\"القرش\" اللبناني امام سيل التسويف

الأستاذ حسن احمد عبدالله
الأستاذ حسن احمد عبدالله


يبدو ان المسؤولين الاقتصاديين في لبنان لم يسمعوا المثل الشعبي "ارفع القرش إن سقط فان السيل من النقط"، اذ في ظل التراجع الحاد في سعر صرف الدولار امام عملات العالم بقيت الليرة اللبنانية صامدة على سعر صرف محدد منذ سنوات، وكأن ثمة توأمة بين الليرة والدولار، او انها متأثرة بالمواقف السياسية للادارة الاميركية، فالليرة تدعم الدولار وتؤازره تيمنا بموقف البيت الابيض من الاحداث في لبنان.

ففي الوقت الذي وصل فيه سعر صرف الدولار الى ادنى مستوى امام العملات الرئيسية في العالم، وارتفع سعر هذه العملات امام الليرة اللبنانية، الا ان المصرف المركزي اللبناني لا يزال يسعر الدولار على 1507 ليرات، بينما اسعار السلع في لبنان ارتفعت وفقا لسعر اليورو الذي اصبح نحو2300 ليرة لبنانية. وفي الوقت الذي ارتفع فيه، ايضا، سعر الذهب الى اعلى مستوياته منذ اكثر من ثلاثين عاما، والذهب ضمانة الليرة، فان الاخيرة بقيت مغلوبة على امرها، وذليلة امام غيرها من العملات.

استنادا الى ما تقدم فان الدولار امام الليرة يكون بنحو 1200 ليرة، وليس كما هو معلن، اذ ان غالبية واردات السلع الى لبنان تشترى باليورو، وانخفاض قوة الدولار الشرائية تؤثر في سعر الصرف، بينما تعزز سعر صرف الليرة استنادا الى ارتفاع الذهب، وتغير الطلب على الدولار في لبنان، لكن ولحكمة لا يعرفها الا المسؤولون عن الاقتصاد في لبنان ثبت سعر الدولار عند 1507 ليرات من دون تغيير.

والسؤال اذا كان الدين العام اللبناني نحو45 مليار دولار، هل اذا تغير سعر صرف الليرة امام الدولار يمكن ان يكون شبه انعاش، اقله معنوي، في الاقتصاد، كما يمكن ان يعزز ثقة المواطن بجدية المعالجات الاقتصادية، اذا كانت هناك معالجات حقيقية، فالمواطن الذي يبحث عن القرش في اكوام قش الانتظار بغد يمكن ان يكون افضل من امس المعاناة المستمرة منذ اكثر ثلاثين عاما.

يقول بعض خبراء الاقتصاد ان "السعر الحقيقي لبرميل النفط هو 70 دولارا قياسا على القيمة الشرائية للدولار في المرحلة الحالية قياسا على سعر صرف الاخير امام اليورو"، ولبنان ليس من الدول المنتجة للنفط، ويستورد كل حاجته من الاسواق العالمية، ويدفع الفاتورة النفطية باليورو والدولار، وبالتالي يكون من الافضل له اذا عدل سعر صرف الليرة امام الدولار وفقا للواقع الذي بات عليه الاخير.

فهل من الممكن ان يرفع المسؤولون الاقتصاديون "القرش" اللبناني، ويستدركوا ان السيل سيجرف البلد اذا تركوا "النقاط" على غارب التسويف ولم يعدلوا الميزان المائل، ولان المثل يقول"الفرص اكتساب تمر مر السحاب"، فهل يستغل الاقتصاديون اللبنانيون الفرصة قبل ان " تمر"كسحابة؟ ونتمنى الا تكون سحابة صيف تتسبب بندم في المستقبل.

Hasana961@yahoo. com

تعليقات: