انتظر الفلسطينيون في لبنان أن يخرج الدخان الأبيض من مدخنة الاجتماع الحكومي، غير أن حسابات البيدر لم تطابق حسابات الفلاح، و عليه فإن واجب الوجوب هو في أن يطرح سؤال ماذا بعد القرار الحكومي بتشكيل لجنة وزارية تناقش الموضوع الفلسطيني ككل؟
باي حال وفي مطلق الأحوال، فإنها ومهما كان القرار جيداً، سيئاً او اقل سوءًا وفيه بعض الحسنات، فإنه يطرح الكثير مما يجب أن يقرأ فلسطينياً وذلك للوقوف على الاجابة المطلوبة عن سؤال ما العمل؟
ان التناقض بين اولويات المصلحة الفلسطينية في لبنان و خصوصية الصيغة اللبنانية هو امر طبيعي وربما هو مطلوب، اقله فإن فلسفة الهروب من مواجهة حتمية بين اولويات مصلحة الفلسطينيين، والخصوصية اللبنانية كما تراها فئة من اللبنانيين، كانت على حساب الفلسطينيين، إذ أنه ومن باب مراعاة الصيغة اللبنانية ظلت تتراجع وتأكل من جسدها حتى تآكل الجسم الفلسطيني وأمسى واهناً، باهتاً، غريباً حتى عن نفسه،وعليه فإن العودة الى احترام قانون الصراع أو التناقض، يمكن ان يقدم الحل المطلوب، والذي لا يمكن أن يكون أقل من تسوية حقيقية تعيد اللبنانيين الى الواقع بدون اسقاط نزعات وميول وموروثات قديمة ،ناهيك عن تاثير الكسيونوفوبيا، كما تعيد الفلسطيني الى هويته الاساسية وفلسفتها.
من هنا تبرز الحاجة الى العمل على تظهير المصلحة المشتركة، فكما أنه ليس مطلوباً من اللبناني مراعاة مصلحة الفلسطينيين في لبنان فإنه لم يعد مقبولاً باي شكل من الأشكال الاستسلام الفلسطيني، لصيغة لبنانية استنسابية و متعددة التفسيرات و متحركة صعوداً و هبوطاً تحت تأثيرالعقد الوجودية و حركة الإقليم والقوى العالمية.
انطلاقاً من ذلك تبدو الحركة الفلسطينية بشكلها المطلبي وجوهرها السياسي، حاجة لبنانية كما هي اوكسجين الحياة للفلسطيني، وعلى خلاف ما تروج له بعض الدوائر الشعبوية، فإن الإقتراب على مستوى الذهنية اللبنانية من مصلحة فئة من السكان و الإقرار بحقها بالحياة الكريمة شكلاً ومضمونا، قولاً وممارسةً، قد يشكل مقدمة لتغييرثوري لبناني مع ذاته وقواه الإجتماعية التي ارهقتها حالة عدم الإستقرار في الحياة الداخلية.
ان الحركة الفلسطينية بتطورها و شكلها السلمي و عنادها يمكن النظر اليها كحجر زاوية في مسار خلاص اللبنانيون انفسهم من تعقيدات الازمات الداخلية التي تسيربهم عند حافة الهاوية، وعليه فإن قدر الفلسطيني ان يحمل ثلاث رسائل دفعة واحدة، الرسالة الاولى هي تجاه نفسه، والثانية رسالة الدفاع عن لبنان وحمايته كجزء من واجبه تجاه لبنان الذي يحب، والثالثة تجاه العالم اجمع ملخصها تمسكه النهائي بهويته الفلسطينية و بحقه في العودة.
وهو ما يوصلنا الى التالي:
الاجتماع الفلسطيني الجامع لكل مكونات المجتمع الفلسطيني في لبنان،والخروج بوثيقة فلسطينية تاريخية يجتمع الكل تحت سقفها، تتضمن الرؤية الفلسطينية للوجود الفلسطيني في لبنان، والتزاماته تجاه امن لبنان ومصلحته .
تطوير الحراك الشعبي الى انتفاضة حقيقية لا تتراجع او تتوقف الا مع اقرار الحقوق المدنية والاجتماعية
تطوير الخطاب الفلسطيني ، من مخاطبة الحكومة اللبنانية فقط ، الى تحميل المجتمع الدولي مسؤوليته التاريخية تجاه الفلسطينيين في لبنان.
بلورة استراتيجية فلسطينية اساسها حق العودة و تنمية وتطوير اليات الإعتماد على الذات وتعزيز الإنتاجية الفلسطينية بما يضمن استيعاب الايدي العاملة الفلسطينية وبما يؤدي الى تعزيز وزيادة مساهمة الفلسطيني في الإقتصاد اللبناني.
تحديد برنامج و خطة عمل تتوزع المسؤوليات فيها ضمن بوتقة الحراك الشعبي الفلسطيني من اجل الحقوق المدنية والاجتماعية، واعتباره نهوضاً شعبيا لن يتراجع حتى تحقيق الهدف .
تظهير دوائر لبنانية حليفة، وحثها وتحفيزها من اجل التحرك الإسنادي و يمكن تقديم مظاهرة صيدا كنموذج متقدم والبناء عليه. ومن المفيد ان نكون أمام مؤتمر فلسطيني لبناني جدي ومسؤول يخرج الى مخرجات تتبنى وتدعم وتلتزم الحراك الشعبي الفلسطيني.
الانتباه جيداً الى استجابات العمال الفلسطينيين لمسالة اجازة العمل، ففي حين يتبلور موقف فلسطيني موحد من فوق الى تحت حول رفض الاجازة هناك تسرب يحدث عند بعض العامل الفلسطينيين وهو ما يمكن اعتباره خروجا عن الاجماع الفلسطيني.
لقد خرج الفلسطيني من حالة الافلاس الذهني والمعنوي، الى حالة اليقظة والاحساس بعنصر الكرامة الذي ظل مستهدفاً من قبل السياسات من فوق ، والمنهجيات العملية من تحت، والمطلوب من الاطر الفلسطينية المرجعية ان تحمي وتصون الحركة الشعبية الفلسطينية من خلال اعتماد خطاب سياسي جريء و غير موارب و تشجيع التشكيلات الشعبية الميدانية وعدم اعتبارها نقيضا او مشاريع بديلة. فالتكامل بين القيادة الفلسطينية و مكونات المجتمع على اساس الانسجام في الموقف والسلوك، كما في الاهداف والطموحات يمنع اسئلة الشيطان من التغلغل ضمن الجسد الواحد، واعتبار المعركة طويلة وتحتاج سياسة النفس الطويل على طريقة السجاد العجمي .
المكتب الإعلامي لجمعية ناشط الاجتماعية الثقافية
26/8/2019
* بقلم ظافر الخطيب
تعليقات: