغير يتألف من غرفة واحدة، تضطر والدة مرام إلى الجلوس منذ الصباح الباكر مع ولديها أمام المنزل كي لا تزعج أشقاءها أثناء نومهم، وفي الأمس كانت الأمور تسير كالمعتاد، لكن فجأة وأثناء قيامها بشطف الباحة الخارجية سقطت مرام على مضخة خزان المياه الكهربائية، وعلى الرغم من أنها ليست موصولة بالكهرباء، كونها معطلة منذ فترة إلا أن ذلك لم يحل دون وجود retour électrique أدى إلى صعق الصغيرة في ذقنها".
سارع أحمد بالطفلة إلى مستشفى طرابلس الحكومي، وقال: "وصلتْ جسداً بلا روح، خسرنا صغيرة ربما لو كانت تعيش في منزل والديها لما وقعت الكارثة، لكن يا للأسف والدها باع المنزل من أجل كيفه، وقد دخل المصح لمدة ستة أشهر من دون أن يشفى، استأجر بعدها منزلاً في منطقة المنكوبين لكنه لم يتمكّن من دفع الإيجار فغادروه لتتفكك الاسرة من جديد ويُلقى القبض عليه من القوى الأمنية بسبب تدخينه الحشيش"، وأضاف: "لا كلمات تعبّر عن حال سمارة بعد خسارة ابنتها، فقد أصيبت بانهيار عصبي، قست عليها الحياة كثيراً، تارة بحرمانها من منزل عائلي تتمناه كل والدة، وتارة آخرى بخطف ابنتها منها أمام عينيها".
لاتّباع الإرشادات الوقائية
إرشادات السلامة الوقائية التي يجب اتباعها في المنزل لعدم التعرض لصعقة كهربائية شرحها مصدر في المديرية العامة للدفاع المدني في حديث لـ"النهار" وهي:
- ضرورة استخدام غطاء بلاستيكي للمآخذ الكهربائية الثابتة والمتنقله كوسيلة لحماية الأطفال من لمسها، والحرص على عدم تركهم بمفردهم قرب أي جهاز كهربائي أثناء تشغيله.
- يجب استبدال الأسلاك المتأكّلة بأخرى جديدة وعدم محاولة عزلها بشريط لاصق، والحرص على اختيار الأنواع الجيدة من التوصيلات.
- عدم تمرير الأسلاك تحت السجاد أو أي مكان عرضة للصدمات لأن ذلك يتلف العازل الخاص بالاسلاك ويحدث تماسّاً كهربائياً يؤدّي إلى حريق داخل المنزل أو المكتب أو الى صدمة كهربائية للشخص إذا لمسه.
- عدم تحميل السلك الكهربائي أكثر من طاقته كاستعمال أدوات منزلية كهربائية ذات السحب العالي (مدفأة كهربائية، مكواة، مجفف شعر، مايكروويف)
- قسم كبير من المآخذ الكهربائية المتنقلة المتواجدة في الاسواق ذات نوعية رديئة بالنسبة الى التحميل الكهربائي عليها، وغالبيتها مخصصة لتجهيزات كهربائية ذات سحب أقل من متوسط أو خفيف( راديو، حاسوب، تلفزيون، عصارة، خلاط)، الخطورة في الامر انها تتحمل 50 بالمئة من قدرة التحمل الكهربائي المذكور أعلاه، لنأخذ مثلاً مأخذاً كهربائياً بقدرة تحمّل 10 أمبير (مذكور على غلافه) الاكثر انتشاراً في المحلات التجارية، فهو بالكاد يتحمل 5 الى 7 أمبير أي حوالي 800 واط فعلياً، لذلك، ومن دون الدخول في العمليات الحسابية، يستطيع الشخص تحديد سماكة السلك المناسب طبقاً لهدف استعماله بقاعدة أن كل واحد ملم سماكة تكون قدرة التحمل بمعدل آمن 700 واط.
- عدم تحميل أي مخرج كهربائي مشترك متعدد الفتحات بعدد كبير من الأجهزة، لأنه يؤدي الى حدوث أقواس كهربائية وارتفاع حرارة المأخذ وفيش الكهرباء ما قد يسبب باشتعال حريق.
- عزل الكهرباء عن سخان المياه اثناء الاستحمام مع الكشف الدائم على الجهاز المنظم وصمام الأمان والتأكد من أنهما يعملان بشكل سليم.
- عدم الوقوف على أرض مبللة أثناء استعمال جهاز كهربائي أو لمس أي جهاز كهربائي بأيد مبللة.
- صيانة الاسلاك الكهربائية وعزلها عن الصدم والرطوبة، وفي ما يتعلق بخزانات المياه المزودة بمضخات يجب عزلها بفاصل شبك على مسافة نصف متر على الأقل بعيداً عن متناول الاطفال.
- يتوجب على الأهل تثقيف أولادهم وأطفالهم عن طريق توعيتهم لمخاطر الكهرباء وتمديداتها ومآخذها، وعدم لمس أو التقاط أي سلك مرمي على الارض في الخارج والابتعاد عنه، وكذلك الابتعاد عن علب الكهرباء ووسائل الإنارة وتمديداتها وسائر التجهيزات الكهربائية.
وشدد المصدر على ضرورة عدم لمس الشخص المصاب بصعقة كهربائية، وفصل التيار الكهربائي على الفور، وإبعاد المصاب عن مصدر التيار بواسطة مادة عازلة كالخشب، ونقله فوراً الى المستشفى.
كُتب على مرام ابنة طرابلس أن تفارق الحياة وهي في بداية مشوارها، ولفت أحمد "نحسبها طيراً من طيور الجنة، وكل أملنا الآن أن يلهم الله والدتها الصبر والسلوان على مصابها".
تعليقات: