رغم أن نسبة تنفيذ مشروع الألياف الضوئية الذي تنفّذه هيئة «أوجيرو» بلغت 20.3% في نهاية 2019، مقارنة مع 15% مقدّرة للسنة الأولى من المشروع، إلا أن المشروع مهدّد بسبب أزمة الدولار الراهنة لأن الشركات غير قادرة على الحصول على دولارات لشراء التجهيزات اللازمة إلا من السوق الموازية بأسعار صرف تفوق بأكثر من 40% السعر المحدّد من مصرف لبنان، والأمر نفسه ينسحب أيضاً على توصيل المشتركين الذي يتطلب شراء «مودمات» لا يمكن استيرادها بلا دولارات طازجة
بعد نحو سنة وبضعة أشهر على بدء تنفيذ مشروع شبكة الألياف الضوئية للمنازل في المناطق، بات المشروع مهدداً بالشلل نتيجة انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بأكثر من 40%. المتعهدون يركّبون اليوم التجهيزات المستوردة قبل تضخّم أزمة سعر الصرف، لكن عند استنفاد المخزون سيكون المشروع أمام تحدّي تأمين الدولارات الطازجة لاستيراد الكميات الباقية.
تعرض مشروع مدّ شبكة الألياف الضوئية إلى المنازل لأكثر من انتكاسة: مع بدء تلزيمه، استغرق الأمر أكثر من ثمانية أشهر لبدء العمل فيه بسبب تعقيدات بيروقراطية تتعلق بالموافقات الإدارية على العقود. ثم بدأ المشروع يتعرّض للتهميش من القطاع الخاص الذي خشي من أن تكون لدى الدولة شبكة فايبر أوبتيك، فيما هو يسعى لتكون لديه شبكته الخاصة. شركات القطاع الخاص استخدمت نفوذها في وزارة الاتصالات لتأخير إنجاز التصميم الذي يُبنى على أساسه بدء العمل، ما أخّر بدء العمل لأشهر عدّة. ومع مباشرة العمل ببطء نتيجة ضغوط القطاع الخاص وضغوط المتضرّرين، بدأ المشروع يتعرض لمساءلة واسعة أدّت إلى إجراء تعديلات على الأموال المرصودة له. ففيما كان يفترض إنفاق مبلغ 450 مليار ليرة موزّع على أربع سنوات (150 مليار ليرة في 2017، و150 ملياراً في 2018، و75 ملياراً في 2019، و75 ملياراً في 2020)، أدت التعديلات التي أجريت في الموازنات اللاحقة، وآخرها موازنة 2020، الى جعل الدفعات على النحو الآتي: 150 مليار ليرة في 2017، و75 ملياراً في 2018، ولم يدفع في 2019 أي مبلغ، و75 مليار ليرة في 2020، و100 مليار ليرة في 2022. في الخلاصة، تم اقتطاع 25 مليار ليرة من المبلغ المرصود للسنة الجارية وتم تأجيل تسديد مبلغ 100 مليار ليرة حتى عام 2022.
وفي منتصف 2019، كان الحديث عن نسب تنفيذ متدنّية. في تموز الماضي، كانت تبلغ 7%، إلا أنها ارتفعت في نهاية كانون الأول 2019 إلى 20.31% مقارنة مع 15% مقدّرة للسنة الأولى من المشروع الذي كان مخططاً أن يتمكن من مدّ الشبكات وفق المعادلة الآتية:
ــ 15% في السنة الأولى لتستوعب الشبكة 117 ألف مشترك.
ــ 25% في السنة الثانية لاستيعاب 195 ألف مشترك جديد.
ــ 30% في السنة الثالثة لاستيعاب 243 ألف مشترك جديد.
ــ 30% في السنة الرابعة لاستيعاب 243 ألف مشترك جديد.
عملياً، لم يشكل تأجيل الاعتمادات عائقاً يذكر أمام استمرار تنفيذ المشروع، أو أمام الاستفادة من الشق المنجز منه. لكن أزمة سعر الصرف مع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بدأت تشكّل تهديداً للمشروع. وبحسب رئيس هيئة أوجيرو ومديرها العام عماد كريدية، فإن الأثر الناتج من تأجيل الاعتمادات لا يقارن بالمشكلة الآتية والناجمة عن انعدام توافر الدولارات الطازجة لفتح اعتمادات استيراد التجهيزات اللازمة لاستكمال المشروع. «وحتى الآن، لا يزال العمل مستمراً من التجهيزات في المخازن والتي تم استيرادها سابقاً، لكن عند تركيب هذه التجهيزات سنصبح أمام مسألة خطيرة تنعكس سلباً على مشروع حيوي وأساسي في البنية التحتية لقطاع الاتصالات في لبنان».
ليس لدى «أوجيرو» دولارات لشراء مودم لتوصيل المشتركين على الشبكة
أول ملامح هذا التعثّر بدأت تظهر في الشق المتعلق بالاستفادة من الشبكة المنجزة وتوصيل المشتركين عليها. في الواقع، إن تنفيذ 20.31% من المشروع لا يعني أن المشتركين باتوا موصولين على هذه الشبكة، بل يشير إلى أن الشبكة وصلت إلى المباني التي يشغلها المشتركون في الخطوط الهاتفية الثابتة، وأنه بات أكثر من 160 ألف مشترك في الخطوط الهاتفية (من أصل 780 ألف مشترك)، قادرين على الاشتراك بالإنترنت بواسطة الشبكة الجديدة إذا أرادوا، سواء كانوا مشتركين جدداً (ليس لديهم اشتراك إنترنت سابق) أو كانوا متصلين بشبكة الإنترنت عبر خطوط «دي اس ال».
نسبة تنفيذ مشروع الفايبر أوبتيك بلغت 20.3% في نهاية 2019
وحتى نهاية 2019 لم يكن قد اشترك في خدمة الإنترنت بواسطة الفايبر أوبتيك إلا 40 ألفاً، فيما هناك طلبات إضافية لم تتمكن «أوجيرو» من تنفيذها بعد لسببين: الأول، أنه في بعض المناطق لا يزال تسلّم الأشغال من المتعهدين غير نهائي لأنه خاضع لرقابة الشركة الاستشارية، وبالتالي لا يمكن استقبال طلبات الاشتراك قبل حصول التسليم النهائي. والسبب الثاني، أن توصيل الاشتراكات على الشبكة يتطلب تجهيزات ملائمة لهذه الشبكة (مودم) يتم استيرادها من الخارج ويدفع ثمنها بالدولار.
تبلغ حاجة أوجيرو لهذه التجهيزات (مودم) نحو 8 آلاف وحدة شهرياً على مدى الأشهر الستة المقبلة، سعر الواحدة منها 61 دولاراً لا يمكن تأمينها بسبب تقلبات أسعار صرف الليرة مقابل الدولار. عملياً، الاستفادة من الشق المنجز تقف على 488 ألف دولار شهرياً، فيما هناك حاجة لنحو 300 ألف مودم في نهاية المشروع.
ثلاث شركات التزمت المشروع
ــ في 12/2/2018 أجرت أوجيرو مناقصة لتوريد وتركيب تجهيزاتFTTC,OLT & Active Cabinets ومدّ وتوصيل شبكة ألياف ضوئية FTTX والـ Passive ODN في كل الأراضي اللبنانية. وقّعت العقود مع ثلاث شركات بتاريخ 12/4/2018 هي: PowerTech ,BMB ,Serta على أساس الآتي: PowerTech تلتزم مدّ الشبكة في مناطق الشمال وعكار بقيمة 44.7 مليون دولار (تسعير الدولار وفق السعر المعلن من مصرف لبنان بتاريخ توقيع العقد)، وBMB تلتزم مدّ الشبكة في مناطق جبل لبنان الثالثة والنبطية بقيمة 32.8 مليون دولار، وSerta تلتزم مدّ الشبكات في بيروت أ، وبيروت ب، وجبل لبنان ١، وجبل لبنان ٢، والجنوب والبقاع بقيمة 220.8 مليون دولار. توزيع قيمة التلزيم والمناطق جاء على أساس الأسعار الأدنى التي قدّمتها Serta ثم تفاوضت الإدارة مع باقي الشركات لخفض أسعارها من أجل تلزيم ثلاث شركات حتى لا يتم تركيز المخاطر بيد شركة واحدة.
خدمات الـ«فايبر أوبتيك»
ــ ما الخدمات التي يمكن تقديمها بواسطة شبكة فايبر أوبتيك؟ عدا عن سرعة الإنترنت الفائقة، فإن المشتركين في هذه الشبكة سيمكنهم الحصول على سلّة من خدمات الداتا والصوت والصورة. أي يمكنهم الحصول على اشتراك للولوج إلى شبكة الإنترنت وتبادل الداتا، كما يمكنهم الاستفادة من الحصول على خدمات الصوت عبر الإنترنت، أو على خدمات الصورة المتلفزة أيضاً.
تعليقات: