أحيت مؤسَّسات العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) الذكرى السنوية التاسعة لرحيله، باحتفال جماهيري حاشد أقيم في قاعة الزهراء (ع) في حارة حريك، بحضور النائب حكمت ديب ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، محمد السماك ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري، القاضي الشيخ خلدون عريمط ممثلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، الشيخ الدكتور سامي أبي المني ممثلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، الأب نكتاريوس خير الله ممثلا المطران عودة، ممثل عن وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، النواب: محمد رعد ، حسن فضل الله، علي فياض، هنري شديد، قاسم هاشم، أمين شري، ممثل عن النائب سامي الجميل، ممثل عن النائب فؤاد مخزومي، العميد اميل مسلّم ممثلا عن القوات اللبنانية، الدكتور ناصر زيدان ممثلا النائب تيمور جنبلاط، وفد من حركة أمل برئاسة الشيخ حسن المصري ،العقيد علي حمية ممثلا العماد جوزيف عون، العميد صلاح حلاوي ممثلا اللواء عباس إبراهيم، العميد حسين خشفة ممثلا اللواء عماد عثمان، الرائد ابراهيم شرقاوي ممثلا اللواء طوني صليبا، القائم بأعمال السفارة الإيرانية السيد أحمد حسيني، المستشار الثقافي الإيراني، محمد مهدي شريعتمدار، وفد من تجمع علماء المسلمين، فيرا يمين عن المردة، السفيرة الأممية الدكتورة سلوى غدار يونس، وشخصيات دبلوماسية ونيابية وعسكرية وحزبية وعلمائية واجتماعية وثقافية وبلدية، وحشود شعبية غفيرة غصت بهم القاعة ومحيطها.
بعد كلمة وجدانية ومعبرة لمدير المركز الإسلامي الثقافي السيد شفيق الموسوي، قدم أطفال المبرات نشيداً من وحي المناسبة، ثمّ ألقى العلامة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها تأتي إلينا ذكرى السنة التاسعة لرحيل السيد(رض) محملة هذا العام، بفقد العم وهو من عاش الأخوة الحقيقية مع السيد(رض)في حياة تفيض بالروح والعاطفة والمحبة، وكان عنواناً يقتدى في الطهارة والصفاء والتواضع وفي العلم والبذل والعطاء وحب الناس.. ونحن ندعو لهما وهما في جوار ربهما وقد تلاقيا معاً بعلو الدرجة وأن يحشرا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
وقال: نمضي على الخط.. نمضي معاً وروح السيد تضج فينا عزماً وقوة وتصميماً وإرادة متسلحين بوضوح الرؤية وسلامة الهدف وحسن الأسلوب مشيرا إلى أن مفردات هذه المسيرة كثيرة ومتشعبة، والتحديات أيضاً.. هي على حجم العمل والطموح ..فعلى قدر الطموحات تكبر التحديات وتكثرا لصعوبات والمسؤوليات..
وبدأ كلامه بالحديث عن المفردة الأولى في هذه المسيرة وهي خدمة الانسان التي أردناها ان لا تكون وظيفة ودور منوط بنا وبمؤسساتنا فقط ، انما ثقافة تنموية عامة. لتتوفر سبل العيش الكريم بلا مساومة على الكرامة ..فمعنى أن تكون إنساناً كما أطلقها السيد «هي أن تعيش إنسانيتك في إنسانية الآخرين..» طامحين الى اليوم الذي نرى فيه هذا الشعار هو شعار الحكم والدولة ان ترى انسانيتها ومبرر وجودها باحترام إنسانها، بعيداً عن طائفته ومذهبه وموقعه السياسي، وتؤمن له حقه بمتطلبات حياته من دون ارتهان او ابتزاز او انقياد او مصادرة لقراره ورأيه..
وأضاف: أما المفردة الثانية من قاموس عملنا هي الوحدة: التي نادى بها السيد(رض) في مختلف الظروف والتحديات والمحطات المؤلمة وغيرها هو لم يتخل عنها وكانت من آخر وصاياه مؤكدا أن الوحدة بالنسبة لنا ليست شعاراً للاستهلاك او للتورية او للمسايرة او لمؤتمرات إبراء الذمة أو للاعلام .. انما هي فرض وفريضة.. سنُسأل عنها يوم نقف للحساب بين يدي الله ، فلا نفرط بأي عنصر قوة تجمعنا مع الآخر في التوجه والدين والمذهب والوطن. وعناصر القوة ما أكثرها ..هي نقاط مضيئة وموجودة ان اردنا البحث عنها، ولكن للأسف تطمسها ارادات الفتنة ودعاة التفرقة وشق الصفوف .. فيخال المرء في الأزمات ولشدة التشويش ان لا شيئ يجمع المسلم بالمسلم الآخر ولا المسلم بالمسيحي ولا ابن هذه المنطقة من الوطن مع تلك .. .. كل هذا لا يعني عدم التنكر للاختلاف انما القبول بالتنوع مع فتح أبواب الحوار.. البناء العاقل والمنتج لا الحوار العقيم المرير..
وأكد ان لا مكان لخطاب الاستفزاز والتوتير في لغتنا، نعم للغة تتفهم الآخر وتزيل المخاوف والحواجز وتقرب البعيد وتقصّر المسافات .. وترأب الصدع .. فنجني حلاوة الوحدة كالبنيان المرصوص والسد المنيع أمام المحاولات الحثيثة لإضعاف مجتمعنا وشرذمته .. والفتنة دائما كانت السلاح الأفتك لضرب عناصر القوة والاطاحة بانجازات تحرير الأرض وبإحباط مخططات الاعداء من التكفيريين والمستكبرين..
وقال: لن نألو جهدا في العمل على مد جسور الوحدة والتواصل، وتلهج السنتنا بالدعاء لله صادقين ليجمع كلمتنا ويوحد صفوفنا ويرأب صدعنا ويلملم تبعثرنا .. وبالفعل يدنا ممدودة ونأمل دوما أن تبادلها الأيادي الأخرى فنعتصم جميعا بحبل الله ولا نتفرق ..
ثم تحدث عن المفردة الثالثة وهي مفردة الوعي في مقابل الجهل والتخلف .. اننا نسعى لجيل يناقش... جيل ليس ببغائيا... جيل يحرك عقله قبل لسانه.... جيل يعي ما يسمع ويناقش في كل ما يسمع وخاصة في الدين، لقد آل السيد(رض) على نفسه أن يوجه الناس حتى الذين يتلقون منه أفكاره ومواقفه لتحريك عقولهم، فكان يقول لهم: فكروا معي لا تقولوا السيد قال، وانتهى الأمر.. بل ناقشوني وحتى حاججوني.... لاتؤجروا عقولكم لأحد .. رفض منطق الذين يقولون نحن نفكر عنكم وأنتم دوركم أن تنفذوا.. كان يقف في كل أسبوع في كل خطبة جمعة وعبر جلسات الحوار ليبين للناس منطلقاته ويستمع إلى ملاحظاتهم ويتقبل منهم أي نقد.. لذا نراه حتى في الأمور الفقهية التي كانت بعيدة عن المناقشة، قربها إلى الناس وأوضح معانيها ومقاصدها ليحملوها عن قناعة وتبصر.
وتابع أما المفردة الرابعة فهو بيت الله.. البيت الجامع الذي أراده الله سبحانه وتعالى ملتقى الناس بكل تنوعاتهم.. نحن نسعى ونعمل حثيثا ليظل لهذا المكان حضوره وأهميته ..نريده أن لا يتفرغ من مضمونه أو يبتعد عن دوره... نريده أن يكون مساحة للروح وللأمن النفسي والطمأنينة المفقودة ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)..
وختم كلامة متحدثا عن مكانة فلسطين في وجدان السيد(رض) السفيرة الأممية الدكتورة سلوى غدار يونس التي اعتبرها أنها تختصر كل قضايا العدل والحرية وحقوق الانسان فكانت هاجسه طوال حياته، كتب لفلسطين فكراً وشعراً وأدباً وأصدر لأجل نصرتها الفتاوى ووقف مع المقاومة لأجلها.. وقد كانت آخر كلماته: لن يهدأ لي بال حتى تعود فلسطين إلى أهلها..
ثم كانت كلمات لكن من سماحة الشيخ جميل الربيعي من العراق والدكتور محمد علي آذرشب من إيران والقاضي عباس الحلبي والأستاذ محمد السماك من لبنان أشادت بمواقفه الوحدوية وأفكاره التنويرية ومنهجيته التجديدية
تعليقات: