المكان الذي ألقى فيه الأستاذ معن بشور محاضرته عن مستقبل المشروع الصهيوني والزمان يوحيان بدلالات بالغة الأهمية...
فالمكان هو بلدة عين زحلتا الشوفية التي نجح فيها الجيش العربي السوري والقوات المشتركة من إيقاف تقدم الجيش الصهيوني لقطع طريق بيروت -دمشق خلال حرب ١٩٨٢ الذي كان ولا يزال هدفا استراتيجيا للصهاينة وداعميه...
أما الزمان فهو أيام شهدنا فيها حربين كبيرتين أولهما صيف ١٩٨٢استمرت ٨٨ يوما وتكبد فيها العدو خسائر لم يتكبدها في اي حرب أخرى...وكانت حربا عربية شارك فيها اللبناني والفلسطيني والسوري واليمن والمصري والعراقي وأبناء الخليج و المغرب العربي..
أما الحرب الثانية عام ٢٠٠٦ فقد شاهد العدو هزيمة غير مسبوقة وانتصرت الثلاثية الذهبية شعب وجيش ومقاومة وترسيخ التحرير في عام ٢٠٠٠، وانفتحت للامة آفاق انتصارات مؤزرة في غزة الفلسطينية وفي سورية العروبة وعراق الشموخ ويمن العزة والكرامة... وبدأ ارتباك المشروع الصهيوني بالبروز.
........
بشور محاضراً في عين زحلتا عن مستقبل المشروع الصهيوني:
- الركائز التي قام عليها المشروع الصهيوني تهتز، والركيزة الباقية هي الواقع العربي المتردي.
- مواجهة المشروع الصهيوني لا تتم إلا عبر مشروع نهضوي عربي مقاوم على صعيد الجماهير، وتكامل وتشبيك على صعيد الدول.
قال السيد معن بشور الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي في محاضرة له في مركز سليم سعد الثقافي الدولي في عين زحلتا وبدعوة من جمعية الفكر الحضاري اللبناني " ان المشروع الصهيوني يعيش حالة ارباك متصاعد ، وهذا الارباك سيقود الى الأنكفاء، والانكفاء الى تراجع، والتراجع الى أفول، فانهيار" معدداً جملة ركائز قام عليها هذا المشروع ومعه الكيان الصهيوني، وهي ركائز بدأت تهتز، ما عدا ركيزة واحدة ما زالت تشكل "القبة الفولاذية" الحقيقية لهذا الكيان وهي الواقع العربي الراهن بما يعانيه من تمزق على مستوى المجتمعات، ومن تخاذل وتواطؤ على المستوى الرسمي..
وقد تقدم الحضور الوزير السابق بشارة مرهج، رئيس المركز البروفوسور سليم سعد، ونخبة من أهل عين زحلتا والبلدات والقرى الشوفية المجاورة بالاضافة الى ممثلين عن احزاب وفصائل والمنتدى القومي العربي والحملة الاهلية لنصرة فلسطين وقضايا الامة، واللجنة الوطنية للدفاع عن الاسرى والمعتقلين، وتجمع اللجان والروابط الشعبية.
سليم
النشيد الوطني اللبناني افتتاحاً، فكلمة للبروفوسور الدكتور سليم سعد اشار فيها ان هذه المحاضرة هي واحدة من سلسلة فعاليات ثقافية وفنية واجتماعية يقيمها المركز خلال شهري تموز وآب للتأكيد على اهمية الثقافة في حياتنا وعلى دورها في تعزيز حياتنا الوطنية السياسية والحزبية.
بشور
بشور من جهته اشار الى رؤيتين لمستقبل المشروع الصهيوني، احداها تعتبر ان هذا المشروع وداعميه في الغرب والمنطقة هم قدر لا يمكن مواجهته مستندين الى تفوق ملحوظ لهذا الكيان على العرب من جهة، ولواقع التردي والتشرذم والتمزق الذي تعيشه الامة العربية من جهة أخرى، فيما تستند الرؤية الثانية، التي انتمي الى مدرسة تؤمن بها، الى جملة حقائق تؤكد أن أبرز الركائز التي قام عليها هذا المشروع، ومعه الكيان الغاصب، تهتز بقوة امام التطورات السياسية والميدانية، الفلسطينية والعربية والاقليمية والدولية التي لم يعد بالامكان تجاهلها حتى حسب معظم المحللين والخبراء الاستراتيجيين الصهاينة.
اما الركائز التي يقوم عليها هذا المشروع، معه الكيان ، والآخذة بالاهتزاز فهي:
1- فكرة الدولة الآمنة القادرة على تأديب كل اعدائها وردعهم، وتوجيه ضربات استباقية لهم... وهي فكرة تهتز امام حال المقاومة المتنامية في شمال فلسطين (المقاومة اللبنانية) وجنوب فلسطين (قطاع غزة)، بالاضافة الى الانتفاضات والعمليات المستمرة في قلب فلسطين (القدس والضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948)، ناهيك عن صمود أقطار عربية كسورية واليمن في وجه ما تتعرض له من حروب ومشاريع تفتيت.
2- العقيدة الصهيونية التي هي عقيدة توسعية بالتعريف تطمح الى اقامة دولة "اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل" والتي اخذت تهتز بفعل الانسحابات المتتالية وتفكيك المغتصبات (المستوطنات) في سيناء وبعض الجولان وجنوب لبنان وقطاع غزة، وهو ما يضرب في الصميم فكرة التوسع الصهيوني ويسقط نظرية السوق الواسعة التي روج لها شمعون بيريز لصالح الدولة - القلعة التي يسيجها العنصريون بالجدران والحواجز والتي مآلها الاختناق آجلاً أم عاجلاً.
3- الركيزة الثالثة الآخذة بالاهتزاز هو الاحتضان العالمي، الشعبي والرسمي لهذا المشروع ولكيانه الغاصب.
فعلى الصعيد الشعبي العالمي نلمس تحولات هامة في كل أرجاء العالم، بما فيها دول الغرب نفسها لصالح الحق الفلسطيني وتنديداً بالارهاب والعنصرية الصهيونية، وهو تحول بدأنا نلمسه حتى داخل الرأي العام الامريكي نفسه حيث تتعالى الاصوات، بما فيها اصوات بعض اليهود انفسهم، معترضة على ربط السياسة الامريكية في منطقتنا بالسياسة والمصالح الاسرائيلية.
اما على الصعيد الرسمي فيجب ان نلاحظ متغيرات هامة على الصعيدين الاقليمي والدولي تحصل بما يحول دون استمرار الولايات المتحدة الامريكية، الداعم الأكبر للمشروع الصهيوني، بالتفرد في قيادة العام والهيمنة عليه، وبدء ظهور قوى اقليمية دولية تتحدى هذا التفرد والهيمنة وهو ما سيترك حكما اثاره على الصهيوني. ولعل ما نشهده من ارتباك أمريكي إزاء ايران في الخليج هو أحد تجليات هذا التحول الهام.
4- الركيزة الرابعة المهددة بالاهتزاز هي مسألة الهجرة التي طالما اعتمد المشروع الصهيوني عليها منذ انطلاقته لمواجهة "القنبلة الديموغرافية" التي يشكلها نمو السكان الاصليين على حساب اليهود الوافدين من الخارج، فكل الارقام تشير الى تناقص في عدد "المهاجرين اليهود الى فلسطين المحتلة" فيما تشير الى تزايد اعداد المهاجرين او الراغبين بالهجرة من المواطنين الصهاينة، وهو ما يجعل القيادة الاسرائيلية تسعى لكسب مهاجرين جدد من الوان واديان مختلفة، وهو ما يؤدي الى اهتزاز الركيزة الخامسة وهي التماسك داخل المجتمع الصهيوني...
5- عن هذا التماسك يشير بشور الى حروب اهلية بدأت تشتعل داخل الكيان الغاصب، سواء حروب في الشوارع، كما بدا من خلال الاشتباكات بين الشرطة والفلاشا قبل اسابيع، او حروب السياسة والاحزاب التي تظهر جلياً من خلال الاضطرار الى اجراء الانتخابات المبكرة، وتعذر تشكيل الحكومات، كما هو حاصل حالياً...
وبالاضافة الى هذه "الحروب الاهلية المعلنة او الكامنة" هناك ظاهرة تفشي الفساد ووصول الاتهامات بالضلوع فيه الى أعلى المستويات وهو ما يعزز من اهتزاز التماسك الداخلي في المجتمع الصهيوني، كما ينعكس التراجع الملحوظ في اداء الجيش الصهيوني الذي كان مفخرة تلك الدولة، بل اساس وجودها، وانغماس قادته ايضا في الفساد والاستغلال والهروب من المواجهات المباشرة.
6- تبقى الركيزة التي تشكل اليوم عنصر القوة الرئيسي لهذا الكيان وهي الواقع العربي الذي يشهد محاولات محمومة، وحروباً غير مسبوقة، لتمزيق مجتمعاته، وتحطيم دوله وجيوشه، ومحاصرة مقاومته، كما يشهد على المستوى الرسمي تخاذلاً خطراً، واستسلاماً غير مبرر، وحروب محاور تنطوي على مخاطر جمة، ناهيك عما نشهده من هرولة نحو التطبيع التي نراها في النهاية تعبير عن مأزق المشروع الصهيوني الذي بات أركانه يسعون الى كشف اوراق مستورة قديمة للايحاء لمواطنيهم بقوة هذا الكيان...
لكن بشور اشار الى ان في الواقع العربي ايضا ملامح ايجابية تتمثل اولا بتنامي قدرات المقاومة، لا سيما في لبنان وفلسطين وصولاً الى سورية واليمن التي نجحت في صمودها في اسقاط العديد من الرهانات على تدمير الوطن العربي برمته، وهي رهانات بدأت تحديداً مع احتلال العراق عام 2003...
كما ان هناك مظاهر ايجابية تتمثل بحركة النهوض الشعبي في العديد من اقطار الأمة، من مغربها الى مشرقها، كما بتنامي حركات مناهضة التطبيع من المحيط الى الخليج، بالاضافة الى ما شهده الوضع الفلسطيني من وحدة موقف إزاء صفقة القرن ومخرجاتها كما بوجه الاجراءات الجائرة التي اتخذتها وزارة العمل في لبنان بحق العمال وارباب العمل الفلسطينيين ، وهي وحدة موقف مدعوة للتحول الى آليات عملية يتم من خلالها تجاوز الانقسام المدمّر الذي تعيشه العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية.
بشور ختم انه لا يمكن مواجهة صفقة القرن إلا بمشروع عربي يتجسد على المستوى الشعبي بالمشروع النهضوي العربي المقاوم كما على المستوى الرسمي من خلال خطوات تعزز التكامل بين الاقطار العربية وهو امر لا يحتاج إلا الى تطبيق الاف القرارات والمعاهدات التي أقرتها القمم العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك وهي ما زالت نائمة في ادراج جامعة الدول العربية التي يبدو ان السعي لتهميش دورها، وتعطيل فعاليتها، امران غير بعيدين عن مشروع ابقاء الواقع العربي رهن الضعف والهوان والتشرذم والاستخذاء والتخاذل.
مداخلات
بعد ذلك جرت مداخلات شارك فيها الوزير السابق بشارة مرهج الذي اشار الى محاولات اذلال بعض الانظمة العربية الجارية على قدم وساق والى ان ذلك سيؤدي الى اضعاف هذه الانظمة التي شكلت مواقفها نقطة قوة للكيان الصهيوني.
كما تحدث ايضا كل من الدكتور نبيه الاعور داعيا الى تعميم ثقافة المشروع ، والسيد ماجد كرامة الذي لم يشارك المحاضر تفاؤله، والكاتب العروبي الدكتور موسى الحسيني الذي نبه الى ان الاعداد للحروب والتجهيز لها هو جزء من الحرب ذاتها التي ليست فقط مجرد اطلاق نار... فيما نبه السيد كمال شرتوني الى ان خطورة صهاينة الداخل لا يقل عن خطورة صهاينة الخارج....
تسليم شهادة التقدير
في نهاية اللقاء سلم رئيس المركز الدكتور البروفوسور سليم سعد والوزير مرهد شهادة تقدير لبشور على مشاركته في البرنامج الثقافي لجمعية الفكر الحضاري اللبناني في عين زحلتا.
9/8/2019
معن بشور الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي
تعليقات: