مرجعيون ــ البقاع الغربي ــ
منذ ستينيات القرن الماضي، كانت طرق الجنوب وخصوصاً منطقة العرقوب، هدفاً للطائرات الحربية المعادية التي أحدثت فيها خراباً توالى فصولاً، كان آخرها في حرب تموز. ورافق هذه الاعتداءات تقصير رسمي، تشهد عليه الطرق على امتداد المناطق الجنوبية، وإن برزت بعض أعمال الترقيع العشوائي غير المدروس الذي اقتصر على أماكن دون غيرها، مستثنياً الطريق الدولي بين الحاصباني وراشيا حيث أحدثت الغارات الجوية حفراً، بعضها على حاله منذ تموز المنصرم.
وبالعودة جنوباً على امتداد هذا الخط وصولاً حتى مرجعيون، تتوزع المصائد يساراً ويميناً متربّصة بالسيارات العابرة، ويشتد شرها عند مثلث بلدة الخيام، بعدما اختفت بقايا الإسفلت التي كانت تشير إلى أن نشاطاً خدماتياً جرى منذ سنوات.
واقع الحال هذا ازداد تفاقماً بعد تحرير الجنوب عام 2000، نتيجة ارتفاع بورصة حركة الشاحنات، بعد فلتان الكسارات والمرامل. وإن بعض جوانب إقامة البنى التحتية من هاتف وصرف صحي، أحدث خللاً في الطرق على رغم إعادة الترميم والتزفيت غير المدروسة من الشركة المنفّذة. وتؤدي العوامل الطبيعية دورها ملحقةً أضراراً يمكن التغلب عليها في حال وجود خطة خدماتية شاملة مع مراقبة لكل الأعمال كي لا يُصار الى تكرارها منعاً لهدر المال العام.
وفي البقاع الغربي، تعتبر «الرحلة» إلى أقاصي جنوبه شاقة ومملّة على الرغم من جمالية المنطقة وتميّزها البيئي الجميل. فالطريق سالكة ومقبولة ومنفرجة نوعاً ما من قب الياس حتى صغبين، ومن الأخيرة مروراً بمشغرة ووصولاً إلى منطقة جزين العبور مشوب بالخطر والوجع، أو بالأحرى الطريق غير آمنة.
عابر الطريق يلحظ مدى الإهمال المسيطر على المنطقة، ويقفز إلى «البال» تجاهل من بيدهم مفاتيح «الخدمات» الرسمية وتقاعسهم ومدى ارتباط توفيرها بمدى «الولاء» السياسي، ومن هنا تصح تسمية الطريق، التي تعتبر حيوية لمنطقتي البقاع الغربي والجنوب، «القادومية»، أي إنها صالحة فقط للسير على الأقدام ولا يمكن تسميتها باللهجة المحلية «الكروسه».
يجهد العابر لطريق صغبين ــ مشغرة ــ جزين في تجنّب الوقوع في الحفر الكبيرة والصغيرة و«الأخاديد» القاتلة للإطارات المطاطية. وعلى حد وصف مواطن من مشغرة فإن عبور الطريق كمن يعبر حقلاً من الألغام المتنوعة والمتعددة الأحجام والأشكال.
طريق البقاع الغربي ــ جزين تعتبر سالكة اليوم (نسبياً) أمام آليات الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية، ولذا يتجنّب أبناء المنطقتين سلوكها قدر الإمكان، خوفاً من حوادث السير أو «تعطّل» سياراتهم، إذ العبور صعب وغير آمن.
ويسأل رئيس بلدية عين التينة حسن هاشم عن أسباب «خنق» قرى وقطع أوصالها عن البقاع الأوسط والجنوب. ويقول: «منذ ثلاث سنوات وصلت ورش عمل توسيع الطرق إلى صغبين وتوقفت، أما من جهة الجنوب فقد وصلت أشغال طريق صيدا إلى قرى جزين حتى تخوم جنوب البقاع الغربي وهناك توقفت. أما من الجهة الشرقية فقد وصلت أعمال توسعة الطريق إلى مثلث سد القرعون ــ مشغرة ــ سحمر لتبقى مشغرة وقراها شبه معزولة، ما جعلنا شبه محاصرين». ويشير هاشم إلى أن «النواب السابقين كانوا نوعاً ما يلتفتون إلى واقع خدمات المنطقة، بينما النواب الحاليون لا نراهم ولا نسمع أصواتهم، وللأسف توسعة الطريق من البقاع الأوسط إلى منطقة جزين مروراً بمشغرة وعين التينة وميدون وتأهيلها مقرران منذ عام 1980، وها نحن ننتظر الفرج بعد زوال الاحتلال الإسرائيلي».
ويقول رئيس بلدية ميدون إبراهيم ملحم إن «المنطقة خارج الخريطة اللبنانية، ولا يوجد ممثلون حقيقيون لنا لكي يوفّروا الحد الأدنى من الخدمات الإنمائية التي نحتاج إليها، والطريق بالنسبة إلينا أصبحت مسألة حياة أو موت».
تعليقات: