شارل أيوب
اليوم يجتمع الرئيس حسني مبارك مع ملك السعودية عبدالله في شرم الشيخ ويبحثان الوضع العربي وخاصة الوضع اللبناني وابرز ما في الامر انهما قاطعا القمة العربية في دمشق واستعاضا عنها ببيان في شرم الشيخ.
السؤال الذي يطرحه صحافي او مواطن عربي او مسؤول او اي انسان عربي في أي موقع كان هو، ما هي المعطيات التي كانت على طاولة الرئيس مبارك وعبدالله ومنعتهما من الاشتراك في القمة العربية في دمشق، والتي كانت مناسبة لإيجاد حل للمشاكل العربية خاصة العراق وفلسطين ولبنان؟ والجواب مليء بالمرارة وعنوانه غضب واستياء، فكيف يمكننا ان نفهم ان يترأس الرئيس حسني مبارك ويحضر الملك عبدالله قمة عربية في شرم الشيخ كان الهدف منها التحضير لاحتلال اميركا للعراق؟ ألم تكن تستأهل الامور لدى الزعيمين مقاطعة هذه القمة او وقفها لعدم اعطائها الضوء الاخضر أو على الاقل براءة الذمة للجيش الاميركي الذي احتل العراق وقتل مليون عراقي وشرّد ستة ملايين وهجّر اربعة ملايين للخارج ومصائب العراق مستمرة بعد الاحتلال الاميركي حتى الآن؟ فبلد عربي كبير مثل العراق أصبح مقسماً مدمراً مليئا بالكوارث، لا استقرار، لا أمن، والناس يموتون كل يوم على الطرقات، والامر لا يستأهل من الملك السعودي والرئيس المصري مقاطعة اجتماعاتهما مع أميركا بعد جريمتها في العراق.
يقاطع مبارك وعبدالله القمة العربية في دمشق التي كانت مؤهلة للحلول العربية، لكنهما لا يقاطعان أميركا التي تدعم اسرائيل في اعطائها الاسلحة لتقتل الشعب الفلسطيني، لا يقاطع هذان الزعيمان العربيان العلاقات المباشرة مع اسرائيل أو غير المباشرة فيما تغتال الطائرات الاسرائيلية الفلسطينيين في منازلهم، حتى ان دماء أطفال غزة الشهداء الذين فاق عددهم الثلاثين لم تجف دماؤهم حتى الآن.
مبارك وعبدالله يقاطعان القمة العربية في دمشق، والسبب الانتخابات الرئاسية في لبنان، لكنه السبب المعلن وليس السبب الحقيقي، فمبارك وعبدالله لو جاءا الى دمشق لكانا محرجين تجاه واشنطن بسؤال بوش عن الدولة الفلسطينية، بسؤال بوش عن تقطيع اوصال الفلسطينيين ومجازر غزة وقتل الشعب الفلسطيني.
ومحرجان في سؤال عما يجري في العراق، ومحرجان امام قول بوش عن عدم حق الشعب الفلسطيني في العودة الى ارضه.
كل الفظائع التي ارتكبتها اسرائيل في فلسطين لم تجعل الزعيمين يشاركان في القمة العربية في دمشق التي كانت مؤهلة لايجاد حل للمشاكل العربية، لكنهما يقاطعان هذه القمة لخلاف سياسي، وهو ان دمشق لم تقم باخضاع المعارضة اللبنانية للاكثرية والزام المعارضة بالتخلي عن مطالبها المحقة للمشاركة في الحكم.
غريب ونحن ننظر الى اجتماع مبارك وعبدالله في شرم الشيخ، غريبة تلك المرارة التي يشعر بها العربي، والغرابة اننا وصلنا الى الوقاحة حين يحصل اجتماع عربي يغطي احتلال اميركا للمنطقة، وهي التي قامت بتقسيم العراق وتقسيم فلسطين وتسير بلبنان نحو التقسيم، وتصادر طاقات العالم العربي كله، وتحاصره بكل القواعد العسكرية المنشورة في الخليج، ومع ذلك يجتمع الرئيس مبارك والملك عبدالله ويسيران بركاب الرئيس بوش وسياسة واشنطن الظالمة ضد شعبنا.
ترى أليس من حق الشعبين المصري والسعودي السؤال عن العروبة في ظل مبارك وعبدالله، وعن دور العرب في عالم تقوده أميركا وتخضع فيه الدول العربية لإسرائيل؟ دم اهلنا في جنوب لبنان لم يجعل الملك السعودي يقاطع الرئيس الاميركي رغم كل دعم واشنطن بالسلاح لاسرائيل وكل وسائل القتل والتدمير.
ودماء غزة لا تجعل الرئيس المصري على الاقل يستدعي السفير المصري من اسرائيل الى القاهرة، بعد المجازر في غزة.
لكن الزعيمين مبارك وعبدالله قويان جداً وشجاعان في مقاطعة القمة العربية في دمشق، وفي ذات الوقت يفتخران بخضوعهما لواشنطن وسياستها الظالمة والداعمة لاسـرائيل.
تعليقات: