نظمت مؤسسة الخليل الإجتماعية في دار حاصبيا، قبل ظهر اليوم، مؤتمرا بعنوان «الهوية التراثية لمنطقة حاصبيا وسبل المحافظة عليها»، برعاية وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود، وفي حضور ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري الأمين العام لكتلة "التنمية والتحرير" النائب أنور الخليل، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي حاصبيا ومرجعيون القاضي حسن دلي، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز القاضي نعيم حسن عضو المجلس المذهبي الدرزي عامر صياغة، ممثل رئيس المجلس الأعلى للكنيسة الانجيلية في سوريا ولبنان القس جوزف قصاب القس مخايل سبيت، ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل منسقة "التيار الوطني الحر" في مرجعيون وحاصبيا أوديل سلامة، النائب قاسم هاشم، ممثل النائب تيمور جنبلاط وكيل داخلية حاصبيا- مرجعيون في "الحزب التقدمي الاشتراكي" شفيق علوان، ممثل النائب أسعد حردان لبيب سليقا، ممثل النائب علي فياض ايهاب ضاوي، ممثل النائب سامي الجميل الدكتور ريشارد نارد، ممثل قائد الجيش العقيد إدغار مرقص، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي الرائد محمد زاكي، ممثل المدير العام لأمن الدولة الملازم الأول هلال جعفر، ممثل مؤسسة العرفان التوحيدية السمقانية، ممثل تجمع العلماء المسلمين الشيخ جهاد السعدي، رئيس دائرة الأوقاف في حاصبيا ومرجعيون الشيخ جهاد حمد وفاعليات.
فريد الخليل
بعد كلمة إفتتاحية لنبيلة حديفة، تحدث رئيس "مؤسسة الخليل" فريد الخليل عن أهداف المؤتمر، مطالبا ب"أن تلعب وزارة الثقافة دورا أكثر فاعلية لحماية الآثار التاريخية في المنطقة لاسيما القلعة الشهابية التي تتآكل شيئا فشيئا"، ومشددا على أن "الملكيات الخاصة لبعض المعالم التاريخية لا تعفي الدولة من مسؤولية وضع معايير للتعامل مع هكذا صروح تاريخية وأثرية".
أنور الخليل
ثم ألقى الخليل كلمة قال فيها: "يكتسب مؤتمرنا هذا أهمية إستثنائية؛ أولا كونه الأول في منطقة حاصبيا الذي يتناول الهوية التراثية في المنطقة في محاولة لبدء التعامل الجدي والعلمي مع المواقع الأثرية ومعالم التراث العمراني والإنساني، مفترضين وآملين بأن نخرج من هذا المؤتمر بتوصيات تشكل خارطة طريق وبرنامج عمل لاحق، سنحرص على تنفيذه مع وزارة الثقافة والهيئات المعنية. وثانيا، يكتسب المؤتمر استثنائيته أيضا، من خلال حضور معالي الوزير الأخ محمد داود داود شخصيا، وهذا مؤشر لمدى إهتمام معالي الوزير بمنطقتنا وهو ابن المدرسة الوطنية التي أطلقها سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر، ويقودها اليوم دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، وهو ابن المناضل الكبير الأخ الشهيد داود داود الذي رسم بدمائه خطا بيانيا متصاعدا للمقاومة ولمشروع الدولة العادلة".
أضاف: "يقول البند (ز) من مقدمة الدستور: الإنماء المتوازن للمناطق ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام.
لقد قدم المشترع الثقافة على الاجتماع والإقتصاد، لأنه كان يدرك عن حق بأن بناء الدولة والحفاظ على وحدتها وضمان استقرارها إنما يكمن في بناء الإنسان فيها، في سيادة ثقافة المواطنة والمواطنية، ثقافة التحرر من كل رواسب الحرب المشؤومة وما أدخلته على مجتمعنا من ثقافات غريبة هي ثقافة التمييز والإنقسام. أردت أن أقرأ معكم هذا النص لأؤكد على دور وزارة الثقافة وأهميتها في تعزيز عوامل الإنفتاح والتقارب والحوار وبناء منظومة القيم الإنسانية التي تؤهل مجتمعنا للبقاء على ريادته الثقافية والعلمية والحضارية، وتمكنه من إمتلاك الأدوات للحفاظ على هذا الإرث التاريخي من التميز الثقافي على اختلاف انواعه الأدبية والعلمية وسواها".
وختم: "رغم موازنة وزارة الثقافة المتواضعة (0.2%) من اجمالي الموازنة، فإنني أتطلع معكم لأن يخصص معالي الوزير وفي ضوء قرارات المؤتمر والحاجات الملحوظة لجهة صون وتسويق والتعريف بمواقعنا الأثرية، ما يكفي من موازنة لمواقع منطقة حاصبيا، ووضعها بصورة دائمة على الخارطة الثقافية الرسمية، وأجدد المطالبة باسم أهالي منطقة حاصبيا ومرجعيون وبإسم المؤتمرين، بوجوب إدراج إفتتاح فرع للمعهد الوطني العالي للموسيقى في المنطقة، ونحن على إستعداد للتعاون والمساعدة في هذا المجال، على أن يطلق عليه اسم الموسيقي العالمي، مؤسس المعهد في لبنان وواضع رؤياه، ابن منطقتنا، ابن بلدة جديدة مرجعيون دكتور وليد غلمية".
داود
بعدها تحدث وزير الثقافة، فقال: "كان الجنوب ولا يزال ذاك العملاق الجبار الذي سطر ببطولاته وتضحياته ودم شهدائه مجد لبنان، وحمل راية العز والعنفوان وشعلة الحق والحرية في مواجهة التخلف وعنجهية الظلم والإحتلال، ولعب الدور الأبرز في طي الصفحة السوداء من زمن الحرب، فجعل لبنان نموذجا للمقاومة والبطولة والعيش الوطني. نلتقي اليوم في حاصبيا، عاصمة وادي التيم، هذه البلدة التاريخية التي تختزن العديد من المواقع الأثرية والتراثية والدينية راوية فصولا من حضارات الشعوب الرومانية والصليبية والشهابية، فنستقرئ خلال هذا المؤتمر تاريخها، ونختال عبر الأزمنة، ونستذكر العصور الغابرة بقلاعها وجسورها وأبنيتها القديمة وبيوتها التراثية القرميدية وسوقها الأثري القديم والسرايا الشهابية، ونسلط الضوء على مكانة حاصبيا الحضارية، الدينية الثقافية والإجتماعية".
أضاف: "علاقة وزارة الثقافة بهذه البلدة الجنوبية قديمة العهد، فقد سعت ومنذ العام 1957 إلى إصدار المراسيم التي تهدف إلى حماية وجهها الحضاري والتاريخي وإبرازه، من خلال إدراج قلعتها الشهابية كموقع أثري، وحماية القصور الأثرية من خلال إخضاع مختلف أعمال البناء أو التأهيل أو الترميم إلى موافقة المديرية العامة للآثار، كما عملت بالتنسيق والتعاون مع بلدية حاصبيا ومؤسسة "Mercy Corps" على إعادة ترميم الخان والمحافظة على رونقه القديم. إن وزارة الثقافة، وإدراكا منها بأن الحفاظ على الهوية التراثية مسؤولية وطنية، أطلقت استراتيجية النهوض الثقافي بهدف جعل هذا القطاع مدماك أساسي في عملية الإنماء المتوازن والتنمية المستدامة، فالإستثمار في الثقافة لاسيما في المواقع التراثية والأثرية المنتشرة على كامل مساحة الوطن وصولا إلى المناطق الحدودية يحيي المدن ويخلق فرص عمل لشريحة واسعة من أهالي هذه القرى والبلدات، الأمر الذي ينعكس إيجابا على الحركة السياحية والثقافية والإقتصادية على حد سواء. كما أنها وبالرغم من التحديات الإقتصادية والإجتماعية التي تعترض مسيرتها، تسعى هذه الوزارة بكل ما أوتيت من وسائل إلى حماية التراث المادي وغير المادي. وفي هذا السياق، ومواكبة للطفرة العمرانية التي تغزو بلدنا وتستهدف تراثنا المعماري، عمدنا إلى إعداد مشروع قانون لحماية المواقع والأبنية التاريخية والتراثية، وهو قيد الدرس في اللجان النيابية. وتعمل جاهدة على إنجاز المسح الأثري للمعالم الثقافية والتدقيق في المخططات التوجيهية للمناطق، والحرص على تأمين التوازن بين الحفاظ على الهوية التراثية والنسيج العمراني والإجتماعي من جهة وتطور المناطق الإقتصادي والإجتماعي من جهة أخرى".
وتابع: "إنه لمن دواعي سروري وفخري أن أكون حاضرا معكم اليوم في هذا المؤتمر العلمي بامتياز، الذي يساهم في إلقاء الضوء على المواقع الأثرية والتراثية في منطقة حاصبيا. وأغتنم هذه المناسبة لأؤكد حرص وزارة الثقافة على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص من خلال إقامة علاقات التعاون والتنسيق مع جميع الشركاء المحليين، السكان، البلدية، المنظمات غير الحكومية والجامعات، وتحفيز المبادرات الفردية، بهدف خلق تفاعل حضاري اجتماعي يغني البلدة ويساهم في إشراك أهلها في عملية الإنماء الثقافي والتراثي. وإننا إذ نثني على الأهمية العلمية لهذا المؤتمر وأبعاده الوطنية والثقافية والسياحية والعمرانية، لا بد من الإشادة بالجهود المبذولة لتنظيمه، فالتراث جزء لا يتجزأ من هويتنا الوطنية وذاكرتنا الجماعية، لا تستقيم حمايته من الأخطار التي تتربص به إلا بتضافر جهود جميع الأطراف العاملين في هذا المجال، ولنعمل سويا على بناء جيل لديه وعي واهتمام بثرواته الثقافية والحضارية، ولنوظف قدراتنا وامكاناتنا للحفاظ على الوجه التراثي لبلدة حاصبيا".
وشكر داود "مؤسسة الخليل الإجتماعية" ومنظمي المؤتمر وجميع المشاركين من محاضرين ومستمعين، وختم قائلا: "تحيتي الأخيرة إلى حاصبيا، هذه القرية الحدودية الصامدة، التي لا تزال تحافظ على بيوتها، وأدراجها، وأزقتها، وبيئتها، وزيتونها، ونهرها، تحية إلى أهل حاصبيا، أصحاب الهمم، الصامدون والمتشبثون بأرضهم رغم كل الصعاب والتحديات، إن شهادتي في حاصبيا المستكينة على ضفاف نهر الحاصباني، والخالدة إلى جوار جبل حرمون، هي شهادة مجروحة لأنني في بلدتي وبيتي وبين أهلي".
ورقة التنظيم المدني ومداخلات
ثم قدم مدير التنظيم المدني في حاصبيا حسام يوسف ورقة مدير التنظيم المدني الياس الطويل، وتناولت الحوافز والقوانين المتصلة بالبناء التراثي.
وكانت مداخلة لرئيس اتحاد بلديات العرقوب محمد صعب، وأخرى لرئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا عن الآثار التاريخية وسبل المحافظة عليها ضمن برامج عمل الإدارات المحلية.
وقدم الدكتور نبيل شاهين عرضا مصورا لمراحل تطور البيت التراثي اللبناني بشكل عام والحاصباني بشكل خاص، أعقبه عرض لأبرز المعالم التاريخية في منطقة حاصبيا قدمه الدكتور نبيل ابو نقول.
وخلص المؤتمر الى توصيات سيعلن عنها لاحقا في مؤتمر صحافي بعد تسليمها لوزير الثقافة.
ومن ثم انتقل الحضور الى إفتتاح معرض المصور الفوتوغرافي زياد الشوفي.
تعليقات: