الراحل زياد حسون
جريمة اغتيال مروّعة اتخذت من منطقة أبي سمراء مسرحاً لها، أمس؛ فعلى غرار جرائم المافيات، كمن عبد الهادي حسون وابن شقيقه ريان لابن عمهما زياد، حيث أُمطر الأخير بوابل من الرشقات النارية أدت إلى وفاته على الفور، في حين أُصيب قريباه زياد وأيمن قبل أن ينقلا إلى المستشفى. عدسات هاتف أحد سكان المنطقة وثّقت مشاهد الرعب، وقد أظهر مقطع الفيديو الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي لحظات الكارثة التي حصلت وسط الشارع وكأننا في غابة لا يحكمها قانون.
خلاف قديم متجدد
"إشكال عرضي تحول إلى إشكال عائلي بسبب تعنّت عبد الهادي الذي أراد ان يحفظ نفوذه"، بحسب ما قاله محمد حسون رئيس "جمعية التراحم والتنمية"، وأحد رجال الصلح بين طرفي الإشكال الأول لـ"النهار"، وشرح: "منذ فترة وقع إشكال بين الضحية زياد (44 سنة) وأحد أفراد عائلة عثمان المتعهد بتشييد حائط دعم لعبد الهادي، إذ حينها طلب زياد منه الإسراع في إنجازه بعد تملل أبناء عدة بلدات من عرقلة السير بسببه، الأمر الذي أدى إلى تضارب بين الطرفين سقط على إثره عدة جرحى، دخلنا في الصلح، إلا أن عبد الهادي ضغط على عائلة عثمان لعدم اتخاذ هذه الخطوة، وما إن علم أن الطرفين أسقطا حقهما، أمس، حتى جنّ جنونه وكمن لزياد ليرديه قتيلاً بعدة طلقات نارية متفجرة".
"انتفاضة" على التشبيح
وقبل يوم من ارتكاب عبد الهادي وابن شقيقه للجريمة المروعة، تظاهر عدد من أفراد عشيرة حسون أمام منزله، ولفت محمد إلى أنه "تظاهرنا على بعد حوالي 300 متر من منزله، كوننا ارتأينا أنه من الأجدى لنا في ظل الانتفاضة القائمة في لبنان أن نبدأ بتنظيف عشيرتنا من الشبيحة"، وأضاف: "ما حصل من تظاهرة وإسقاط حق دفع بعبد الهادي إلى أن يكمن لزياد، انتظره مع ابن شقيقه أمام منزل صهر الضحية في أبي سمراء ليفرغ عليه حقده"، لافتاً الى أنه "أصيب في إطلاق النار كذلك صهر الضحية زياد وابن عمه أيمن"، في حين قال عبد الله حسون شقيق الجريح زياد "إن وضع شقيقي خطر، تم نزع كليته، وهو الآن في العناية الفائقة بعد إصابته بعدة طلقات نارية، وأيمن وضعه مستقر وهو مصاب في يده".
تحقيقات ومطالب
لم يتم توقيف عبد الهادي وريان حتى الساعة، وبحسب ما أكده مصدر في قوى الامن الداخلي لـ"النهار" أن "العمل جار لذلك وهما متواريان عن الأنظار"، في حين طالب مؤمن حسون ابن عم الضحية "كل أجهزة الدولة الامنية والقيادات السياسية والوجهاء وأصحاب النفوذ في الضنية وطرابلس والشمال التحرك لكبح جماح الشبيح عبد الهادي، بعدما غرَّه حماية أحد الأجهزة الأمنية له"، وأضاف: "كلمة شبيح هي أقل وصف يمكن أن يعبّر عما يفعله في الشمال حيث يستقوي على الناس وأرزاقهم وأموالهم، حتى وصل غرور العظمة وفائض القوة لديه واستغلال حماية الجهاز الامني له أن استباح دماء ابن عمه"، لافتاً الى أن "زياد هو شهيد الثورة على الباطل والظلم، شهيد الحفاظ على عزّ العشيرة وعلى القيم".
لحقن الدماء
النائبة ديما جمالي أسفت في بيان على "الإشكال المسلح الذي وقع مساء أمس في طرابلس وأودى بحياة الحاج زياد حسون، ونتج عنه إصابة عدد من أبناء المدينة". ودعت "العائلة وعموم أهالي أبي سمراء وطرابلس الى التعاون مع الاجهزة الامنية والقضائية حقناً للدماء ولكشف تفاصيل ما حصل، ومحاسبة من يظهره التحقيق متورطاً بالجريمة والإشكال". وتقدمت جمالي "بالتعزية الحارة من العائلة فرداً فرداً"، متمنية "الشفاء العاجل للمصابين"، معتبرة أن "طرابلس التي قدّمت على مدى حوالي شهر صورة رائعة واستثنائية عن سلمية التظاهر وحرية الرأي والتعبير والتعايش والانفتاح ستظل تقاوم كل أشكال العنف وإراقة الدماء، وتحضن أبناءها بكل أطيافهم وانتماءاتهم بعيداً من لغة القوة والسلاح".
في لحظةٍ خسر الوالد لستة أبناء حياته بسبب "أزعر" سوّلت له نفسه أن يزهق روح إنسان... اتخذ قراره ونفذه من دون أن يبالي بأي كان، والمطلوب الآن أن يتم توقيفه وشريكه وإنزال أشد العقوبات بهما، لكي يكونا عبرة لغيرهم ممن يفكرون استسهال التعدي على أرواح الناس.
تعليقات: