لؤي رستم
كان يُفترض أن يكون الأحد الماضي يوماً للراحة والاستجمام لعائلة رستم، التي توجهت إلى البحر لتمضية ساعات للترفيه بعيداً من ضغوط الحياة، لكن فجأة انقلبت الأمور رأساً على عقب وتحولت الرحلة إلى كارثة بعد غرق ابنها لؤي قبل أن ينقل إلى المستشفى ويعلن الأطباء إطباق عينيه للأبد.
حلول الكارثة
رحل لؤي في غفلة، وبحسب ما قالته قريبته لـ"النهار"، كنا نجلس على الشاطئ حين توجه ابن الخامسة والعشرين ربيعاً إلى المياه، لنتفاجأ بعناصر الإنقاذ تسعف شاباً ليظهر أنه لؤي"، وأضافت: "حين أُخرج من مياه بحر المنية لم تكن الروح قد فارقت جسده بعد، نقل إلى مستشفى الخير حيث عمل الأطباء كل ما في وسعهم لإنقاذه، لكن صدمنا بإخبارنا أن الشاب المفعم بالحياة رحل تاركاً حسرة ولوعة في قلبنا"، لافتة إلى أنه "حتى اللحظة لا نعلم ما حصل معه، ومع هذا يمكن القول إن القدر شاء أن تكون نهايته بهذه الطريقة". في حين قال صديق لؤي لـ"النهار" إنه "كان يعاني كهرباء في الرأس حيث يرجح أنه أصيب بنوبة خلال وجوده في المياه، الأمر الذي أدى إلى غرقه".
صدمة كبيرة
"يوم الاثنين الماضي ووري لؤي في الثرى في مدافن القبة طرابلس. بالدموع والورد زفّ الشاب الذي لم يتسنَ له الارتباط وتأسيس أسرة لكي تفرح عائلته به"، بحسب ما قاله صديقه، فقد كانت رحلته على الارض قصيرة بعد أن أبى الزمن منحه مزيداً من العمر لإكمال مسيرته، في حين لفتت قريبة الضحية الى أن "ما حصل فاجعة، إذ كيف لعقل ان يصدّق أن نقصد البحر برفقته ونعود إلى المنزل من دونه"، وأضافت: "لا نزال نعيش في صدمة كبيرة، نعم سمعنا كثيراً أن البحر غدّار، لكن ليس إلى هذه الدرجة وبهذه السرعة".
إرشادات وقائية
من الجنوب الى الشمال سجّل هذا الصيف عدة حوادث غرق، فبعد حادثة الشاب ابن بلدة كفرتبنيت هاني طباجة في بحر صور الذي ضحّى بنفسه من أجل إنقاذ فتاة كادت تبتلعها المياه، رمى بنفسه في الخطر لمساعدتها، فغدره البحر وأغرقه في شهر أيار، جاء دور الطفل مصطفى بغدادي في حوض مياه داخل أحد المنتجعات في الشمال ليفارق على إثرها الحياة الشهر الماضي، ليدفع بعدها لؤي حياته غرقاً.
وللتوعية، سبق أن أصدرت المديرية العامة للدفاع المدني تعميماً تحت عنوان "استعداداً وتوعية لموسم الصيف"، شدّدت فيه على المواطنين "لدى التوجه إلى الشاطئ أو المسبح أخذ اللوازم الضرورية للوقاية (واقٍ للشمس، مياه شرب، قبعة للرأس، نظارات واقية للشمس)، وعدم التعرض لأشعة الشمس بين الساعة 11 والساعة 15، واستعمال المستحضرات الوقائية للحماية من أشعة الشمس باستمرار، وشرب السوائل الخالية من الكحول، وتحديداً المياه بكميات كبيرة وخصوصاً الأولاد الذين لا يتحسسون الشعور بالعطش خلال اللعب في المياه، ومراقبة الأولاد باستمرار وعدم السماح لهم بالسباحة بدون وجود مراقب، والامتناع عن السباحة في الأماكن البعيدة عندما يكون الموج عالياً أو التيارات قوية، والامتناع عن السباحة مباشرة بعد تناول الطعام والمشروبات".
كما شدّدت على أنه "في حال الإصابة بشدّ عضلي يجب التمدّد على الظهر والاسترخاء، إضافة إلى منع الأولاد من الركض حول أحواض السباحة والقفز في الجهة العميقة منها، وعدم ممارسة رياضة التزلج على الماء أو "الجت سكي" من دون ارتداء سترة الإنقاذ وبعيداً عن المناطق المخصصة للسباحة، وعدم شرب الكحول وقيادة القوارب أو "الجت سكي"، وضرورة الجلوس داخل القارب مع ارتداء سترة النجاة عند التنزّه به، وعدم القفز من الأماكن العالية خصوصاً في المواقع الصخرية، إضافة إلى الابتعاد عن ضفاف الأنهر خصوصاً في فصل الربيع، حيث يكون التيار سريعاً جراء ذوبان الثلوج".
ولحظت التعليمات عدم السباحة في الأنهر والبحيرات وبرك الري الزراعية، والاتصال فوراً بفرق الدفاع المدني على رقم الطوارئ 125 عند حصول أي حادث".
أطبق مصطفى عينيه للأبد، رحل بعد يوم من إنهاء عامه الدراسي، ليترك غصة وحرقة في قلب والديه وكل أقربائه ومعارفه... حرقة لن تقوى الأيام على تخفيف تأجّجها.
تعليقات: