الشاعر حسن عبدالله
رسم وطنه بالعبارات وبكلمات دخلت أغنيات زمن الحرب وطبعت ذاكرة اللبنانيين، إلى أن قرر حسن عبد الله أن يعكس شعره على مرآة الرسم في واحدة من إحدى تجاربه المفاجئة المطعمة بفرح الطفولة.
وعلى مدى خمس سنوات أنجز حسن عبد الله 40 لوحة ضاربة في سهول ومروج وأودية وقدمها في معرض في دار الندوة في بيروت تحت اسم "مقام الأخضر".
ويمتد أخضر شاعر الجنوب اللبناني على طول القرى مجسدا لوحات آتية من ذاكرة الصبا والطفولة، ويقول لـ"رويترز": "كنت أعيش في بلدة محاطة بالزرع والاخضرار والمروج والأودية ولا شك أن لوحاتي هي ترجمة للطبيعة في بلدتي الخيام".
ويضيف الشاعر عبد الله أن تجربة الرسم بدأت لديه خلال مراحل الدراسة الثانوية وكان موضع إعجاب لدى معلمة الرسم. ومضت السنوات إلى أن قدمت الفنانة التشكيلية اللبنانية خيرات الزين له معظم أدوات الرسم فشرع في المهمة وتكونت اللوحة الأولى.
وقال: "عندها شعرت بدهشة شديدة. ومع اللوحة الثانية اندفعت ولم أعد أتوقف حتى تحصلت عندي هذه اللوحات. في السابق كنت أرسم اللوحة وأهملها قبل أن أرسم لوحة متقنة بالفعل".
وظهرت جمال الطبيعة في لوحات عبد الله حيث رسم الحقول والأشجار والمرتفعات والهضاب والبيوت الصغيرة.
وعبد الله هو واحد من أكثر الشعراء الملتصقين بالأرض والذين يصنفون "بأبناء البراري" الذين يستنبطون من السهول والمزارع شعرا ويصطادون كلمة. عاش بين الكروم والينابيع فتشكلت عنده أولى مراحل الكتابة والتي أوصلته فيما بعد إلى ديوان "الدردارة" في أوائل الثمانينيات الذي كان من أبرز الأعمال الشعرية.
كتب حسن عبد الله الشعر وهو في الثانية عشرة من عمره في بيئة تهوى الروايات والسير الشعبية. وتمتع بنبرة صوت صالحة للإلقاء وحماسة شباب قل نظيرها في السبعينيات. ترافقت وشيطنة شعرية سحرية جعلت منه أحد نجوم الشعر لاسيما عندما أطلق مجموعته "شعراء الجنوب" والتي ضجت بها الجامعة اللبنانية وكلية التربية.
كان يحفظ الشاعر عبد الله دواوينه عن ظهر قلب ولم يشأ أن يطبع قصائده في المجلات والصحف إنما كان يفضل أن تظهر في كتاب. وحقق طموحه هذا عندما طبع أول دواوينه أواخر السبعينيات بعنوان "أذكر إنني أحببت" وهي مجموعة اختار منها الفنان #مارسيل_خليفة قصيدة "أجمل الأمهات" ولاحقا "من أين أدخل في الوطن".
وفي خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990 كانت "أجمل الأمهات" من أجمل القصائد المغناة التي انتشرت مخلدة الأم التي تنتظر ابنها العائد من الحرب شهيدا.
وقالت هلا حمود إحدى زوار المعرض والتي كانت تقف طويلا بجانب كل لوحة "لقد شكل المعرض مفاجأة فنية لنا وكشف عن موهبة فذة في الرسم كما في الشعر. ولكن لا أستطيع أن أعرف لماذا أخفى علينا موهبته".
وأضافت: "يمكن القول أن هذا المعرض يشكل الديوان الخامس لشاعرنا الكبير".
تعليقات: