يخلط الكثير بين مفهوم الوساطة العقارية والتسويق العقاري، بالإعتماد على الفكرة الجوهرية التي ينطلق منها هذان المفهومان، والهدف المشترك بين المهنتين الذي يصب في قالب موحد وهو ترويج أو بيع المنتجات العقارية. إلا أنه بالتعمق في البحث في المهنتيين، وفي المبادىء التي ترتكز عليها كل واحدة منهما، يظهر جليا الفرق بينهما رغم التداخل والإشتراك في بعض المهام الأخرى
تركز مهنة الوساطة العقارية على البحث عن باحثين عن عقارات دون غيرهم . ويقوم الوسيط العقاري بالتوسط بين المالك والمشتري، حيث لا تتم صفقة البيع أو الإيجار إلا بوجود هذين الطرفين، في حين تركز مهنة التسويق العقاري على عرض وترويج مشروعات عقارية ومنشآت تابعة لمطورين ومقاولين، وتشرف في نفس الوقت على إتمام صفقات البيع والإيجار، دون استلزام حضور المالك وفق شروط واضحة متفق عليها في العقد الذي يثبت توكيلها مهمة تسويق المشاريع من طرف المطور أو المقاول صاحب المشروع.
كما يتم التعاقد بين الطرفين، والإتفاق على مبلغ معين مسبقا مع المطور دون تحميل العميل تكاليف أخرى، وذلك على عكس الوساطة العقارية التي تتم مقابل نسبة مالية محددة يقوم الوسيط بتحصيلها من الطرفين معا ( المالك و العميل).
وفي أغلب الأحيان تكون شركة الوساطة العقارية عبارة عن مكتب فقط ، ينتظر فيه الوسيط زبائنه الباحثين عن العقارات والراغبين في بيع عقاراتهم أو تأجيرها، حيث يقوم فيه الوسيط بتعريفهم على الأنواع التي تناسب إحتياجاتهم، فيما تعتبر شركة التسويق العقاري مؤسسة متكاملة تجمع بين العديد من الموظفين مهمتهم البحث وإحتراف كافة أنواع التسويق (الإلكتروني، الداخلي والخارجي ...) لإستهداف عدد أكبر من المتعاملين.
كما تتعدد فيها وظائف الأقسام بين قسم البحوث، وقسم دراسة السوق ، وقسم العلاقات العامة ، وقسم الإعلانات ، وقسم الدراسات الإجتماعية الذي يتم عن طريقه جمع المعلومات حول سيكولوجية العملاء، وغيرها من الوظائف التي يتطلبها الترويج للعقارات .
من بين أوجه الفرق بين المهنتين كذلك، هناك عملية التسويق الحصري، حيث يمكن لشركة التسويق العقاري، ترويج مشاريع عقارية حصرية لا ينافسها فيها أحد بالإتفاق مع المطور، وهو ما يصعب على مكتب الوساطة العقارية أن يقوم به .
ويتابع محمد حمشو معمو .عملية التسويق العقاري تبدأ مع بداية إرساء الأسس الأولى للمشاريع العقارية، من خلال الإعلان عن المشروع ومكانه وتكلفته ومميزاته، حيث يتم الترويج للوحدات العقارية وبيعها على الخريطة، وهو ما تفتقده الوساطة العقارية التي لا يمكنها بيع سوى الوحدات الجاهزة. وفي هذه النقطة تبرز أهمية التسويق في جذب رؤوس الأموال وتوفير السيولة المالية لإتمام المشاريع التي على الخريطة وتسليمها لأصحابها فور انتهائها. ومن هذا المنطلق يتم الحفاظ على وتيرة الإنجازات العقارية ومواصلتها دون توقف، ما يضفي نوعا من الحركة والدينكاميكية على السوق العقاري المحلي والعالمي.
بعد التطرق لأوجه الفرق بين كل من الوساطة العقارية والتسويق العقاري، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو:
هل يمكن إدماج المهنتين معا لتحقيق أهداف ونتائج أكثر قوة ؟. وهل يمكن إعتماد الوساطة العقارية كأسلوب من أساليب التسويق العقاري الحديث ؟.
بالرغم من أن مفهوم الوساطة العقارية قد وجد قبل إيجاد أو ابتكار مفهوم التسويق العقاري، إلا أنه بتعميق النظر في المهام لكلا المفهومين نجد أنهما يكملان بعضهما إذا ما تم إدماج كل الخدمات المنوطة بهما ببعضها البعض،.
كما أنه يمكن الإستعانة بالوساطة العقارية الصحيحة وإعتمادها كطريقة من طرق التسويق العقاري واستغلال المبادئ التي تقوم عليها لتطوير وتوسيع مفهوم ونطاق المهام والخدمات التي يقدمها المسوقون العقاريون.
وقد يتيح هذا الأمر مجالا واسعا للإستفادة من خبرة الوسطاء العقاريين بالسوق من خلال شبكة علاقاتهم الواسعة بالملاك والعملاء من جهة، وقاعدة البيانات التي تمكنوا من تجميعها انطلاقا من خبرتهم بالمجال من جهة أخرى.
كما أنه يعزز نتائج مهنة التسويق العقاري كمهنة متكاملة الجوانب وسريعة التطور وفقا للتطور التكنولوجي والإقتصادي للمجتمع .
فالشخص الذي يقف خلف وسائل التواصل الإجتماعي لعرض المنتجات العقارية، مسوق أم وسيط ؟
هو وسيط ومسوق في نفس الوقت بحيث لا يمكن الفصل أو التمييز بينهما. فالتطور التكنولوجي واتساع دائرة إستخدام الأجهزة الذكية فرض نفسه على مجال الوساطة العقارية كغيره من المجالات والقطاعات الأخرى. وأصبح لزاما على الوسطاء استعمالها لتسويق منتجاتهم العقارية وعرض خدماتهم المختلفة.
وبناءا على هذا المفهوم فإن الوسيط والمسوق العقاريين يستخدمان وسائل التواصل الإجتماعي لنفس الأغراض والأهداف لذا فإن كلا المسميين يمثلان نفس الشخص الذي يؤدي نفس المهمة وهي التسويق بشكل عام.
محمد حمشو معمو
تعليقات: